هو البهيّ الأبهى
أَنْ يا حَبِيْبُ إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكَ مِنْ قَبْلُ أَلْواحًا وَفِيْها ما يُغْنِي الْعالَمِيْنَ جَمِيْعًا، وَما حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْنا أَثَرٌ مِنْكَ لِذا أَمْسَكْنا الْقَلَمَ إِتْمامًا لِمِيْقاتِ رَبِّكَ فَلَمَّا تَمَّتْ نَزَّلْنا إِلَيْكَ الآياتِ مِنْ جَبَرُوْتِ قُدْسٍ عَلِيًّا، أَنْ يا حَبِيبُ عَرِّجْ إِلى الْمِعْراجِ وَلا تَخَفْ مِنْ أَحَدٍ فَتَوَكَّلْ فِيْ كُلِّ حِيْنٍ إِلى جَمالِ عِزٍّ مَنِيْعًا، ثُمَّ اخْرُقِ الأَحْجابَ بِأَمْرٍ مِنْ عِنْدِنا وَقُمْ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ على هَذهِ الْكَلِمَةِ الَّتِيْ كانَتْ عَنْ جِهَةِ الْعَرْشِ مَذْكُوْرًا، فَاخْرُقْ حُجُباتِ النَّاسِ بِما أَعْطاكَ اللهُ لَعَلَّ تَشْتَعِلُ بِذَلِكَ نارُ اللهِ فِيْ كُلِّ ما سِواهُ وَتَنْطِقُ الرُّوْحُ فِيْ كُلِّ شَيْءٍ بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنا الْمُقْتَدِرُ على ما أَشاءُ وَإِنِّيْ قَدْ كُنْتُ عَنِ الْعالَمِيْنَ غَنِيًّا، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّا لَمَّا وَجَدْنا النَّاسَ فِيْ وَهْمِ الْجَهْلِ وَسُكْرِ الْهَوَى أَرْفَعْنا ذَيْلَ السِّتْرِ بِأَنامِلِ الأَمْرِ أَقَلَّ عَمَّا يُحْصَى إِذًا ارْتَفَعَتْ ضَجِيْجُ الطُّوْرِيُّوْنَ على سِيْناءِ الْوُقُوْفِ وَشُقَّتْ أَسْتارُ الأَبْرارِ وَانْصَعَقَ كُلُّ اسْمٍ مَعْرُوْفًا، وَقامُوا عَلَيَّ عِبادُ الَّذِيْنَهُمْ خُلِقُوا بِأَمْرِيْ وَرَجَعُوا إِلى ما كانُوا وَكَذَلِكَ كانَ الشَّيْطانُ عَنْ نَفْسِ الرَّحْمنِ مَحْجُوْبًا، وَإِنَّكَ أَنْتَ فَاخْرُجْ عَنْ خَلْفِ قَمِيْصِ السَّتْرِ ثُمَّ افْتَحِ اللِّسانَ عَلى الْبَيانِ وَإِنَّ الرُّوْحَ يُؤَيِّدُكَ مِنْ لَدُنْ عَزِيْزٍ قَيُّوْماٍ، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ الَّذِيْنَهُمْ كانُوا مَحْجُوْبًا خَلْفَ الْحِجابِ خَوْفًا لأَنْفُسِهِمْ فَلَمَّا أَرْفَعْنا الأَمْرَ وَهَبَّتْ رَوائِحُ الاطْمِئْنانِ عَنْ شَطْرِ الرَّحْمنِ إِذًا قامُوا عَلَيَّ بِسُيُوْفِ الْبَغْضاءِ وَما اسْتَحْيُوا عَنِ الله الَّذِيْ خَلَقَهُمْ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُوْنًا، كَذَلِكَ كانَ بَغْيُهُمْ عَلَيَّ وَطُغْيانُهُمْ عَلى اللهِ الَّذِيْ خَلَقَ كُلَّشَيْءٍ بِأَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ وَإِنَّهُ كانَ عَلى كُلِّشَيْءٍ مُحِيْطًا، قُلْ يا قَوْمِ تَاللهِ أَنْتُمْ وَمَنْ عَلى الأَرْضِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الله إِلاَّ كَسَوادِ عَيْنِ نَمْلَةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَكَفَى بِنَفْسِ رَبِّكَ عَلى ذَلِكَ شَهِيْدًا، إِنَّ الَّذِيْنَ اشْتَعَلَتْ فِيْ صُدُوْرِهِمْ نارُ الْبَغْضاءِ أُولَئِكَ اتَّخَذُوا الرِّياساتِ لأَنْفُسِهِمْ أَرْبابًا مِنْ دُوْنِ الله فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُوْنَ أَنْ يَفْقَهُوْنَ حَدِيْثًا، أنْ يا حَبِيْبُ فَلَمَّا نَزَلَتْ جُنُوْدُ إِلْهامِ رَبِّكَ فِيْ قُمُصِ الآياتِ إِذًا اسْوَدَّتْ وُجُوْهُ الَّذِيْنَهُمُ اسْتَكْبَرُوا عَلى اللهِ وَكانُوا عَنْ خِباءِ الأَمْنِ بَعِيْدًا، وَغَرَّتْهُمُ الرِّياسَةُ فِيْ أَنْفُسِهِمْ إِلى أَنْ كَفَرُوا بِما آمَنُوا وَكانُوا على طُغْيانٍ مُبِيْنًا، وَإِنَّكَ أَنْتَ خُذْ زِمامَ الأَمْرِ بِقُدْرَةٍ مِنْ لَدُنَّا وَلا تَصْبِرْ وَلا تَصْمُتْ لأَنَّ الصَّمْتَ مَحْبُوْبٌ إِلاَّ فِيْ ذِكْرِ رَبِّكَ كَذَلِكَ كانَ الأَمْرُ مِنْ سَحابِ الْفَضْلِ مَنْزُوْلاً، قَدِّسْ ذَيْلَ التَّقْدِيْسِ عَنْ مَسِّ الْمُشْرِكِيْنَ ثُمَّ اسْتَقِمْ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ بِقُدْرَةٍ مَنِيْعًا، تَاللهِ مَنْ يَثْبُتْ على حُبِّيْ تَنْزِلْ رُوْحُ الأَعْظَمُ عَلى قَلْبِهِ وَتَنْطِقْ رُوْحُ الْقُدْسِ على لِسانِهِ وَتُؤَيِّدْهُ فِيْ كُلِّ حِيْنًا، قُلْ يا مَلأَ الْبَيانِ فَاجْعَلُوا مَحْضَرَكُمْ بَيْنَ يَدَيِّ اللهِ ثُمَّ أَنْصِفُوا فِيْ أَنْفُسِكُمْ وَكُوْنُوا عَلى الأَمْرِ تَقِيًّا، أَنْتُمْ إِنْ تَكْفُرُوا بِهَذِهِ الآياتِ فَبِأَيِّ حُجَّةٍ يَثْبُتُ إِيْمانُكُمْ بِاللهِ وَمَظاهِرِ نَفْسِهِ فَأْتُوا بِها إِنْ أَنْتُمْ عَلى ذَلِكَ قَدِيْرًا، إِذًا تَجِدُ فِيْ وَجُوْهِهِمْ غَبَرَةَ النَّارِ مِنْ قَهْرِ رَبِّهِمُ الْمُخْتارِ وَيَقُوْلُوْنَ ما قالُوا أُمَّةُ الْفُرْقانِ حِيْنَ الَّذِيْ أَتَى عَلِيُّ عَلى ظُلَلِ الأَنْوارِ مِنْ لَدُنْ عَزِيْزٍ حَكِيْمًا، أَنْ يا حَبِيْبُ قُمْ عَلى الأَمْرِ ثُمَّ أَدِرْ رَحِيْقَ الأَطْهَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَفِعَ نَعِيْقُ الأَكْبَرُ وَكَذَلِكَ أَمَرْناكَ بِالْحَقِّ فِيْ هَذا اللَّوْحِ الَّذِيْ كانَ مِنْ إِصْبَعِ الْعِزِّ مَرْقُوْمًا، ذَكِّرِ النَّاسَ بِهَذا الذِّكْرِ الأَكْبَرِ وَلا تَخَفْ مِنْ أَحَدٍ وَإِنَّهُ يَحْرُسُكَ بِجُنُوْدِ الْقُدْرَةِ وَالاقْتِدارِ وَيُؤَيِّدُكَ بِالرُّوْحِ وَيَنْطِقُكَ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ بِأَلْحانِ الْوَرْقاءِ فِيْ قُطْبِ الْبَقاءِ وَكَذَلِكَ كانَ الْحُكْمُ عَنْ أُفُقِ الأَمْرِ مَشْهُوْدًا، تَاللهِ يا حَبِيْبُ إِنَّكَ لَوْ تَفَحَّصُ فِيْ جَسَدِ الْبَهاءِ لَنْ تَجِدَ فِيْهِ مَحَلاً إِلاَّ وَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ سَهْمُ الْقَضاءِ مِنْ أُوْلِي الْبَغْضاءِ وَبِذَلِكَ بَكَتْ عُيْوْنُ أَهْلِ الْبَقاءِ عَلى سُرادِقِ عِزٍّ مَسْتُوْرًا، يَقْتُلُوْنَ نَفْسَ الله بِأَسْيافِ غِلِّهِمْ ثُمَّ يَقْرَؤُونَ آياتِهِ قُلْ ما لَكُمُ الْيوْمَ فِيْ مَحْضَرِ الله مِنْ ذِكْرٍ وَلَوْ تَأْتُوْنَ بِعَمَلِ الْعالَمِيْنَ مَجْمُوْعًا، وَمِنْهُمْ مَنْ غَرَّتْهُ اسْمُ الْمِرْآتِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَهُ حِجابُ الْوَهْمِ وَإِنَّكَ فَاخْرُقْ هَذَيْنِ الْحِجابَيْنِ بِسُلْطانِ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَكُنْ فِيْ تَقْدِيْسٍ كانَ عَلى الْحَقِّ رَفِيْعًا، دَعِ الأَسْماءَ وَمَلَكُوْتَها ثُمَّ اصْعَدْ بِخَوافِي الْقُدْسِ إِلى مَقامِ الَّذِيْ تَشْهَدُ الْمُمْكِناتِ فِيْ ظِلِّكَ وَتَرَى نَفْسَكَ فِيْ أَعلى الْمَقامِ مَقَرِّ قُدْسٍ مَمْنُوْعًا، وَإِنْ وَجَدْتَ نَفْسَكَ وَحِيْدًا فِيْ حُبِّيْ لا تَحْزَنْ لأَنَّ هَذا مِنْ أَمْرِ الَّذِيْ لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يَحْمِلَهُ إِلاَّ مَنْ كانَ مُنْقَطِعًا عَنْ كُلِّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَكَذَلِكَ طَهَّرَ اللهُ ذَيْلَ التَّقْدِيْسِ عَنْ مَسِّ كُلِّ مُشْرِكٍ مَرْدُوْدًا، آنِسْ بِرَبِّكَ ثُمَّ انْسَ ما سِواهُ ثُمَّ بَلِّغِ النَّاسَ بِما تُعَلِّمُكَ الرُّوْحُ مِنْ لَدُنْ مُهَيْمِنٍ قَيُّوْمًا، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ غُلامَ الرُّوْحِ قَدْ وَقَعَ فِيْ بِئْرِ الْبَغْضاءِ وَلَمْ يَكُنْ سَيَّارَةُ الْبَقاءِ لِيُدْلِيَ دَلْوَ الْوَفاءِ إِلاَّ نَفْسُهُ الْعَلِيُّ الأَعْلى فَسَوْفَ يَرْفَعُهُ بِالْحَقِّ وَيَنْصُرُهُ بِأَمْرِ الَّذِيْ كانَ عَلى الْعالَمِيْنَ مُحِيْطًا، وَإِنَّكَ لَوْ تَوَجَّهُ بِسَمْعِ الْفِطْرَةِ لَتَسْمَعُ ضَجِيْجَ كُلِّ الأَشْياءِ عَلى هَذا الْجَمالِ الَّذِيْ كانَ بَيْنَ الْمُشْرِكِيْنَ مَظْلُوْمًا، كَذَلِكَ أَلْقَيْنا عَلَيْكَ حَرْفًا مِنْ أَلْواحِ الْقَضاءِ لِتَطَّلِعَ بِما هُوَ الْمَسْتُوْرُ وَتَكُوْنَ عَلى بَصِيْرَةٍ مُنِيْرًا، وَالرَّوْحُ وَالْعِزُّ وَالْبَهاءُ عَلَيْكَ وَعَلى مَنْ مَعَكَ مِنَ الَّذِيْنَ أَيَّدَهُمُ اللهُ عَلى حُبِّهِ وَجَعَلَهُمْ على الأَمْرِ مُسْتَقِيْمًا.