نور الرّوحانيّة

حضرة عبد البهاء
النسخة العربية الأصلية

نور الرّوحانيّة

في يوم الجمعة الموافق 22 أيلول 1911 نظمت مسز جاك ومسز هريك

للأحبّاء والأصدقاء اجتماعًا فألقى فيهم حضرة عبد البهاء الخطبة التّالية:

هو الله

إنّ هذا اليوم بارد وكئيب. ولكنّني حضرت لأنّني مشتاق للقياكم ورؤيتكم. فالتّعب بالنّسبة إلى المحبّ راحة. والمحبّ على استعداد لأن يسافر إلى أي مكان ليزور أصدقاءه.

الحمد لله. إنّني أجدكم روحانيّين موقنين. وإنّني أبلغكم الرّسالة الإلهيّة وهي أنّه يجب عليكم أن تتوجّهوا إليه. والحمد لله إنّكم منه قريبون ولم تمنعكم شؤون الدّنيا عن البحث عن العالم الرّوحانيّ. فإذا كنتم على وفاق مع ذلك العالم الباقي لم تلهكم شؤون هذا العالم الفاني. إنّكم لترغبون في ما لا يموت ولا يفنى ومن ثمّ فأبواب الملكوت مفتوحة بين أيديكم. وإنّني لآمل أن تنتشر التّعاليم الإلهيّة في جميع الأنحاء وتكون سببًا في أن يتّحد جميع أهل العالم.

في أيّام المسيح تدفّق النّور من الشّرق إلى الغرب تدفّقًا جعل النّاس ينضوون تحت الرّاية الإلهيّة، فاستضاءت بصائرهم واستنارت الأقاليم الغربيّة بنور المسيح. وإنّني لأبتهل إلى الله أن يجعل النّور في هذا القرن المجيد يضيء العالم على نحو يجعل الجميع ينضوون تحت علم الوحدة ويفوزون بالتّربية الرّوحانيّة، عندئذٍ تختفي تلك المشكلات الّتي تسبّب الخلافات بين أمم الأرض، لأنّها في الحقيقة غير موجودة، فأنتم جميعًا أمواج محيط واحد ومرايا تعكس صورة شيء واحد.

حقًّا إنّنا نرى دول أوروبّا اليوم تعيش في راحة، لأنّ التّربية والتّعليم انتشرا وعمّا فيها. وإنّ نور الحرّيّة هو نور الغرب، ونيّة الحكومات في الغرب منعقدة على العمل من أجل الحقّ والعدل. إلاّ أنّ نور الرّوحانيّة كان دائمًا ينبثق من الشّرق. وفي هذا اليوم أظلم ذلك النّور وأصبح الدّين مجرد صور وأشكال وطقوس ورسوم، وانعدمت الرّغبة في محبّة الله.

وفي كلّ عصر من عصور الظّلام الشّديد ينبثق النّور من الشّرق. وهكذا جاءكم نور التّعاليم الإلهيّة مرّة أخرى. وكما تنتقل التّربية والتّعليم من الغرب إلى الشّرق تنتقل النّار الرّوحانيّة من الشّرق إلى الغرب.

فأملي هو أن تستضيء أمم الغرب من نور الله، وأن يأتيهم الملكوت وأن يفوزوا بالحياة الأبديّة، وأن تنتشر بينهم روح الله كانتشار النّار وأن يتعمّدوا بماء الحياة ويفوزوا بميلاد جديد.

هذه هي رغبتي. وأملي إن شاء الله أن تتلقّوا النّور الإلهيّ فتسعدوا. وكما توفرت لكم التّربية والتّعليم والرّقيّ المادّيّ آمل أن يكون النّور الإلهيّ من نصيبكم أيضًا.

المصادر
المحتوى
OV