بسم الله العظميّ بلا نفاد
أَنْ يا عَبْدُ النَّاظِرُ إِلى اللهِ فَاعْلَمْ بِأَنْ أَتَى الْقَضاءُ وَأُمْضِيَ ما نَزَلَ فِيْ أَلْواحِ مالِكِ الأَسْماءِ وَأَخْرَجُوا الْغُلامَ مِنْ أَرْضِ السِّرِّ بِظُلْمٍ مُبِيْنٍ، وَلَمَّا خَرَجْنا بَكَتْ عَلَيْنا مِنْ كُلِّ الْمِلَلِ وَظَهَرَ فَزَعُ الأَكْبَرُ فِيْ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيْمِ، وَما مَرَرْنا عَلى شَجَرٍ وَحَجَرٍ وَأَرْضٍ وَمَدَرٍ إِلاَّ وَقَدْ أَوْدَعْنا فِيْهِ سِرًّا مِنْ أَسْرارِ اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْعَزِيْزِ الْقَدِيْرِ، فَسَوْفَ يَظْهَرُ بِالْحَقِّ وَإِنَّ رَبَّكَ لَعَلِيْمٌ وَحَكِيْمٌ، قَدْ نَزَلَتْ فِيْ كُلِّ حِيْنٍ آياتٌ وَظَهَرَتْ فِيْ كُلِّ آنٍ بَيِّناتٌ اسْتَضائَتْ مِنْها وُجُوْهُ أَهْلِ مَلإِ الأَعْلى تَاللهِ بِها اسْتُجْذِبَتْ أَفْئِدَةُ الْمُقَرَّبِيْنَ، إِنَّا وَجَدْنا أَهْلَ السَّمواتِ فِيْ سُرُوْرٍ مُبِيْنٍ وَحُزْنٍ عَظِيْمٍ، أَمَّا الْحُزْنُ بِما وَرَدَ عَلَيْنا فِيْ سَبِيْلِ اللهِ وَأَمَّا السُّرُوْرُ بِما رَأَوْا إِشْراقَ شَمْسِ الاسْتِقامَةِ عَنْ أُفُقِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِياءِ كَذَلِكَ فَصَّلْنا لَكَ تَفْصِيْلاً عَمَّا وَرَدَ عَلَيْنا مِنَ الْغافِلِيْنَ، وَكُنَّا طائِرًا فِيْ هَواءِ الاشْتِياقِ إِلى أَنْ وَرَدْنا فِيْ شاطِئِ الْبَحْرِ إِذًا اسْتَوَى بَحْرُ الأَعْظَمُ عَلى الْفُلْكِ وَجَرَتْ على الْبَحْرِ الأَبْيَضِ، وَسِرْنا إِلى أَنْ بَلَغْنا مُقابِلَ مَدِيْنَةِ الَّتِيْ سُمِّيَتْ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قَدْ دَخَلَ عَلَيْنا فَتًى مِنْ أَهْلِ الابْنِ وَحَضَرَ تِلْقاءَ الْوَجْهِ بِكِتابٍ عَرَبِيٍّ مُبِيْنٍ، الَّذِيْ كَتَبَهُ أَحَدٌ مِنْ أُسْقُفِ النَّصارَى وَجَدْنا مِنْهُ رائِحَةَ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيْزِ الْعَظِيْمِ، وَقَدْ أَمَرْنا عَبْدَ الْحاضِرَ لَدَى الْعَرْشِ بِأَنْ يُرْسِلَ إِلَيْكَ صُوْرَةَ كِتابِهِ لِتَعْرِفَ كَيْفَ قَلَّبَهُ قُدْرَةُ رَبِّكَ وَأَخَذَهُ بِأَيْدِي الْفَضْلِ وَجَعَلَهُ مُنْقَطِعًا عَنِ الْعالَمِيْنَ، فَكِّرْ ثُمَّ انْظُرْ فِيْ تِلْكَ الأَيّامِ الَّتِيْ أَحاطَتْنا الْبَلايا إِنَّهُ اشْتَعَلَ بِنارِ حُبِّيْ وَذِكْرِيْ عَلى شَأْنٍ ما مَنَعَتْهُ الْقَضايا كأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ كَوْثَرِ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْغَفُوْرِ الرَّحِيْمِ، يَنْبَغِيْ لِكُلِّ نَفْسٍ بِأَنْ يَكُوْنَ ثابِتًا فِيْ حُبِّ مَوْلاهُ بِحَيْثُ لا يَمْنَعُها ما يَظْهَرُ فِي الإِبْداعِ كَما ما مَنَعَتْهُ هَذِهِ الْفِتْنَةُ الدَّهْماءُ وَاسْتَضاءَ فِيْ ظُلْمَتِها كذَلِكَ كانَ رَبُّكَ مُقْتَدِرًا عَلى ما يَشاءُ وَإِنَّهُ لَهُوَ الْحاكِمُ على مَا يُرِيدُ، لَوْ نَذْكُرُ لَكَ كُلَّ ما وَرَدَ عَلَيْنا لَتَحْزَنُ، وَلكِنْ فَاعْلَمْ بِأَنَّا نَكُوْنُ فِيْ فَرَحٍ مُبِيْنٍ، وَفِيْ كُلِّ ما ظَهَرَ لَحِكْمَةٌ فَسَوْفَ يُظْهِرُها اللهُ بِالْحَقِّ وَيُحْيِي الْعالَمَ بِهَذا الْماءِ الَّذِيْ عَذِبَ مِنْهُ الْكَوْثَرُ وَالسَّلْسَبِيْلُ، قَدْ أَرْسَلْنا إِلَيْكَ أَلْواحًا ما ذُكِرَ فِيْها اسْمُ أَحَدٍ، فَأَعْطِ كُلَّ واحِدٍ مِنْها لِمَنْ تَجِدُ فِيْ وَجْهِهِ نَضْرَةَ الْغُلامِ، وَما سَتَرْنا الأَسْماءَ إِلاَّ لِحِفْظِ أَنْفُسِهِمْ وَرَبُّكَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيْمٍ.