مفاوضات - الرجعة التي اخبر بها الانبياء

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

الرّجعة التّي أخبر بها الأنبياء – من مفاوضات عبدالبهاء

السّؤال: نرجو بيان مسألة الرّجعة.

الجواب: قد شرح حضرة بهاء الله هذا المطلب في كتاب الإيقان بالتّفصيل والوضوح، فارجعوا إليها تتّضح لكم حقيقية هذه المسألة جليّة، وحيث سألت الآن عن ذلك فسأتكلّم باختصار، ولنذكر عنوان هذه المسألة من الإنجيل فقد صرّح فيه أنّه لمّا ظهر يحيى بن زكريّا وكان يبشّر النّاس بملكوت اللّه سألوه من أنت؟ هل أنت المسيح الموعود؟ فأجاب لست بالمسيح، ثمّ سألوه أأنت إيليّا؟ قال لا، فمن هذا البيان ثبت وتحقّق أنّ حضرة يحيى بن زكريّا ليس بإيليّا المعهود، ولكن حضرة المسيح يوم التّجليّ في جبل الطّابور صرّح بأنّ يحيى بن زكريّا كان إيليّا الموعود، ففي الآية 11 من أصحاح 9 من إنجيل مرقس يقول "فسألوه لماذا يقول الكتبة إنّ إيليّا ينبغي أن يأتي أوّلاً فأجاب وقال لهم أنّ إيليّا يأتي أوّلاً ويردّ كلّ شيء وكيف هو مكتوب عن ابن الإنسان أن يتألّم كثيراً ويرذل لكن أقول لكم أنّ إيليّا أيضاً قد أتى وعملوا به كلّ ما أرادوا كما هو مكتوب عنه" وفي إنجيل متّى آية 13 أصحاح 17 يقول "حينئذٍ فهم التّلاميذ أنّه قال لهم عن يوحنّا المعمدان" والحال أنّهم سألوا يوحنّا المعمدان هل أنت إيليّا؟ قال لا، على أنّه في الإنجيل يقول إنّ يوحنّا المعمدان كان نفس إيليّا الموعود، ويصرّح المسيح أيضاً بهذا، حينئذٍ كان حضرة يوحنّا هو حضرة إيليّا فلماذا قال أنا لست إيليّا؟ وإن لم يكن هو إيليّا فكيف يقول حضرة المسيح إنّه كان إيليّا؟

إذاً لم يكن النّظر إلى الشّخصيّة في هذا المقام، بل النّظر إلى حقيقة الكمالات، أي أنّ تلك الكمالات التّي كانت في حضرة إيليّا كانت متحقّقةً بعينها في يوحنّا المعمدان، وعلى هذا كان حضرة يوحنّا المعمدان هو إيليّا الموعود، فليس النّظر هنا إلى الذّات بل إلى الصّفات، مثلاً في العام الماضي كان الورد موجوداً وفي هذه السّنة أيضاً وجد الورد فأنا أقول قد رجع ورد العام الماضي، والحال أنّي لا أقصد بذلك رجوع ورد العام الماضي بعينه وشخصيّته، ولكن لمّا اتّصف هذا الورد بصفات الورد في العام الماضي يعني بمثل رائحته ولطافته ولونه وشكله، فلذا يقولون عاد ورد العام الماضي، وهذا الورد هو عين ذلك الورد. يأتي الرّبيع فنقول جاء أيضاً ربيع السّنة الماضية لأنّ كلّ ما كان موجوداً في الرّبيع الماضي موجود أيضاً في هذا الرّبيع، لذا يقول حضرة المسيح سترون كلّ ما وقع في زمن الأنبياء السّالفين. ولنأتِ بيان آخر، إنّ حبّة غرست في السّنة الماضية فظهر منها غصن وورق وبرعم وثمر وفي النّهاية تحوّلت إلى حبّة أيضاً، فعندما تزرع هذه الحبّة ثانية تنبت شجرة وتعود وترجع تلك الأغصان والأوراق والبراعم والثّمار وتظهر تلك الشّجرة كاملة، وحيث أنّ الأولى كانت حبّة والثّانية أيضاً حبّة فنقول إنّ الحبّة رجعت، ولكن حينما ننظر إلى مادّة الشّجرة نجد أنّ هذه المادّة مادة أخرى أمّا إذا نظرنا إلى البراعم والأوراق والثّمر نجد نفس ذلك الطّعم والرّائحة واللّطافة، إذاً فقد عاد كمال الشّجرة مرّة أخرى، وعلى هذا المنوال لو ننظر إلى الشّخص نراه شخصاً آخر أمّا لو ننظر إلى الصّفات والكمالات نراها عادت ورجعت، لذا قال حضرة المسيح "هذا إيليّا" يعني هذا الشّخص مظهر الفيوضات والكمالات والأخلاق والصّفات والفضائل التّي كانت لإيليّا، ويوحنّا المعمدان قال أنا لست إيليّا، فحضرة المسيح كان ناظراً إلى الصّفات والكمالات والأخلاق والفيوضات في كليهما، ويوحنّا كان ناظراً إلى شخصيّته المادّيّة، مثل هذا السّراج الموجود فإنّه كان منيراً ليلة أمس ثم أنير أيضاً هذه اللّيلة وسيضاء اللّيلة الآتية أيضاً، فنقول إنّ سراج اللّيلة هو سراج اللّيلة البارحة وقد رجع ذلك السّراج فالمقصود هو النّور لا الدّهن والفتيل والمشكاة. وهذه التّفاصيل مشروحة ومفصّلة في كتاب الإيقان.

المصادر
المحتوى
OV