السّؤال: ما معنى المجيء الثّاني للمسيح ويوم الدّينونة؟
الجواب: مذكور في الكتب المقدّسة أنّ المسيح سيجيء مرّة أخرى ومجيئه مشروط بتحقّق علامات معيّنة وظهوره مقترن بتلك العلامات، ومن جملتها "تظلم الشّمس" "والقمر لا يعطي ضوءه" "والنّجوم تسقط من السّماء" "وقوّات السّموات تتزعزع" "وحينئذٍ تظهر علامة ابن الإنسان في السّماء" "وحينئذٍ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السّماء بقوّة ومجد كبير" وقد فسّر حضرة بهاء اللّه هذه الآيات وشرحها في كتاب الإيقان فلا حاجة للتّكرار فارجعوا إليه تدركوا معاني تلك الكلمات، إلاّ أنّي سأتكلّم الآن بإيجاز في هذا الموضوع، وهو أنّ المسيح في مجيئه الأوّل أيضاً أتى من السّماء كما هو مصّرح في الإنجيل، حتّى أنّ نفس المسيح يقول جاء ابن الإنسان من السّماء وابن الإنسان في السّماء ولا يصعد إلى السّماء إلاّ الذّي أتى من السّماء ومن المسلّم لدى العموم أنّ المسيح أتى من السّماء حال أنّه أتى بحسب الظّاهر من رحم مريم، كما أنّ مجيئه في المرّة الأولى كان في الحقيقة من السّماء وإن كان بحسب الظّاهر أتى من الأرحام، كذلك يكون مجيئه الثّاني بحقيقته أيضاً من السّماء، ولو يأتي بحسب الظّاهر من الأرحام. والشّروط المذكورة في الإنجيل بخصوص مجيءِ المسيح ثانيةً هي نفس الشّروط المصرّح بها في المجيء الأوّل كما سبق من قبل، وفي كتاب إشعيا مذكور أنّ المسيح يفتح الشّرق والغرب ويدخل جميع ملل العالم في ظلّه، وتتشكّل سلطنته ويأتي من مكانٍ غير معلومٍ ويدان المذنبون وتجري العدالة لدرجة أنّ الذئب والحمل والنّمر والجدي والأفعى والطفل الرّضيع تجتمع كلّها على معينٍ واحدٍ ومرعى واحدٍ ووكرٍ واحد، وقد كان مجيئه الأوّل أيضاً مشروطاً بهذه الشّروط، مع أنّه لم يقع بحسب الظّاهر أيّ شرط من هذه الشّروط، فلهذا اعترض اليهود على المسيح وأستغفر اللّه فقد عبّروا عن المسيح بالمسيخ واعتبروه هادم البنيان الإلهيّ ومخرّب السّبت والشّريعة وأفتوا بقتله، والحال أنّه كان لتلك الشّروط كلاًّ وطرّاً معان، ولكنّ اليهود لم يهتدوا إليها ولذلك احتجبوا، وكذلك المجيء الثّاني للمسيح على هذا المنوال، ولجميع العلائم والشّروط الموضّحة معانٍ ولا يصحّ أن تؤخذ بحسب ظاهرها لأنّها لو أخذت حسب الظّاهر فلا يتحقّق قول حضرة المسيح "تتساقط جميع النّجوم على الأرض" مع أنّ النجوم لا حدّ لها ولا حصر، ومن الثّابت المحقّق علميّاً لدى الرّياضيّين الحاليّين أنّ جرم الشّمس أعظم من جرم الأرض بما يقارب من مليونٍ ونصف مرّة، وكلّ واحدةٍ من هذه النجوم الثّوابت أعظم من الشّمس ألف مرّة، فلو تسقط هذه النّجوم على وجه الأرض فكيف تجد لها محلاًّ وهي إذا سقطت كان سقوطها كسقوط ألف مليون جبل كجبال همالايا على حبّة خردل، فهذه القضيّة عقلاً وعلماً بل وبداهةً من ضروب المحال وليست ممكنة وأعجب من هذا أنّ المسيح يقول لعلِّي آت وأنتم لا تزالون نائمين حيث أنّ مجيء ابن الإنسان كمجيء اللّصّ وربّما كان اللّصّ في البيت وليس عند صاحب البيت خبر، إذاً صار من الواضح المبرهن أنّ لهذه العلامات معنى لا يقصد به الظّاهر وقد بيّنت معانيها بالتّفصيل في كتاب الإيقان فارجعوا إليه.