السّؤال: ما هي أفضليّة شخصٍ وجد من غير أب؟
الجواب: إنّ الشّخص الجليل جليلٌ سواء كان له أب أو من دونه وإذا كان ثمّة فضل لإنسان من غير أب، فآدم أعظم وأفضل من كلّ الأنبياء والرّسل لأنّه وجد من غير أب وأم، وإنّما سبب العزّة والعظمة هو التجليّات والفيوضات والكمالات الإلهيّة، فالشّمس تولّدت من المادّة والصّورة وهما بمثابة الأب والأم ولكنّها كمال محض، والظّلمات لا مادّة لها ولا صورة ولا أب ولا أمّ ولكنّها نقص صرف، فالمادّة الجسديّة لحضرة آدم هي التّراب، والمادّة الجسديّة لحضرة إبراهيم هي النّطفة الطّاهرة، ولا شكّ أن النّطفة الطيّبة الطّاهرة أحسن من التّراب والجماد، وفضلاً عن هذا فإنّه يقول متفضّلاً في الآية الثّالثة عشرة من الأصحاح الأوّل من إنجيل يوحنّا "وأمّا كلّ الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد اللّه، أي المؤمنون باسمه الذّين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من اللّه" فيعلم من آية يوحنّا هذه أنّ وجود الحواريّين لم يكن من القوّة الجسمانيّة أيضاً بل من الحقيقة الرّوحانيّة فليس شرف حضرة المسيح وعظمته لأنّه وجد من غير أب بل شرفه ومجده بالكمالات والفيوضات والتّجلّيات الإلهيّة. ولو كانت عظمة حضرة المسيح لكونه ولد من غير أب لوجب أن يكون آدم أعظم منه لأنّه وجد من غير أب ولا أمّ. وفي التّوراة يقول الرّبّ متفضّلاً في الأصحاح الثّاني من سفر التّكوين في الآية السّابعة "وجبل الرّب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حيّة" فانظروا قوله وجد آدم من روح الحياة وفضلاً عن هذا فإنّ عبارة يوحنّا في حقّ الحواريّين تدلّ على أنّهم أيضاً من الأب السّماويّ، إذاً صار من المعلوم أنّ الحقيقة المقدّسة يعني أنّ الوجود الحقيقيّ لكلّ عظيم هو من الحقّ ومن نفخة روح القدس. والخلاصة أنّه إذا كان وجود الإنسان من غير أب أعظم فضلاً فآدم أعظم من الجميع لأنّه لا أب له ولا أمّ، فهل الإنسان الذّي يخلق من المادّة الحيّة أحسن أم الإنسان الذّي يخلق من التّراب، لا شكّ أنّ الذّي يخلق من المادّة الحيّة أحسن أمّا حضرة المسيح فقد ولد وتحقّق وجوده من روح القدس.
وخلاصة القول أنّ شرف النّفوس المقدّسة وعظمة المظاهر الإلهيّة إنّما يكون بالكمالات الإلهيّة والفيوضات والتّجلّيات الرّبّانيّة لا بسواها.