تجديد النّواميس الإلهيّة

حضرة عبد البهاء
النسخة العربية الأصلية

تجديد النّواميس الإلهيّة

في يوم الخميس الموافق 14 أيلول 1911 ألقى حضرة

عبد البهاء في منزل مسز روزنبرج الخطبة التّالية:

هو الله

الحمد لله أن انعقد هذا المجلس في غاية اللّطف والكمال. وإنّني لآمل أن يتجلّى فيكم مقصد الكتب السّماويّة والرّسل.

إنّ المظاهر الإلهيّة هم أوّل المعلّمين للحقيقة والمروّجين لها، فكلّما انتشرت الظّلمة في العالم وساد الجهل والغفلة أرسل الله رجلاً إلهيًّا. فقد جاء موسى حينما كانت مصر مظلمة يحيط بها الجهل وانعدام المعرفة ويعيش أهلها في منتهى التّوحّش. وكان موسى معلّمًا إلهيًّا فعلّم الآيات الرّبانيّة. وربّى بني إسرائيل، ونجّاهم من الجهل والمذلّة، وبلغ بهم أقصى غايات العزّة فبرعوا في العلوم والفنون، وهيّأ لهم مدنيّة تامّة ونشر بينهم خزائن العالم ثمّ محيت الآثار الإلهيّة رويدًا رويدًا، وغلب على بني إسرائيل الهوى والفكر الشّيطانيّ وأحاطت بهم الظّلمة. فارتفع صوت الأحديّة مرّة أخرى. وأشرقت شمس الحقيقة، وسرت نفثات الرّوح القدس، وهطل غمام الرّحمة، وأضاءت العالم أنوار الهداية فلبس الكون لباسًا جديدًا، وأصبح الخلق خلقًا جديدًا، ونودي بوحدة البشر، وأصبح هذا العالم جنّة عليا. واتّحدت القبائل المختلفة والشّعوب المتنوّعة. وبعد مدّة نسي النّاس هذه النّواميس الإلهيّة، ومحيت هذه النّصائح الرّبّانيّة من صفحة القلوب. ولم تعد هناك تعاليم حقيقيّة. وأحاطت ظلمة الجهل وعدم المعرفة.

والآن جاء حضرة بهاء الله وجدّد الأساس الأصليّ للدّين، وأظهر من جديد تعاليم المسيح الإلهيّة وفضائل العالم الإنسانيّ، فسقى العطشى وأيقظ الغافلين وجعل المحرومين مخازن الأسرار ونشر وحدة العالم الإنسانيّ وأعلام المساواة بين البشر.

فعليكم إذن أن تسعوا بقلوبكم وأرواحكم، وأن تعيشوا بين جميع البشر بالمحبّة، كي يتمّ الاتّحاد الكلّيّ، وتزول التّعصّبات الغاشمة، ويتّحد الجميع.

المصادر
المحتوى
OV