مفاوضات - ولادة حضرة المسيح

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

ولادة حضرة المسيح – من مفاوضات عبدالبهاء

السّؤال: كيف كانت ولادة حضرة المسيح من روح القدس؟

الجواب: اختلف الإلهيّون والماديّون في هذه المسألة، فالإلهيّون متّفقون على أنّ حضرة المسيح ولد من روح القدس، وتصّور المادّيون أنّ ولادته على هذه الكيفيّة ممتنعة مستحيلة، ولا بدّ له من أب ويتفضّل في القرآن بقوله "فأرسلنا إليها روحنا فتمثّل لها بشراً سويّاً" يعني تمثّل روح القدس بصورة بشريّة كالصّورة التي تتمثّل في المرآة وخاطب مريم، فالماديّون مجمعون على أنّه لا بدّ من الازدواج، ويقولون إنّ الجسم الحيّ لا يتكوّن من جسم ميّت ولا يتحقّق وجوده بدون أن يلقّح الذّكور الإناث، ومتّفقون على أنّ ذلك ليس ممكناً في الحيوان فكيف بالإنسان ولا في النّبات فكيف بالحيوان، لأنّ زوجيّة الذّكور والإناث هذه موجودة في جميع الكائنات الحيّة والنباتيّة حتّى أنّهم أيضا يستدلّون بالقرآن على زوجيّة الأشياء بقوله تعالى "سبحان الذّي خلق الأزواج كلّها ممّا تنبت الأرض ومن أنفسهم وممّا لا يعلمون" . يعني أنّ الإنسان والحيوان والنّبات جميعها مزدوج "ومن كلّ شيءٍ خلقنا زوجين" يعني خلقنا الكائنات جميعها مزدوجة. والخلاصة أنّهم يقولون لا يتصّور إنسان من غير أب، ولكنّ الإلهيّين يقولون في جوابهم أنّ هذه القضيّة ليست من القضايا المستحيلة الممتنعة، ولكنّها لم تحدث من قبل، وهناك فرق بين شيء مستحيل وشيء لم يحدث من قبل، مثلاً إنّ مخابرة الشّرق والغرب بالأسلاك البرقيّة في آن واحد لم تحصل من قبل ومع ذلك لم تكن مستحيلة، والفتوغراف لم يكن معروفاً من قبل ومع هذا لم يكن مستحيلاً، ومثل ذلك الفنوغراف فإنه لم يكن معروفاً من قبل ومع ذلك لم يكن مستحيلاً، ومع ذلك ظلّ المادّيّون مصرّين على رأيهم، فيقول الإلهيّون في الجواب هل هذه الكرة الأرضيّة قديمة أم حادثة؟ فيقول المادّيّون ثبت أنّها حادثة بموجب الفنون والكشفيّات الكاملة، وكانت كرة ناريّة في البداية وحصل الاعتدال بالتّدريج فظهرت القشرة ثمّ تكوّن فوقها النّبات، وبعده وجد الحيوان ثمّ الإنسان، فيقول الإلهيّون قد تبيّن واتّضح من تقريركم أنّ نوع الإنسان على الكرة الأرضيّة حادث وليس قديماً، فيقيناً ما كان للإنسان الأوّل أب ولا أم، لأنّ وجود النّوع الإنسانيّ حادث، فهل تكوّن الإنسان من غير أب ولا أم ولو بالتّدريج أعظم إشكالاً أم وجوده من دون أب؟ على أنّكم معترفون بأنّ الإنسان الأوّل وجد سواء بالتّدريج أو في مدّة قليلة من غير أب وأم، فلا شبهة إذاً في إمكان وجود الإنسان من غير أب ولا يمكن أن يعدّ هذا مستحيلاً، وإن تعدّوه مستحيلاً فليس من الإنصاف، مثلاً لو تقول كان هذا السّراج مضيئاً وقتاً ما من دون الفتيلة والدّهن، ثمّ تقول إنّه من المستحيل أن يضيء من دون الفتيلة، فذلك بعيد عن الإنصاف فحضرة المسيح كان له أمّ، وأمّا الإنسان الأوّل باعتقاد المادّيّين لم يكن له أب ولا أمّ.

المصادر
المحتوى
OV