اللّوح المبارك: إلى قراء جريدة واهان – لندن
هو الله
إنّ هذه الشّمس في فلك الأثير تشرق على الآفاق وجميع الكائنات الأرضيّة تنمو وترتقي من فيوضاتها ولو لم تكن حرارة الشّمس وإشراقها لما تكوّنت طبقات الكرة الأرضيّة ولما وجدت المعادن الكريمة ولما حاز هذا التّراب الأسود على قوّة النّموّ ولما ترعرع النّبات ولما نشأ عالم الحيوان ونما ولما تحقّق وجود عالم الإنسان على سطح الغبراء فكلّ هذه المواهب هي من فيض الشّمس الّتي هي آية من آيات قدرة الله سبحانه وتعالى. وعندما تشرق من نقطة الاعتدال يصير العالم عالمًا آخر وترتدي الأقاليم حلّة خضراء وتورق جميع الأزهار وتزدهر وتعطي ثمرًا نضرًا ريّانًا ويسري الدّم في عروق كلّ ذي روح وأعصابه فينال حياة جديدة ويكتسب قوّة جديدة، وكذلك الأمر في شمس الحقيقة الّتي هي الكوكب اللاّمع في عالم العقول والأرواح والنّفوس وهي النّيّر الأعظم لعالم الأفكار والقلوب وهي المربّية للنّوع الإنسانيّ وسبب نموّ وانتعاش الأرواح والعقول والنّفوس وهذا الكوكب الإلهيّ له كذلك طلوع وغروب ونقطة اعتدال وخطّ استواء وبروج متعدّدة.
ولقد مضى الآن عهد طويل على أفول ذلك النّيّر الأعظم وأظلم عالم العقول والنّفوس وفقدت قوّة النّموّ والانتعاش فقدانًا كلّيًّا وانتهت الاكتشافات العقليّة، ولكن لله الحمد تنفّس صبح الحقيقة وسطعت الأنوار من الشّمس وترى أنّ جميع الكائنات تتحرّك وتبدو في كلّ لحظة حياة جديدة وتبهر في كلّ يوم آثار عجيبة فيجب أن يستيقظ النّائمون وأن ينتبّه الغافلون، فحان الوقت للعميان أن يروا وللصّمّ أن يسمعوا وللبكم أن ينطقوا وللأموات أن يبعثوا حتّى تتجلّى للعالم آثار مواهب هذا القرن العظيم ويحيط سرور اليوم العظيم جميع القلوب وتنير أنوار المحبّة الأفئدة والأرواح كي تزول ظلمات الأفكار والقلوب زوالاً كلّيًّا وطابت أرواحكم.
عبد البهاء عبّاس