مقدّمة – من مفاوضات عبدالبهاء

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

مقدّمة – من مفاوضات عبدالبهاء

مقدّمة وضعتها ناشرة الكتاب باللّغة الإنجليزيّة

(معرّبة عن الإنجليزيّة)

﴿ بسمه تعالى ﴾

حمداً لله وثناءً إذ إنّه جلّ شأنه زيّن بكمال عنايته الإنسان بطراز العقل والنّهى وبذلك هداه لاكتشاف أسرار الكائنات ومعرفة رموز الأسماء والصّفات، وشاءت إرادته الأزليّة في هذا الدّور الأعلى الّذي هو مظهر شروق النّور الأبهى أن يرتبط الشّرق والغرب برابطة المحبّة الإلهيّة، وأن تزول الاختلافات المذهبيّة والفوارق القوميّة والوطنيّة، وأن يكون سطح الكرة الأرضيّة كلّه وطناً واحداً يشترك فيه كافّة أفراد النّوع الإنساني. نعم إنّ العباد جميعاً في هذا اليوم البديع هم أوراق غصن واحد وقطرات بحر واحد. فالمنّة لله تعالى الأزليّ السّرمديّ الّذي وفّق هذه الذّرّة الفانية مع قلّة البضاعة وعدم الاستحقاق واللّياقة للعبوديّة والطّاعة، فتشرّفت بفيض لقاء حضرة "عبد البهاء" روحي لتراب أقدامه الفداء، وأشربني ذلك السّاقي الأزليّ بيده الفيّاضة كأس المعاني.

وبعد أن تشرّفت هذه الذّرّة الفانية عدّة مرّات بزيارة أرض المقصود (الأراضي المقدّسة)، ونالت منتهى آمالها وأمانيها، كان كلّ أعضائها وجوارحها شوقاً لإدراك الحقائق الرّوحيّة والاغتراف من ذلك البحر بحر المعاني الّذي لا ساحل له، فسألت حضرة عبد البهاء عدّة أسئلة تتعلّق بالأمر الأبهى وبعض المسائل الإلهيّة وأجاب حضرته على هذه الأسئلة كلّها بحسب مدركاتي الضّعيفة بنهاية الرّأفة والشّفقة مع مشاغله اليوميّة المستمرّة الّتي لم يكن يستطيع معها أن يستريح لحظة واحدة، ولكي تستطيع هذه الفانية أن تتأمّل عند سنوح الفرصة وفراغ البال في تلك المسائل الغامضة، عيّن حضرته كاتباً نشيطاً ليدوّن بياناته حين التّكلّم.

ولمّا لم يكن لي إلمام باللّغة الفارسيّة ولا كفاية للخوض في عباب المسائل المعضلة الإلهيّة، كان في غالب الأحيان يضطرّ حضرة عبد البهاء أن يكرّر المسألة الواحدة في مواضع متعدّدة، والاستعارات والتّشبيهات الّتي كان يستعملها في موضوع معيّن كان يستعملها أيضاً في مواضع أخرى، ومع أنّ هذه الحقائق العالية كان يستلزم ذكرها أن تصاغ في عبارات أسمى، إلاّ أنّ حضرته بيَّنها بعبارات سهلة بسيطة وكانت النّتيجة بعد مدّة أن تكوّنت مجموعة وجيزة من تلك الأسئلة والأجوبة، وقد كانت هذه الفانية تتمتّع بالتّأمّل في حقائقها الباهرة فجال بخاطري ألاّ يحرم الظّمأى لزلال المعرفة من ماء الحياة الأبديّ هذا ليستفيض النّفوس من البهائيّين وغيرهم من الطّوائف الأخرى من الحقائق المندرجة في آيات ذلك الفيض السّرمديّ.

فلهذا استأذنت حضرة عبد البهاء أن أطبع وأنشر تلك الأسئلة والأجوبة بهيئة كتاب يستفيد منه العموم، فقمت بعد صدور الإجازة بتنظيم وترتيب هذه الفصول حسبما رأى نظري القاصر حتّى أصبحت هذه اللّئالئ المنثورة عقداً منظوماً وباشرت بطبعها ونشرها عن رضاء وطيب خاطر ليكون هديّة قيّمة وكنزاً ثميناً لأولي الفضل والمعرفة، ولي الأمل أن يكون هذا الكتاب وسيلة لأن يصل الأمر الأقدس الأبهى (الّذي أنار الآفاق وغيّر وجهة العالم) إلى مسامع كافّة النّفوس في أنحاء الكرة، ويصل صيته الّذي أحاط العالمين إلى مسامع القريب والبعيد من أمم العالم.

كليفورد بارني أمريكانية

باريس في 16 يناير 1908

11 ذي الحجّة 1325

************

﴿ كلمة لجنة التّرجمة والنّشر ﴾

قامت هذه اللّجنة تلاحظها العناية الإلهيّة بتعريب كتاب "مفاوضات حضرة عبد البهاء" بعد أن صدر بذلك قرار المحفل الرّوحاني المركزي للبهائيّين بالقطر المصريّ وبتوفيق الله تعالى وعونه وعنايته بذلت قصارى جهدها في هذا العمل وكان نصب عينها ومطمح نظرها أن تقدّم لقرّاء العربيّة كتاباً من خير الكتب الّتي أخرجت للنّاس في هذا الظّهور المبارك (والمفاوضات) وأيم الحقّ كتاب قيّم تتضوّع من بين سطوره روائح الحقيقة وترفع الحجب والأستار لقارئه بنفحات القدس عن المعاني الحقيقيّة لبعض المسائل المعضلة الإلهيّة.

وإنّ اللّجنة لتعتقد أنّها وإن كانت بذلت غاية الجهد في ترجمته إلاّ أنّها مع ذلك ترى أن الأصل الفارسيّ للكتاب المترجم كاللّب والتّرجمة بمثابة القشر. وفي يقينها أيضاً أنّها قد تحرّت الحقيقة في التّرجمة وتوخّت جهد الاستطاعة أن تجعل التّرجمة مطابقة للأصل، وكان شعارها في هذا العمل المجيد التّفاني في خدمة أمر الله وانتشاره بين بقاع العالم ليتمتّع الإنسان في الشّرق والغرب بنفحات أمره المبارك وآثاره التّي كمنت فيها سعادة العالم وهناءته.

هذا وإنّ اللّجنة لتتمنّى وترجو من قرارة النّفس وحبّة القلب أن يرى هذا الكتاب الجليل منتفعاً به محقّق الأثر بين ربوع العالم الإنساني في أنحاء الكرة الأرضيّة عامّة. هدى الله به أهل العالم إلى سواء السّبيل.

************

﴿ كلمة النّاشر ﴾

نشر هذا الكتاب القيّم لأوّل مرّة باللّغة الفارسيّة في عام 1908، ثمّ نشرت ترجمته الإنجليزيّة عدّة مرّات تحت عنوان Some Answered Questions وتلا نشره باللّغات الحيّة الأخرى ومن جملتها التّرجمة العربيّة الّتي نشرت عام 1928 في مصر.

والآن يسرّ هذه الدّار أن تعيد طبع التّرجمة العربيّة تلبية لرغبة الكثيرين من الأحبّاء الأعزّاء، ومن الجدير بالذّكر أنّ ما أوردناه في هذه الطّبعة تمّت مقارنتها بالنّسخة الفارسيّة المنشورة في عام 1908 بكلّ دقّة وتمحيص فنقِّح بعض عباراتها وأدخل فيها ما كان ساقطاً سهواً من الكتاب في الطّبعة الأولى.

إنّنا إذ نسدي الشّكر خالصاً للسّيدة الفاضلة كليفورد بارني الّتي اهتمّت بجمع هذه البيانات المباركة وجعلها كتاباً ينطق بكثير من الحقائق الرّوحانيّة ويحلّ عديداً من المعضلات الاجتماعيّة والإنسانيّة، نقرّ أيضاً بجهود أولئك الّذين أتحفوا النّاطقين بالضّاد بهذه النّادرة الفريدة في طبعتها الأولى.

ولعلّ من واجبنا كذلك أن نثني على المساعي الّتي بذلت لمراجعة الكتاب مرّة أخرى إعداداً لهذه الطّبعة، راجين الله القويّ القدير أن يقدّر لهم جميعاً مثوبة العاملين المخلصين بمنّه وجوده.

دار النّشر البهائيّة في بلجيكا

المصادر
المحتوى
OV