التّربية الرّوحانيّة

حضرة عبد البهاء
أصلي عربي

التّربية الرّوحانيّة

الخطبة المباركة ألقيت في نيويورك في 16 حزيران 1912

هو الله

إنّ العالم المادّيّ مهما يرتقِ فإنّه يبقى محتاجًا لإرشادات الرّوح القدس وذلك لأنّ كمالات العالم المادّيّ محدودة والكمالات الإلهيّة غير محدودة وبما أنّ الكمالات المادّيّة محدودة فالإنسان يحتاج إلى الكمالات الإلهيّة لأنّها غير محدودة. لاحظوا التّاريخ البشريّ تروا أنّ الكمالات المادّيّة مهما بلغت من المنزلة العليا فإنّها كانت أيضًا محدودة أمّا الكمالات الإلهيّة فإنّها غير محدودة لا انتهاء لها. ولهذا فإنّ المحدود يفتقر دومًا إلى غير المحدود والمادّيّات تفتقر دومًا إلى الرّوح والعالم الجسمانيّ يفتقر إلى نفثات الرّوح القدس، فالجسد بدون روح لا ثمرة له ومهما يكن الجسد في نهاية اللّطافة فإنّه يفتقر إلى الرّوح وإنّ القنديل مهما يكن لطيفًا فإنّه يحتاج إلى سراج والجسد لا يثمر بدون وجود الرّوح، إنّ تعليم المعلّم الجسمانيّ محدود وتربيته محدودة فقد قال الفلاسفة بأنّهم مربّون للبشر ولكنّكم إذا نظرتم إلى التّاريخ البشريّ ترون أنّهم استطاعوا فقط تربية أنفسهم ونفر قليل ولكنّهم ما استطاعوا تربية المجموع أمّا الرّوح القدس فيقوم بتربية الجميع، مثال ذلك حضرة المسيح الّذي ربّى الجميع ونجّى أممًا كثيرة من أسرعبادة الأوثان وهدى الجميع إلى الوحدانيّة الإلهيّة وجعل المظلمين نورانيّين والجسمانيّين روحانيّين وأنار عالم الأخلاق وجعل النّفوس الأرضيّة سماويّة وهذا لا يتمّ بقوّة الفلاسفة بل يتمّ بقوّة الرّوح القدس. ولهذا فمهما يرتقِ العالم الإنسانيّ فليس من الممكن أن يصل درجة الكمال إلا بتربية الرّوح القدس ولهذا أوصيكم أن تفكّروا في أمر التّربية الرّوحانيّة فكما بلغتم في المادّيّات هذه الدّرجة فكذلك اجهدوا حتّى ترتقوا في المدنيّة الرّوحانيّة وتنالوا إحساسات روحانيّة وتتوجّهوا إلى الملكوت وتستفيضوا من الرّوح القدس وتكسبوا القوّة المعنويّة حتّى تتجلّى رفعة العالم الإنسانيّ وتحصل السّعادة الكلّيّة وتنالوا الحياة الأبديّة وتلتمسوا العزّة السّرمديّة وتولدوا ولادة ثانية وتصبحوا مظاهر الألطاف الرّبانيّة وناشرين للنّفحات الرّحمانيّة.

المصادر
المحتوى
OV