بِاسْمِ اللهِ الْغَنِيِّ الْمُتَعَالِ فَيا إِلهِيْ فِيْكُلِّ الَّليالِيْ أَحْتَرِقُ بِنارِ

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

بِاسْمِ اللهِ الْغَنِيِّ الْمُتَعَالِ

فَيا إِلهِيْ فِيْكُلِّ الَّليالِيْ أَحْتَرِقُ بِنارِ فِرَاقِكَ وَفِيْ كُلِّ الأَيَّامِ أَبْتَهِجُ بِبَدائِعِ إِفْضالِكَ وَفِي الَّليْلِ أَبْكِيْ عَنْ يَأْسِيْ عَنْ مَواقِعِ نَصْرِكَ وعِنَايَتِكَ وَفِي النَّهارِ أَضْحَكُ مِنْ رَجَائِيْ بِبَدائِعِ جُوْدِكَ وَإِحْسَانِكَ، فَسُبْحَانَكَ يا إِلهِي مَضَى كُلُّ الأَيَّامِ وَما قُضِيَ الْبَلايا عَنْ أصْفِيائِكَ، وَكُلُّ أَمْرٍ انْتَهَى وَما تَنْتَهِي الرَّزايا لأُمَنَائِكَ، كَأَنَّ الضَّرَّاءَ صَارَتْ قَدِيْمًا بِقِدَمِ ذاتِكَ وَالْبَأْساءَ مُقِيْمًا بِقِيامِ نَفْسِكَ بِحَيْثُ يَتَغَيَّرُ كُلُّشَيْءٍ فِيْ مَمْلَكَتِكَ إِلاَّ الْبَلِيَّةَ عَنْ أَحِبَّتِكَ وَكُلُّ اْلأَشْياءِ حادِثَةٌ فِيْ مُلْكِكَ إلاَّ اْلذِّلَّةَ عَنْ صَفْوَتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوْبِيْ قَدْ بَلَغَ الذِّلَّةُ إِلى النِّهايَةِ وَوَرَدَ مِنَ الْجُهَّالِ ما لا يُذْكَرُ بِالْمَقَالِ يا مَنْ إِلَيْكَ يَنْتَهِي الْفَضْلُ وَالإِفْضَالُ وَإِنَّكَ أَنْتَ ذُوْ الْجَمالِ وَالإِجْلالِ، أَما تَنْظُرُ يا إِلهِيْ إِلى أَحِبَّتِكَ بِلِحاظِ عُطُوْفَتِكَ وَأَما تَلْتَفِتُ يا رَجَائِيْ إِلى بَرِيَّتِكَ بِنَظَراتِ مَكْرُمَتِكَ، هَلْ غَيْرُكَ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَهْرُبُوا مِنْكَ إِلَيْهِ وَهَلْ دُوْنَكَ مِنْ سُلْطانٍ حَتَّى يَرِدُوا عَلَيْهِ، لا فَوَعِزَّتِكَ، وَإِنِّيْ مِنْ قِبَلِ مُحِبِّيْكَ أَشْهَدُ لَهُمْ حِيْنَئِذٍ لَدَيْكَ بِأَنَّهُمْ ما أَرَادُوا غَيْرَكَ وَما عَبَدُوا سِواكَ وَما عَرَفُوا دُوْنَكَ وَانْقَطَعُوا عَنْ كُلِّ الجِهاتِ إِلى وَجْهِ فَرْدانِيَّتِكَ وَخَرَجُوا عَنْ كُلِّ الدِّيارِ حَتَّى دَخَلُوا دِيارَ صَمَدانِيَّتِكَ، إِلى مَتَى يا إِلهِيْ لا تُرْسِلُ عَلى قُلُوْبِهِمْ أَرْياحَ رَحْمَتِكَ وَلا تَهُبُّ عَلى نُفُوْسِهِمْ نَسَماتِ جُوْدِكَ وَلُطْفِكَ، أَما وَعَدْتَ يا سَيِّدِيْ بِأَنْ تَجْمَعَ الْمُنْقَطِعِيْنَ فِيْ جِوارِ رَحْمَتِكَ الْكُبْرَى وأَما وَعَدْتَهُمْ مَكْمَنَ الأَمْنِ فِيْ ظِلِّ اسْمِكَ الأعْلى، إِذًا فَاقْضِ بِما وَعَدْتَ ثُمَّ أَظْهِرْ كُلَّما عَهِدْتَ إِذْ إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ وَقَاضِيْ حَوَائِجِ الطَّالِبِيْنَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي وَرَبِّيْ بِأَنِّيْ لا أَشْكُو لِنَفْسِيْ وَلا أَجْزَعُ لِذَاتِيْ وَلا أَحْزَنُ لِجِسْمِيْ، لأَنِّيْ فِيْ يَوْمِ الَّذِيْ عَرَّفْتَنِيْ نَفْسَكَ وأَشْرَبْتَنِيْ خَمْرَ جَمَالِكَ قَدْ أَنْفَقْتُ رُوْحِيْ لِرُوْحِكَ وَذَاتِيْ لِذَاتِكَ وَجِسْمِيْ لِجِسْمِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ ما وَرَدَ عَلَيَّ فِيْ سَبِيْلِكَ وَما مَسَّنِيْ مِنْ مَجارِي قَضَائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لَنْ أَقْدِرَ أَنْ أَذْكُرَهُ بَيْنَ يَدَيْكَ وَلا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَسْمَعَهُ مِنْ أَحِبَّتِكَ، وَفِيْ كُلِّ ألأَحْوالِ كُنْتُ شَاكِرًا بِنِعْمَتِكَ وَرَاضِيًا بِقَضائِكَ بَلْ كُنْتُ مُنْتَظِرًا لِسِيُوفِ أَعْدَائِكَ فِيْ سَبِيْلِكَ وَسِهامِ قَضائِكَ فِيْ مَحَبَّتِكَ وَما حَفِظْتُ نَفْسِيْ أَقَلَّ مِنْ ساعَةٍ، وَكُنْتُ كَالنَّارِ الْمُشْتَعِلَةِ بَيْنَ عِبَادِكَ الْفُسَقاءِ وكَالسِّرَاجِ الْمُنِيْرَةِ بَيْنَ يَدَيِّ الأَعْدَاءِ وكَالشَّمْسِ الْبَازِغَةِ فَوْقَ رُأُوسِ الأَشْقِياءِ، وَهُمْ فِيْ كُلِّ يَوْمٍ يُشاوِرُوْنَ فِيْ خُرُوْجِيْ وَفِيْ كُلِّ لَيْلٍ يَجْتَمِعُوْنَ عِلى قَتْلِيْ، وَأَنا أَقُوْلُ يا إِلهِيْ زِدْ فِيْ كُفْرِهِمْ وَغَفْلَتِهِمْ ثُمَّ فِيْ شِرْكِهِمْ وَشَقْوَتِهِمْ لِيَقْرُبَ بِذلِكَ لِقائِيْ بِكَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ وَأَرِدَ عَلَيْكَ لأَنَّ هَذا أَمَلِيْ مِنْكَ وَرَجائِيْ بِكَ، وَلَكِنْ يا إِلهِيْ لَمَّا أُشاهِدُ اضْطِرابَ أَحِبَّتِكَ وَقَلَقَ بَرِيَّتِكَ أَحْزَنُ فِيْ نَفْسِيْ عَلى قَدْرِ الَّذِيْ لَنْ يُحْصَى ذِكْرُهُ وَلَنْ يَتِمَّ بِالْقَلَمِ أَمْرُهُ، وَإِنَّكَ لَوْ كَشَفْتَ لَهُمْ حُجُبَاتِ الأَمْرِ كَما كَشَفْتَ لِعَبْدِكَ هَذا ما اضْطَرَبُوا فِيْ مَوارِدِ بَلائِكَ وَما يَتَبَلْبَلُوا فِيْ مَجارِيْ قَضَائِكَ، وَلَكِنْ حَجَبْتَ عَنْهُمْ بِعِلْمِكَ الْمُحِيْطَةِ وَكَشَفْتَ لِعَبْدِكَ الْفانِيَةِ، لِذا أُقْسِمُكَ يا مَحْبُوْبِيْ بِمَظْهَرِكَ الأَعْلَى وَمَراياكَ الْحاكِيَةِ عَنْهُ وَمِرْآتِكَ الأَزَلِيَّةِ الأَسْنَى وَأَلْسُنِ النَّاطِقَةِ بِهِ بِأَنْ تَجْعَلَنا مِنَ الْوارِدِيْنَ فِيْ شَاطِئِ انْقِطَاعِكَ وَالنَّازِلِيْنَ إِلى مَدِيْنَةِ إِفْضالِكَ وَالشَّارِبِيْنَ عَنْ كَأْسِ جَمالِكَ وَالْمُسْتَرِيْحِيْنَ عَلى بِساطِ إِجْلالِكَ إِذْ بِيَدِكَ مَلَكُوْتُ كُلِّشَيْءٍ وَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيْزُ الْفَرْدُ الْمُتَعالِي الْقَيُّوْمُ.

المصادر
المحتوى
OV