مجلس يتفوّق على مجالس العالم
في يوم السّبت الموافق 4 تشرين الثّاني 1911 ألقى
حضرة عبد البهاء في مجمع الأحبّاء الكلمة التّالية:
هو الله
تتشكّل في أوروبّا مجامع كثيرة كمجالس التّجارة والزّراعة والمعارف والسّياسة والجغرافيا. وكلّ هذه المجامع مؤلّفة لخدمة العالم المادّيّ، ومن أجل الرّقي المادّيّ. وليس لأحدها نصيب من عالم الرّوحانيّات، فهي ناسوتيّة وليست لاهوتيّة وهي جسمانيّة وليست روحانيّة، وهي أرضيّة وليست سماويّة.
أمّا المجلس الّذي يتشكّل الآن في باريس –أعني مجلسكم هذا- فله نصيب من الفيض الإلهيّ، ففيه الإحساسات الرّوحانيّة، وتنيره الأنوار الملكوتيّة، ويتعالى فيه النّداء السّماويّ، وتتضوّع فيه المحبّة الإلهيّة، وترتبط فيه القلوب بعضها ببعض، وتستبشر فيه الأرواح بالبشارات الإلهيّة وتتوجّهون فيه إلى الملكوت الإلهيّ، ونهاية الآمال فيه وحدة العالم الإنسانيّ. هذا مجلس منوّر معطّر. وهو سبب هبوب المحبّة في القلوب لأنّه مؤيّد بالقوى الإلهيّة. وهذا المجلس حيّ بنفثات الرّوح القدس. وهو يتّسع يومًا فيومًا وسيصل عما قريب إلى درجة تجعله يتفوّق على جميع مجالس العالم.
إذن فاعلموا أنّكم مشمولون بالألطاف الإلهيّة. فقد اختاركم الله لمحبّته، ولتوحيد عالم البشر ولمحبّة القلوب وللإحساسات الرّوحانيّة، وللتقرّب إلى الأعتاب الإلهيّة. إذن فاشكروا الله لأنَّه شملكم بمثل هذا الفضل وبذل لكم مثل هذه العناية ولو أنّكم أنفقتم حياتكم في شكر الله لما وفيتم حقّ هذه المهمّة.
لا تنظروا إلى ما أنتم عليه اليوم. فهذا أشبه بالبذرة الّتي غرست في بطن الأرض والّتي لا تبدو لها أهميّة في البداية. إلاّ أنّ كلّ بذرة تصبح شجرة تؤتي أُكلها. عند ذاك يعرف قدرها وأهميّتها.
إذن فاعلموا أن الله قد توّج رؤوسكم بتاج الموهبة، وأطلع من أفق قلوبكم كوكبًا نورانيًّا سوف يحيط بهذا الإقليم في النّهاية.
سعدت أرواحكم.