الاتّحاد والأخوّة
ألقيت في يوم الثّلاثاء الموافق 22 نيسان سنة 1912
في منزل جناب علي قلي خان في واشنطن
هو الله
الحمد لله لقد انقضت القرون المظلمة وجاء قرنٌ نورانيّ.
إنّ العقول والنّفوس في ارتقاء وإنّ الإدراكات في تزايد وكلّ إنسان يتحرّى الحقيقة وكلّ إنسان يريد أن يدرك ما هو صحيح وسبب لترقّيه.
ففي عالم المرأة هناك هياج عظيم ومنتهى آمالهنّ ورغباتهنّ هو الارتقاء وخدمة العالم الإنسانيّ. ولا شكّ أنّ النّساء سوف يرتقين في هذا العصر وهنّ يجهدن حتّى يلحقن بالرّجال ويكنّ وإيّاهم في مستوى واحد، إنّ هذه النّيّة لعظيمة فلو وصلن إلى الرّقيّ والاقتدار فإنّهنّ سوف يقمن بكثير من الأمور الّتي لا يستطعن الآن النّهوض بها.
إنّ أعظم مصائب العالم هي الحرب في هذا اليوم. فلا راحة في العالم الإنسانيّ والحروب مستمرّة لأنّ جميع الدّول تتهيّأ للحرب بصورة مستمرّة وتصرف الأموال كلّها على الحرب.
إنّ الفلاح المسكين يجهد ليلاً ونهارًا بكدّ اليمين وعرق الجبين حتّى يحصل على بضع حبوب ليدّخرها ولكن ما الفائدة؟ فحاصلاته تتحوّل إلى تجهيزات حربيّة وتنفق على المدافع والبنادق والذّخائر والسّفن الحربيّة.
وبينما هذه الحروب الماليّة مستمرّة على الدّوام لاحظوا كذلك إبادة النّفوس في ساحات الحروب وكيف تطؤها الأقدام.
إنّ الحرب وإبادة النّفوس محدودة ومحصورة ولكنّ الحرب الماليّة دائمة وعامّة ويرجع ضررها إلى النّاس بل يتضرّر منها جميع العالم الإنسانيّ.
فالآن وقد تحرّكت المرأة في هذا القرن فإنّها يجب أن تضع نصب عينيها قضيّة الصّلح العموميّ كي تتجلّى وحدة العالم الإنسانيّ وتظهر الفضائل البشريّة وترتبط قلوب الملل وينبذ التّعصّب الدّينيّ والمذهبيّ ويزول التّعصّب العنصريّ ولا يبقى التّعصّب السّياسيّ ويزول التّعصّب الوطنيّ لأنّ الجامعة البشريّة عائلة واحدة وأنّ جميع أولاد آدم أبناء الله وأنّ جميع الممالك كرة واحدة ووطن واحد وأنّ جميع الأمم عبيد إله واحد وقد خلق الله الجميع وهو يحفظ الجميع ويرزقهم ويعتني بهم وأنّ ألطافه شاملة للكلّ ورحمته نازلة على الكلّ وما دام هو عادلاً ورؤوفًا فلماذا نقوم بالظّلم والطّغيان؟ أفهل نحن أعرف من الله وأعلم بالأمور منه؟ أستغفر الله بل إنّه عادل ورؤوف. ولماذا لا نكون رؤوفين؟
فأنتنّ يا جماعة النّساء اجهدن حتّى تحصل القلوب على ارتباط وطيد وليجهد الجميع متكاتفين في خير العالم حتّى يتجلّى شرف العالم الإنسانيّ.
ولاحظوا لو ائتلف أهل بيت واحد في ما بينهم فكم يكون ذلك نافعًا لهم؟ ولو اتّفق أهل مدينة في ما بينهم واتّحدوا فكم يكون ذلك سببًا في تعاونهم وتعاضدهم؟ وسببًا في نتائج كلّيّة وفي الحصول على العزّة والثّروة لعموم أفرادها؟ وكذا لو اتّحد أهل إقليم واحد فما أكثر التّرقّيات الّتي ينالونها؟ وما أكثر العزّة والسّعادة الّتي يحصلون عليها؟
فحينما اتّحدت الأمّة الأمريكيّة كم أصبح ذلك سببًا في سعادتها ورقيّها ومدنيّتها؟ ولو لم يكن هذا الاتّحاد والاتّفاق بين الولايات المتّحدة لما حصلت هذه التّرقّيات والعلوم والمخترعات والرّفعة ثمّ قيسوا على هذا لو اتّفقت جميع الملل واتّحدت فماذا ستكون الحال؟
لا شكّ أنّ هذا العالم سوف يصبح جنّة الأبهى ويحصل كمال الرّاحة والاطمئنان ويحصل الفلاح العظيم وتنال جميع المذاهب وحدة واتّفاقا وأخوّة ويتعانق الشّرق والغرب والشّمال والجنوب ويتموّج علم وحدة العالم الإنسانيّ وترتفع خيمة الصّلح العمومي ويبلغ الأسماع تهليل الملأ الأعلى وتمجيدهم.
لهذا فحضراتكنّ السّيّدات المحترمات العالمات المحبّات للخير يجب أن تجهدن ليلاً ونهارًا حتّى يرتفع علم الوحدة والاتّحاد هذا في أمريكا ويسري إلى سائر الجهات حتّى يتطوّر العالم ويتجلّى كماله.