
رسالة في جواب بعض الاخوان
عن مسألتين
من مصنفات
السيد كاظم بن السيد قاسم الحسيني الرشتي
جواهر الحكم المجلد الثالث عشر
شركة الغدير للطباعة والنشر المحدودة
البصرة – العراق
شهر جمادي الاولى سنة 1432 هجرية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله اجمعين الطيبين الطاهرين
اما بعد فيقول العبد الفقير الحقير الفاني كاظم ابن قاسم الحسيني الرشتي ان بعض الاخوان حرسه الله تعالى عن نوايب الزمان قد امرني ان املي على الحديثين الآتيين الشريفين ما يخطر بالبال وقد امتثلت امره مع كمال اختلال الحال وتبلبل البال وتعارض الاحوال والميسور لا يسقط بالمعسور والى الله ترجع الامور
قال سلمه الله تعالى : ما معنى قوله عليه السلم ليس الذكر قولا باللسان ولا اخطارا بالبال والاول للذاكر والثاني للمذكور
اقول اعلم ان القرآن كما قال سبحانه وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وان الظالمين لفي شقاق بعيد وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وان الله لهادي الذين آمنوا الى صراط مستقيم والامنية هي القراءة وتمني بمعنى قرء كما قال الشاعر :
تمنى كتاب الله في كل ليلة تمني داود الزبور على الرسل
والقاء الشيطان هو احتمال الخلاف المستفاد من الآية لتمكين القابلية وصرف الالجاء والاضطرار ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة وليضطروا الى السئوال عن اهل الذكر كما قال سبحانه فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر ونسخ الله ما يلقي الشيطان عبارة عن نصب القرائن والامارات المعينة للمراد والمخصصة له في تلك الآية او في آيات اخر وتنبيه المؤمنين المخبتين عليها بارشاد الائمة الهادين فاذا فهمت هذه القاعدة الكلية التي هي باب يفتح منه الف باب فاعلم انه لما امر الله سبحانه الخلق بان يذكروه كما قال فاذكروني اذكركم وقال نسوا الله فنسيهم القى الشيطان الى اوليائه الصوفية المطيعين له والمصغين اليه كما اخبر الله سبحانه عنهم وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلوكم وقال عز وجل ولتصغي اليه افئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون بان الله سبحانه يطلب منكم ان تذكروه وليس الغرض من العبادة الا ذكره فاذا حصل ذلك كفيتم المؤنة في العبادة فتحزبوا احزابا كثيرة وتفرقوا فرقا عديدة فمنهم من قسم الذكر الى قسمين ذكر جلي هو ذكر الاسماء الحسنى بزعمهم باللسان وهذا له مراتب كثيرة ادناها التلفظ به واعلاها اعلاء الصوت واعلى ذلك الحركات الوجدية والوجودية والتواجدية ونهايتها الى ان تخمد ( تخمل خل ) اصواتهم وتزبد افواههم ويقعون على الارض مغشيا عليهم لتصدق ( لتصديق خل ) عليهم الآيتان وهما قوله تعالى ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة وهو علامة الكفر كما ان الشباب والقوة والنشاط علامة الايمان وقد قال تعالى في اصحاب الكهف انهم فتية آمنوا بربهم مع انهم كانوا شيوخا فافهم ضرب المثل وقوله تعالى كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء فافهم التلويح من هذا التصريح وماكان صلوتهم عند البيت الا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون والذكر الخفي هو من دون معالجة اللسان فلهم فيه اذواق واشواق ( اذواق اشواق خل ) فمنهم من يكتب صورة الاسم في قلبه كلفظ الجلالة ام غيرها من الاسماء فيذكرون ذلك بقلوبهم يعني يتصورون ذلك الى ان يتمثل لهم ربهم ويعرجون اليه في عرشه ويخاطبونه في تصورهم ويخاطبهم فيه تعالى ربي عن ذلك ومنهم من يجعل للقلب يمينا ويسارا فيذكر لا اله الا الله فيبتدي من جهة ويختم الى الجهة الاخري ملاحظا لذلك الترتيب حال ذكره لله تعالى الذي هو عين نسيانه له ومنهم من يزعم ان الله سبحانه في كمال التجرد والصفا والنورانية وهو في كمال التعلق والغلظة والظلمانية فلا مناسبة فوجبت الواسطة ويجعلها مرشده المشرد عن كل خير فيتصور صورة المرشد في ذهنه فيوقع عليها العبادات والاذكار من باب المجاز قنطرة الحقيقة رجاء ان يتوصلوا بها الى الله سبحانه كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال اني بريء منك اني اخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما انهما في النار خالدين فيها وامثالهم من الفرق كثيرة من اهل الضلال والطغيان ولما كان هذه السبل كما قال تعالى ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ولا يوصل احد هذه الطرق الى الله سبحانه بل لا يزداد ( لا تزداد خل ) الا بعدا ونسيانا نسخ الله ما القى الشيطان في قوله تعالى اذكروني اذكركم بنصب القرينة على المراد في الآية الاخرى بقوله الحق فاذكروه كما هديكم وشرح هذا الذكر بقوله تعالى ولا يلتفت منكم احد وامضوا حيث تؤمرون ولما كانت هذه القراين وان كانت ظاهرة واضحة الا انها للمقتسمين ( للمحجوبين خل ) الذين جعلوا القرآن عضين مخفية ابان الامام عليه السلم عن حقيقة الامر اتماما للحجة مع الاستدلال الالهي بالدليل الحكمي على بطلان هذه الاقوال الباطلة والآراء الفاسدة بقوله عليه السلم ليس الذكر قولا باللسان فقط كما توهمه بعض اشباه الانسان والآخرون بالسنتهم الحالية فان اللسان جزء من الانسان فلا يجوز للكل الاقتصار على بعض اجزائه في الحكم المتعلق بالمجموع من حيث هو مجموع ولان الذكر لا يكون الا بانبعاث الشوق في القلب لينجذب الى المذكور المحبوب ولا شك ان القلب هو السلطان في البدن فاذا انجذب السلطان الى شيء لا يتخلف عنه شيء من رعايا مملكته وهو قوله عليه السلم الناس على دين ملوكهم فتوجه اللسان دون ساير الجوارح والاركان دليل على عدم انبعاث الشوق وهو دليل على عدم الميل المستلزم للتكلف قال تعالى وما انا من المتكلفين قال ونعم ما قال الاشراق اللهم سبيلك والاذواق اللهم دليلك ثم عطف القول للاشارة الى بطلان المذهب الثاني فقال عليه السلم وليس اخطارا بالبال الذي يسمونه بالذكر الخفي على اقسامه المذكورة والغير المذكورة ولما كان كل كلماتهم عليهم السلم تامة الدلالة واضحة الاشارة لمشابهة كل اثر مع صفة ( اثر صفة خل ) مؤثره وكل اناء بالذي فيه ينضح وهم الحجة البالغة وكلماتهم تامة في الحجية اشار عليه السلم الى دليل بطلان الشقين وكذب الطرفين لكون المخالفين من المعاندين لا يكتفون بمجرد التسليم فقال عليه السلم والاول اي الذكر اللساني للذاكر لانه كلمات صدرت منه وتألفت عنه واثر له من حيث نفسه فترجع اليه ظلمانيا لان الآثار ترجع الى مباديها والفروع الى اصولها ولا شك ان اللسان لا يجري عليه الا اللفظ وهو لا يكون منسوبا الى الغير الا اذا كان مرآة حاكية ولا يكون مرآة الا اذا اضمحلت ملاحظته ويكون مظهرا للمعنى وكذلك المعنى مرآة للظهور الصرف الذي هو جهة المذكور للذاكر وجهته له فهناك الذكر اللفظي لا يكون راجعا الى الذاكر بل يكون راجعا الى المذكور ومثال ذلك المرايا المتعددة المترتبة التي تحكي المقابل وان تعددت الصور والمرايا سيما في المرآة الاخيرة لكون النظر اليها لا من حيث هي بل من حيث ظهور المقابل فيها واما اذا نظرت الى المرآة الاخيرة لا من حيث ظهور المقابل فيها بل من حيث نفسها تكون ( فتكون خل ) حينئذ مجتثة باطلة راجعة الى نفسها منقطعة اليها كالظلمة الراجعة الى النور من حيث هو نور لا من حيث انه اثر للشمس او السراج مثلا فكذلك الامر فيما نحن فيه فان الذكر اللفظي انما كان ذكرا لله اذا كان متصلا بالقلب الناظر بنور الرب المتجلي له به واما اذا كان منقطعا عنه فكان مجتثا راجعا الى مبدئه ومؤثره وموصوفه وهو الذاكر بحسب الصورة وهو معنى قوله عليه السلم والاول للذاكر ثم قال عليه السلم بعد الاشارة الى بطلان الاول والثاني للمذكور اي الاخطار بالبال فان البال هو القلب في اللغة العربية والقلب اما هو العقل المدرك للمعاني المجردة عن الصورة الشخصية النفسية والمثالية والجسمية والمدة الملكوتية والمثالية والملكية والمادة الملكوتية والملكية او النور الظاهر في القلب اللحم الصنوبري والمدبر له فيكون مجموع الانوار الاربعة التي بها قيام البدن في الجزئي وقوام العالم في الكلي والاخطار بالبال يشملهما الا ان الظاهر ان المراد به الركن الايسر الاعلى من القلب لكونه في مقابلة القول بالتصور او بنقش صورة المرشد وامثال ذلك فمعنى قوله عليه السلم للمذكور حينئذ ظاهر لقوله عليه السلم كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم فان الذهن كالمرآة اذا قابل الامر الخارج او نفس الامر تنطبع الصورة فيه به فالمنطبع فيه هو نفسه كالمرآة فان الصورة المنطبعة فيها هو عينها لا الامر الخارج بحكم الوجدان والضرورة فيكون المذكور هو عين الصورة المنطبعة فالذكر الذي هو الاخطار بالبال الذي هو انشأ تلك الصورة في مرآة النفس وانشأ معناها وهو الصورة المعنوية المحدودة بالحدود المعنوية في مرآة العقل لا يكون هو الله سبحانه تعالى عن ذلك علوا كبيرا وانما هو اثر النفس والعقل وصفتهما ووضعهما ( وصفهما خل ) فكان المذكور هو عين الذكر فان كان المذكور هو صورة المرشد فيرجع ( فترجع خل ) الذكر اليه ويكون كقوله عز وجل كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال اني بريء فافهم ضرب المثل تأخذ النصيب من المعلي والرقيب فان كان هو الصورة التي تصورها على حسب مراداتهم من صورة اللفظ او المعنى فتكون راجعة اليه ومردودة اليه ومنتهية عنده وهو قوله عليه السلم مردود اليكم ومخلوق مثلكم فمن زعم ان الذكر هو اخطار المذكور بالبال وتصوره او تعقله فكان مذكوره المخلوق وذكره يتوجه الى مذكوره ويختص به فذكره لمذكوره بل الذكر ( ذكره خل ) عين مذكوره فينقطع عن الحق سبحانه فكانت شجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار فظهر معنى الحديث مشروحا
واما قول الصوفي يجب تصور صورة المرشد لاجل المناسبة فجوابه ( انه خل ) ان كان يعبد ويذكر ربا مناسبا للمخلوقين وهو كذلك لكنا لا نعبد ربا يشابه خلقه فيكون له شبيه في ملكه ويبطل ( فيبطل خل ) بذلك قدمه وازليته وان كان يعبد ربا ليس كمثله شيء فلا يحتاج في التوجه الى الواسطة لانها جهة المناسبة نعم في مقام العلم يجب ان يعلم ان المعرفة والفيض لم يصلا اليه من غير واسطة لا من جهة المناسبة بل من جهات اخرى يطول بذكرها الكلام واما في مقام العمل فلا يتوجه الا الى الاحد بلا كيف وهذه المعرفة العلمية الواجبة بالنسبة الى علة الخلق واما ذلك الصوفي فيجب الاعراض عنه لانه ليس علة لمريده والا لوجب انه اذا مات لم يبق لمريديه اثر وخبر ويموتون معه كما اذا خلى العالم من الامام عليه السلم فيهدم ويخرب فاذا عرفت ان الذكر ليس هو قول باللسان ولا اخطار بالبال فاعلم انه احد امرين لاحد شخصين الاول كما قالوا عليهم السلم ليس الذكر هو قول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وان كان ذكرا بل الذكر ان تذكر الله حال الطاعة فتفعلها وحال المعصية فتتركها هؤلاء للذاكرين الله كثيرا والذاكرات وهو للعباد والمتنسكين والزهاد و اهل السداد الذين قطعوا انفسهم وازالوا انيتهم فلا يحبون الا ما احبه الله ولا يبغضون الا ما ابغضه الله وذاك ( ذلك خل ) لهيجان حرارة الشوق والمحبة الظاهرة من زناد المعرفة في الفؤاد وقال ( الفؤاد قال خل ) عليه السلم واذا انجلى ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة فاستأنس في ظلال المحبوب وباشر اوامره ونواهيه وهذا هو الذاكر لان الفؤاد المتعلق بالقلب في عالم الفرق لا يرى الا جماله وجلاله وعظمته وكبرياءه فهو ذاكر دائما هذا ( فهو خل ) اعلى معاني هذا الحديث الشريف وظهر منه مقام المتوسطين والسفلة وهم الظالم لنفسه والمقتصد فافهم والثاني ( فافهم الثاني خل ) هو ان تنسى كل ما سواه وتقطع عن كل ما عداه في وجدانك وتنسى نفسك واحوالها وشؤناتها واطوارها وتجرد قواك ومشاعرك عن الكيف والكم والاين والمتى ومذ وقد وعلى والى ومن وعن وفي وعلى م والى م وحتى م ( حتي م والى م خل ) فهناك انت ذاكر حقيقة فلو انك حين تذكره وتذكر غيره ما ذكرته حين ذكرك لغيره والا لكان ذكره عين ذكر غيره وذكر غيره عين ذكره وفي ذلك انقلاب الحدوث الى القدم والقدم الى الحدوث والاشارة الى هذا الذكر بعد شهادة الوجدان والضرورة في الاخبار لا تحصى منها حديث كميل المشهور الذي سئل امير المؤمنين عليه السلم عن الحقيقة ومنها قول مولينا الصادق عليه السلم في قوله تعالى وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا قال عليه السلم ما معناه العين علمه بالله والباء بونه عن الخلق والدال دنوه من الخالق بلا كيف ولا اشارة وقوله تعالى واذكروه كما هديكم وقوله تعالى ولايلتفت منكم احد وامضوا حيث تؤمرون فافهم الاشارة ولا تجمد على العبارة فان العبارة تعمي الفهم وتغطي المطلب ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
قال سلمه الله تعالى : في ( وفي خل ) الحديث على ما في الكافي الى ان قال اخبرني عن وصي محمد صلى الله عليه وآله كم يعيش من بعده وهل يموت او يقتل قال امير المؤمنين عليه السلم يا هروني يعيش من بعده ثلثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص يوما ثم يضرب ضربة هيهنا يعني على قرنه فيخضب هذه من هذه الحديث
اقول وجه الاشكال في هذا الحديث في قوله عليه السلم ثلثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص يوما فان رسول الله صلى الله عليه وآله قد توفي على المشهور في الثامن والعشرين من شهر صفر او لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الاول على رواية الكليني وامير المؤمنين عليه السلم توفي ( توفي ليلة الاحد خل ) لتسع بقين من شهر رمضان فلا يكمل ثلثين سنة من غير زيادة ولا نقصان بل يزيد او ينقص سواء جعلت الحساب على السنة الشمسية او على السنة القمرية سواء لاحظت الحقيقية فيهما او الاصطلاحية وكذلك لو لاحظته على حساب الشهر سواء كان من الشهور الشمسية او القمرية حقيقية او اصطلاحية وبالجملة ان اقسام الحساب تنحصر في ثمانية وان كان صاحب العدد والحساب هو القمر ولايتم الامر باحد من هذه الاقسام فان السنة القمرية ثلثمائة واربعة وخمسون يوما وثمان ساعات وثمان واربعون دقيقة والسنة الشمسية الاصطلاحية ثلثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم والحقيقية اقل من ذلك واختلف اهل الرصد في ذلك لاختلاف الارصاد فعلى رصد بطلميوس اربع دقايق وخمس واربعون ثانية وعلى رصد المحقق الطوسي خمس عشرة دقيقة وعلى رصد محي الدين المغربي اثنتي عشرة دقيقة وعلى رصد بثاني ثلث عشرة دقيقة وست وثلثون ثانية وعلى رصد اهل ختانة دقيقة واحدة وعلى رصد الغ بيك ( القبيك خل ) عشر دقايق وخمس واربعون ثانية وعلى رصد طيموخارس وابرخس من المتقدمين هو تمام الربع فيكون السنة الاصطلاحية مطابقة للسنة الحقيقية فاما ( واما خل ) الشهور فالشمسية الاصطلاحية ثلثون يوما تقريبا والحقيقية مقدار سيرها في كل برج وهو يختلف ففي الحمل يكون سيرها ثلثين يوما وخمسعشر ( خمس عشرة خل ) ساعة وفي الثور يكون احد وثلثين يوما وساعتين ونصفا تقريبا وفي الجوزا احد وثلثين يوما و٩ ساعات وفي السرطان ٣١ يوما ١٠ ساعات وفي الاسد ٣١ يوما و٥ ساعات وفي السنبلة ٣٠ ( ٣٠ يوما خل ) و١٩ ساعة وفي الميزان ٣٠ يوما و٦ ساعات وفي العقرب ٣٠ يوما و١٩ ساعات ( ساعة خل ) وفي القوس ٢٩ يوما و١٢ ساعة ( ساعة تقريبا خل ) وفي الجدي ٢٩ يوما ١٠ ساعات وفي الدلو ٢٩ يوما و١٦ ساعة وفي الحوت ٣٠ يوما وساعتين واما القمرية فالاصطلاحية هي المعروفة من انها بين ثلثين وتسعة وعشرين واما الحقيقية فهي ما بين الاجتماعين فيكون تسعة وعشرين يوما واثنتي عشرة ساعة واربع واربعين دقيقة والجواب اعلم ان صاحب العدد والحساب هو القمر وبه تعرف السنون والشهور لوجوه كثيرة من الوجدان والقرآن وكلمات امناء الرحمن سلام الله عليهم يطول بذكرها الكلام مع ان قلبي غير مجتمع وبالي متشتت ولا يمكن في ( في مثل خل ) هذا الحال الاطناب في المقال والقمر كانت دورته ثلثمائة وستون يوما ولكن لما خلق الله السموات والارض في ستة ايام اختزلت تلك الستة عن ايام السنة فكانت السنة القمرية ثلثمائة واربعة وخمسين يوما ولما كانت الايام التي خلق الله فيها السموات والارض كلية وهي يوم العقل الكلي ويوم النطفة وهو يوم الاحد ويوم النفس الكلية ويوم العلقة وهو يوم الاثنين ويوم الطبيعة الكلية ويوم المضغة وهو يوم الثلثاء ويوم هيولي الكل المادة الكلية ويوم العظام وهو يوم الاربعاء ويوم شكل الكل ويوم اكتساء اللحم وهو يوم الخميس ويوم جسم الكل ويوم انشأناه خلقا آخر وهو يوم الجمعة وكان القمر الموجود في الفلك ( فلك خل ) التاسع سيره على المنازل وكانت المنازل جزئية ماامكن تقدير تلك الايام الكلية في المنازل الجزئية فاختزلت من سير القمر الجزئي المدبر السائر في الكوني ( الكون خل ) الجسمي للاجسام الجزئية تلك الستة الايام الكلية فقدر سيره في المنازل الثمانية والعشرين فيقطعها في تسعة وعشرين يوما واثنتي عشرة ساعة واربعة ( اربع خل ) واربعين دقيقة ولما كان الكسر المذكور اكثر من نصف اليوم فيحسب يوما تاما ويجعل اول الشهر من اول السنة ثلثين يوما ولذا ورد ان شهر رمضان ثلثين ( ثلثون خل ) يوما ابدا لما ورد ان شهر رمضان اول السنة وفي الشهر الثاني يجبر بالكسر كسر الشهر الاول فيبقى اقل من النصف فيحسب الشهر الثاني تسعة وعشرون يوما وفي الشهر الثالث يزاد على الباقي الكسر يكون ازيد من النصف فيحسب ثلثون وهكذا ويقال للايام الزايدة كبيسة من كبس الشيء وهو الجمع وتطلق على تلك الشهور ايضا تجوزا فيكون ستة اشهر تامة وستة ناقصة ولما كان يبقى في آخر السنة شيء من الكسر تزاد الكبيسة في سنين بهزيجوحكادوط فيكمل في ثلثين سنة احد عشر يوما تاما ولا كسر في سنة الثلثين فظهر لك من هذا البيان ان السنة القمرية تكون ٣٥٤ يوما ويزيد على المجموع في مقدار ثلثين سنة احد عشر يوما كاملا فاذا عرفت هذا فاعلم ان الزمان والوقت نسبته وشرفه ولطافته وكثافته وغلظته على حسب صاحبه ولذا ترى زمان الافلاك الطف واشرف من زمان العناصر والمواليد وبرهانه لا يناسب لهذا المقام ولما كان علي امير المؤمنين عليه السلم هو صاحب الولاية المطلقة والطايف حول جلال القدرة ومنشأ ظهور الاعيان والاكوان ( الاكوان والاعيان خل ) ومستجنات غيوب الامكان في الدوائر الصورية والهياكل الانسانية او الشيطانية كما قال صلى الله عليه وآله ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم وقال عليه السلم وانا النقطة تحت الباء كما ان القمر مادة الحيوة ومنشأ صور الحيوانات وكان هو كلي جامع رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح بامره على من يشاء من عباده فلم ينقص ( فلم تنقص خل ) من دورته شيء فتبقى دورة السنة بالنسبة اليه صلى الله عليه وآله وابنائه ( صلى الله على محمد وعليه وابنائه خل ) على حالها كما كانت بدوا من غير اختزال ليكون الظاهر طبق الباطن والصورة مثال الحقيقة فتحسب سنين ظهوره صلى الله عليه وآله وابنائه ( صلى الله على محمد وعليه وابنائه خل ) على السنة القمرية الاصلية وهي تمام ٣٦ ( ٣٦٠ خل ) فعلى هذا يكون بقاؤه عليه السلم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ثلثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص لان رسول الله صلى الله عليه وآله انما قتل لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الاول على ما في الكافي وقتل امير المؤمنين عليه السلم ليلة الاحد والعشرين من شهر رمضان فيكون بينهما ستة اشهر وتسعة ايام وهو تمام التفاوت بين السنة القمرية الاصلية والقمرية المعروفة لانك اذا زدت الستة على الثلثين يحصل مائة وثمانون وهو تمام ستة اشهر ويزيد في السنة المعروفة في مقدار ثلثين سنة احد عشر يوما كما قلنا فزيد ( فتزيد خل ) على الستة اشهر ولما كانت تلك السنة ( الستة خل ) على نحو الشهور المعروفة فينقص يوما ( يومان خل ) ويبقى اليوم الثالث لكونه ناقصا عن اليوم التام لتفاوت الساعات التي بينهما تنقص ( التي بينهما واذا اردت ان لا تنقص خل ) شيئا من اليومين كما هو الاجود والاحسن والاولى والاليق فاعلم ان مبدء الدورة القمرية هو اجتماع القمر مع الشمس في وضع من الاوضاع اما الهلال او البدر او المحاق او غير ذلك والمتداول الآن في هذا الزمان هو الوضع الهلالي فبعد المفارقة من هذا الاجتماع الى اجتماع آخر تكون دورة تامة فالدورة التامة انما هي بين الاجتماعين وقد دل العقل والنقل على ان ( النقل ان خل ) النبي صلى الله عليه وآله هو الشمس على الحقيقة وبه الاكوان ومواد الاعيان وان الولي امير المؤمنين عليه السلم هو القمر وبه هياكل الخلق فكانا في حد الاجتماع في الاصلاب الطاهرة والارحام المطهرة الى حد الافتراق في الصلبين الطاهرين فافترقا فظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وبقي الى تمام الدورة التي هي ثلثين يوما اي ثلثين سنة لان اليوم الطبيعي هو السنة الكاملة في مقادير ثلثمائة وستين درجة فظهر ( فظهر علي خل ) امير المؤمنين عليه السلم بعد ثلثين سنة من مولد رسول الله صلى الله عليه وآله كما قال مولينا الصادق عليه السلم ان فاطمة بنت اسد جاءت الى ابي طالب لتبشره بمولد النبي صلى الله عليه وآله فقال ابو طالب اصبري سبتا ابشرك بمثله الا النبوة وقال السبت ثلثون سنة وكان بين رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلم ثلثون سنة فيجرى ( فجرى خل ) حكم العود على حكم البدو فافترقا من مبدء الاجتماع واجتمعا عند تمام الافتراق وبين الاجتماعين يجب ان يكون ثلثين سنة قمرية فعلى هذا يكون الحساب فيما بين ( يكون بين خل ) اللقائين اللقاء في الدنيا قبل وفات رسول الله صلى الله عليه وآله واللقاء في الآخرة ( بعد وفات رسول الله صلى الله عليه وآله واللقاء في الآخرة ) بعد وفات امير المؤمنين (ع) ووضعه في القبر وتشريج اللبن عليه على ما فصل في التهذيب فيزاد على التسعة الايام يومان آخران وهما يوم قبض النبي صلى الله عليه وآله ويوم دفن علي عليه السلم فيكون بين الاجتماعين واللقائين ثلثين سنة تامة قمرية اصلية لان بين وفات النبي صلى الله عليه وآله في ربيع الاول على الاصح والاوفق وبين وفات علي امير المؤمنين عليه السلم ستة اشهر تامة واحد عشر يوما وهو الذي ذكرت لك وهنا وجوه اخر لا يسعني بيانها اما لعدم احتمال الناس او لادائه الى ذكر المقدمات الطويلة يطول بها الكلام والعمدة عدم اقبالي وسكون بالي وفيما ذكرنا كفاية لاولي الدراية والله الموفق للصواب ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين