أن يا ملوك المسيحيّة أما سمعتم ما نطق به الرّوح بأنّي ذاهب وآت فلمّا أتى في ظلل من الغمام لم ما تقرّبتم به لتفوزوا بلقائه وتكوننّ من الفائزين، وفي مقام آخر يقول فإذا جاء روح الحقّ الآتي فهو يرشدكم وإذا جاءكم بالحقّ ما توجّهتم إليه وكنتم بلعب أنفسكم لمن اللّاعبين، وما استقبلتم إليه وما حضرتم بين يديه لتسمعوا آيات الله من لسانه وتطّلعوا بحكمة الله العزيز الحكيم، وبذلك منعت نسمات الله عن قلوبكم ونفحات الله عن فؤادكم وكنتم في وادي الشّهوات لمن المحبرين، فوالله أنتم وما عندكم ستفنى وترجعون إلى الله وتسئلون عمّا اكتسبتم في أيّامكم في مقرّ الّذي تحشر فيه الخلائق أجمعين...
أن يا أيّها الملوك قد قضت عشرين من السّنين وكنّا في كلّ يوم منها في بلاء جديد وورد علينا ما لا ورد على أحد قبلنا إن أنتم من السّامعين، بحيث قتلونا وسفكوا دماءنا وأخذوا أموالنا وهتكوا حرمتنا وأنتم سمعتم أكثرها وما كنتم من المانعين، بعد الّذي ينبغي لكم بأن تمنعوا الظّالم عن ظلمه وتحكموا بين النّاس بالعدل ليظهر عدالتكم بين الخلائق أجمعين، إنّ الله قد أودع زمام الخلق بأيديكم لتحكموا بينهم بالحقّ وتأخذوا حقّ المظلوم عن هؤلاء الظّالمين، وإن لن تفعلوا بما أمرتم في كتاب الله لن يذكر أسماؤكم عنده بالعدل وإنّ هذا لغبن عظيم، أتأخذون حكم أنفسكم وتدعون حكم الله العليّ المتعالي القادر القدير، دعوا ما عندكم وخذوا ما أمركم الله به ثمّ ابتغوا الفضل من عنده وإنّ هذا لسبيل مستقيم ثمّ التفتوا إلينا وبما مسّتنا البأساء والضّرّاء ولا تغفلوا عنّا في أقلّ من آن ثمّ احكموا بيننا وبين أعدائنا بالعدل وإنّ هذا لخير مبين، كذلك نقصّ عليكم من قصصنا وبما قضى علينا لتكشفوا عنّا السّوء فمن شاء فليكشف ومن لم يشأ إنّ ربّي لخير ناصر ومعين. أن يا عبد ذكّر العباد بما ألقيناك ولا تخف من أحد ولا تكن من الممترين، فسوف يرفع الله أمره ويعلو برهانه بين السّموات والأرضين، فتوكّل في كلّ الأمور على ربّك وتوجّه إليه ثمّ أعرض عن المنكرين، فاكف بالله ربّك ناصرا ومعين إنّا كتبنا على نفسنا نصرك في الملك وارتفاع أمرنا ولو لن يتوجّه إليك أحد من السلاطين.