محبّة اللّه
في يوم الأربعاء الموافق 8 تشرين الثّاني 1911 أيضًا
ألقى حضرة عبد البهاء الخطبة التّالية في منزله المبارك:
هو الله
يحيا الإنسان والحيوان والنّبات جميعًا –بل والجماد- بالماء. ولقد ثبت أنّ الجماد يحيا بالماء الشّفّاف المتجمّد. فمن الاكتشافات الحديثة أنّ للجماد حياة أيضًا، وأنّ حياته بالماء المتجمّد الشّفّاف.
إذن فالماء هو سبب الحياة. ولهذا يقول السّيّد المسيح إنّه لا بدّ من التّعميد بالماء والرّوح، أي بذلك الشّيء الّذي هو سبب الحياة الأبديّة. وهذ الماء هو عين النّار أي محبّة الله. فمحبّة الله –لأنّها تحرق الحجب والأستار- يقال لها النّار، ولأنّها سبب الحياة يقال لها الماء. والواقع أنّ محبّة الله هي حقيقة فضائل العالم الإنسانيّ بها تتطهّر طينة البشر، وبمحبّة الله ينجو الإنسان من نقائص العالم الإنسانيّ. وبمحبّة الله أيضًا يرتقي في عالم الفضائل، فتصبح هي سببًا لنورانيّة العالم، ولوحدة جميع البشر. إنَّ محبّة الله دواء لكلّ داء، ومرهم لكلّ جرح. ومحبّة الله سبب سعادة عالم البشر. وبها يفوز الإنسان بالحياة الأبديّة والسّعادة السّرمديّة.
فيجب علينا إذن أن نحصر سعينا وجهدنا في أن نكون تجسيدًا لمحبّة الله. ذلك لأنَّ محبّة الله هي حقيقة جميع الأديان. وهي أساس تعاليم عالم الإنسان.
فبمحبّة الله حطّم إبراهيم الأصنام. وبمحبّة الله فاز إﺴﺤﻕ بالبركة. وبمحبّة الله أصبح يعقوب إسرائيل. وبمحبّة الله أصبح يوسف عزيز مصر. وبمحبّة الله نجّى موسى بني إسرائيل. وبمحبّة الله وهب السّيّد المسيح الحياة الأبديّة. وبمحبّة الله رفع محمّد العرب من أسفل دركات الجهل إلى أعلى درجات العلم. وبمحبّة الله ضحّى حضرة الباب بنفسه وبشّر بظهور حضرة بهاء الله وعرَّض صدره لألف رصاصة. وبمحبّة الله أشرق حضرة بهاء الله على الشّرق والغرب.
فيجب عليكم إذن أن تحصروا فكركم وذكركم وتقضوا كلّ وقتكم في أمر واحد، ألا وهو أن تصبحوا مظاهر محبّة الله.