وأمّا ما سألت عن الفطرة فاعلم بأنّ کلّ النّاس قد خلقوا علی فطرة الله المهیمن القیّوم وقدّر لکلّ نفس مقادیر الأمر علی ما رقم في ألواح عزّ محفوظ ولکن یظهر کلّ ذلک بإرادات أنفسکم کما أنتم في أعمالکم تشهدون مثلاً فانظر فیما حرّم علی العباد فی الکتاب من شيء کما أنتم في البیان تنظرون بحیث أحلّ الله ما أراد بأمره وحرّم ما شآء بسلطانه قل کلّ ذلک في الکتاب أفلا تشهدون ولکنّ النّاس بعد علمهم عمّا نهوا عنه هم یرتکبون هل ینسب هذا إلی الله أو إلی أنفسهم إن أنتم تنصفون قل ما من حسنة إلّا من عند الله وما من سیّئة إلّا من أنفسکم أفلا تعرفون وهذا ما نزل في کلّ الألواح إن أنتم تعلمون بلی إنّه عالم بأعمالکم قبل ظهورها کما هو عالم بعد ظهورها وإنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وکلّ عنده في ألواح قدس مکنون وهذا العلم لم یکن علّة الفعل في خلقه کما إنّ علمکم بشيء لم یکن علّة لظهوره فیما أردتم أو تریدون وعلمتم أو تعلمون...