مفاوضات - تفسير الآية الخامسة من الاصحاح السابع عشر من انجيل يوحنّ

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

تفسير الآية الخامسة من الأصحاح السّابع عشر من إنجيل يوحنّا – من مفاوضات عبدالبهاء

السّؤال: ما معنى الآية "والآن مجّدني أنت أيّها الآب عند ذاتك بالمجد الذّي كان لي عندك قبل كون العالم"

الجواب: إنّ التّقدّم على قسمين تقدّم ذاتيّ غير مسبوق بعلّة بل وجوده من ذاته كالشّمس ضياؤها من ذاتها وليست محتاجة في ضوئها إلى فيض كوكب آخر، فيعبّر عن هذا بضياء ذاتيّ، أمّا ضوء القمر فمقتبس من الشّمس لأنّ القمر محتاج إلى الشّمس في الضّياء، إذاً صارت الشّمس علّةً في الضّياء والقمر معلولاً، تلك قديمة وسابقة متقدّمة وهذا مسبوق ومتأخّر، والنّوع الثّاني من القِدم قِدم زمانيّ، وذلك لا أوّل له وحضرة كلمة اللّه مقدّس عن الزّمان، فالماضي والحال والمستقبل كلّها بالنّسبة إلى الحقّ على حدّ سواء، فليس للشّمس أمس ولا اليوم ولا الغد، وكذلك التّقدّم من جهة الشّرف يعني أنّ الأشرف مقدّم على الشّريف، إذاً فحقيقة المسيح التّي هي كلمة اللّه لا شكّ أنّها من حيث الذّات والصّفات والمجد مقدّمة على الكائنات، وكانت كلمة اللّه قبل الظّهور في الهيكل البشريّ في نهاية العزّة والتّقديس ومستقرّة في أوج عظمتها في كمال الجلال والجمال، ولمّا أشرقت كلمة اللّه من أوج الجلال بحكمة الحقّ المتعال في عالم الجسد اعتدي عليها بواسطة هذا الجسد، إذ وقعت في أيدي اليهود أسيرةً لكلّ ظلوم وجهول وانتهى الأمر بالصّلب، ولذلك نادى ربّه بقوله اعتقني يا إلهي من عالم الجسد وأطلقني من هذا القفص حتّى أصعد إلى أوج العظمة والجلال وأجد تلك العزّة والتّقديس السّابقين قبل عالم الجسد فأبتهج بالعالم الباقي وأصعد إلى الوطن الأصليّ عالم اللاّمكان ملكوت الأخفى، كما لاحظتم أنّه بعد الصّعود ظهرت عظمة حضرة المسيح وجلاله حتّى في عالم الملك يعني في الأنفس والآفاق، بل في نقطة التّراب، وحينما كان في عالم الجسد لقي إهانةً وتحقيراً من أضعف أقوام العالم يعني اليهود الذّين رأوا من اللاّئق أن يكون على رأسه المبارك تاج من الشّوك، أمّا بعد الصّعود فصارت تيجان جميع الملوك المرصّعة خاضعة خاشعة لذلك التّاج المصنوع من الشّوك، وأيضاً فانظر كيف بلغت كلمة اللّه إلى ما بلغت من الجلال في الآفاق.

المصادر
المحتوى
OV