قل يا قوم، هل ينبغي لأحد أن ينسب نفسه إلی ربّه الرّحمن ويرتكب في نفسه ما يرتكبه الشّيطان لا فو طلعة السّبحان لو أنتم من العارفين قدّسوا قلوبكم عن حبّ الدّنيا ثمّ ألسنكم عن ذكر ما سويٰه ثمّ أركانكم عن كلّ ما يمنعكم عن اللّقا ويقرّبكم إلی ما يأمركم به الهوى اتّقوا اللّه يا قوم وكونوا من المتّقين قل يا قوم أنتم إن تقولوا ما لا تفعلوا فما الفرق بينكم وبين الّذينهم قالوا اللّه ربّنا فلمّا جائهم علی ظلل القدس إذا كفروا به وكانوا من المنكرين خلّصوا أنفسكم عن الدّنيا وزخرفها إيّاكم أن لا تقرّبوا بها لأنّها يأمركم بالبغي والفحشاء ويمنعكم عن صراط عزّ مستقيم ثمّ اعلموا بأنّ الدّنيا هي غفلتكم عن موجدكم واشتغالكم بما سويٰه والآخرة ما يقرّبكم إلی اللّه العزيز الجميل وكلّما يمنعكم اليوم عن حبّ اللّه إنّها لهي الدّنيا أن اجتنبوا منها لتكوننّ من المفلحين إنّ الّذي لن يمنعه شيء عن اللّه لا بأس عليه لو يزيّن نفسه بحلل الأرض وزينتها وما خلق فيها لأنّ اللّه خلق كلّ ما في السّموات والأرض لعباده الموحّدين كُلُوا يا قوم ما أحلّ اللّه عليكم ولا تحرّموا أنفسكم عن بدايع نعمائه ثمّ اشكروه وكونوا من الشّاكرين يا أيّها المهاجر إلی اللّه بلّغ النّاس رسالات ربّك لعلّ يمنعهم عن شطر النّفس والهوى ويذكّرهم بذكر اللّه العليّ العظيم قل يا قوم اتّقوا اللّه ولا تسفكوا الدّماء ولا تتعرّضوا مع نفس وكونوا من المحسنين إيّاكم أن لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ولا تتّبعوا سبل الغافلين ومنكم من أراد أن يبلّغ أمر مولاه فلينبغي له بأن يبلّغ أوّلا نفسه ثمّ يبلّغ النّاس ليجذب قوله قلوب السّامعين ومن دون ذلك لن يؤثّر قوله في أفئدة الطّالبين إيّاكم يا قوم لا تكوننّ من الّذين يأمرون النّاس بالبرّ وينسون أنفسهم أولئك يكذّبهم كلّما يخرج من أفواههم ثمّ حقايق الأشياء ثمّ ملئكة المقرّبين وإن يؤثّر قول هؤلاء في أحد هذا لم يكن منهم بل بما قدّر في الكلمات من لدن مقتدر حكيم ومثلهم عند اللّه كمثل السّراج ليستضيء منه العباد وهو يحترق في نفسه ويكون من المحترقين قل يا قوم لا ترتكبوا ما يضيّع بهحرمتكم وحرمة الأمر بين العباد وتكوننّ من المفسدين ولا تقربوا ما ينكره عقولكم أن اجتنبوا الإثم وإنّه حرّم عليكم في كتاب الّذي لن يمسّه إلّا الّذين طهّرهم اللّه عن كلّ دنس وجعلهم من المطهّرين أن اعدلوا علی أنفسكم ثمّ علی النّاس ليظهر آثار العدل من أفعالكم بين عبادنا المخلصين إيّاكم أن لا تخانوا في أموال النّاس كونوا أمناء بينهم ولا تحرموا الفقراء عمّا آتاكم اللّه من فضله وإنّه يجزي المنفقين ضعف ما انفقوا إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر يعطي من يشاء ويمنع عمّن يشاء وإنّه لهو المعطي الباذل العزيز الكريم قل يا ملأ البهاء بلّغوا أمر اللّه لأنّ اللّه كتب لكلّ نفس تبليغ أمره وجعله أفضل الأعمال لأنّها لن يقبل إلّا بعد عرفان اللّه المهيمن العزيز القدير وقدّر التّبليغ بالبيان لا بدونه كذلك نزل الأمر من جبروت اللّه العليّ الحكيم إيّاكم أن لا تحاربوا مع نفس بل ذكّروها باليبان الحسنة والموعظة البالغة إن كانت متذكّرة فلها وإلّا فأعرضوا عنها ثمّ اقبلوا إلی شطر القدس مقرّ قدس منير ولا تجادلوا للدّنيا وما قدّر فيها بأحد لأنّ اللّه تركها لأهلها وما أراد منها إلّا قلوب العباد وإنّها يسخّر بجنود الوحي والبيان كذلك قدّر الأمر من أنامل البهاء علی لوح القضاء من لدن مقضيّ عليم.