السّؤال: إذا كان اللّه يعلم أنّه سيصدر عمل ما من شخصٍ وثبت ذلك بالقدر في اللّوح المحفوظ فهل يمكن مخالفة ذلك؟
الجواب: العلم بالشّيء لا يكون سبباً لحصوله لأنّ علم اللّه محيط بحقائق الأشياء قبل وجودها وبعد وجودها على حدّ سواء ولا يكون سبباً لوجود الشّيء وهذا من الكمال الإلهيّ، فمثلاً النّبوّات التّي جاءت على لسان الأنبياء بالوحي الإلهيّ الخاصّة بظهور الموعود في التّوراة لم تكن هي السّبب في ظهور حضرة المسيح، فقد أوحى إلى الأنبياء بأسرار المستقبل المكنونة ووقفوا على ما سيقع وأخبروا بها ولم يكن علمهم هذا ونبوءاتهم سبب حصول الوقائع، مثلاً يعلم كلّ إنسانٍ في هذه اللّيلة أنّ الشّمس ستطلع بعد مضيّ سبع ساعات، فعلم جميع النّاس هذا لا يكون سبب تحقّق طلوع الشّمس، إذاً فعلم اللّه لا يكون أيضاً سبباً لحصول صور الأشياء في عالم الإمكان بل هو مقدّس عن الزّمان الماضي والحال والاستقبال، وهو عين تحقّق الأشياء لا سبب تحقّقها، وكذلك ذكر الشّيء وثبوته في الكتاب لا يكون سبب وجود الشّيء. فالأنبياء اطّلعوا بالوحي الإلهيّ أنّه هكذا سيكون، مثلاً اطّلعوا بالوحي الإلهيّ على أنّ المسيح سيستشهد وأخبروا به فهل كان علم الأنبياء واطّلاعهم على هذا سبباً لشهادة حضرة المسيح؟ لا بل هذا الاطّلاع كمال للأنبياء لا سبب حصول الشّهادة، والرّياضيّون يعلمون بالحساب الفلكيّ بحصول الخسوف والكسوف بعد مدّة معيّنة، ويقيناً أنّ علمهم هذا لا يكون سبباً لوقوع الخسوف والكسوف، هذا من باب التّمثيل لا من باب التّصوير.