السّؤال: ما معنى الأدوار الكلّيّة الّتي يقال أنّها وقعت في عالم الوجود؟ نرجو بيان حقيقة هذه المسألة.
الجواب: كما أنّ لكلّ واحد من الأجرام النّورانيّة في هذا الفضاء الّذي لا يتناهى دورة زمانيّة، وكلّ يدور في فلكه في أزمنة مختلفة وبعد أن يتمّ دورته يبتدئ في دورة جديدة مرّة أخرى، مثلاً إنّ الكرة الأرضيّة تتمّ دورتها في كل 365 يوماً وخمس ساعات و48 دقيقة وكسور وبعدها تبتدئ في دورة جديدة أي أنّ الدّورة الأولى تتجدّد مرّة أخرى، كذلك عالم الوجود الكلّي سواء في الأنفس أو في الآفاق له دورة من الحوادث الكلّيّة والأحوال والأمور العظيمة، وعند انتهاء الدّورة تبتدئ دورة جديدة وتنسى الدّورة القديمة بالكلّيّة بسبب وقوع الحوادث العظيمة بحيث لا يبقى لها أثر ولا خبر، كما أنّكم تلاحظون أنّه لا خبر أبداً لما حدث قبل 20 ألف سنة مع أننا أثبتنا من قبل بالدّلائل أنّ عمران هذه الكرة الأرضيّة قديم جدّاً، فلا مائة ألف سنة ولا مائتا ألف سنة ولا مليون سنة ولا مليونا سنة بل هو قديم جدّاً فالآثار القديمة وأخبارها مقطوعة قطعاً كلّيّاً.
كذلك لكلّ مظهر من المظاهر الإلهيّة دورة زمانيّة تجري فيها أحكامه وتسري فيها شريعته، وحينما ينتهي دوره بظهور مظهر جديد تبتدئ دورة جديدة، وعلى هذا المنوال تأتي الأدوار وتنتهي وتتجدّد حتّى تنتهي دورة كلّيّة في عالم الوجود، وتقع حوادث كلّيّة ووقائع عظيمة بحيث لا يبقى أثر ولا خبر لما سبق قطعيّاً، ثم يبتدئ دور كلّيّ جديد في عالم الوجود إذ ليس لعالم الوجود بداية وقد أقيم الدّليل والبرهان من قبل على هذه المسألة فلا احتياج للتّكرار.
وبالاختصار نقول إنّ الدّورة الكلّيّة لعالم الوجود عبارة عن مدّة مديدة وقرون وأعصار عديدة من غير حدٍّ ولا حساب، وتتجلّى مظاهر الظّهور في تلك الدّورة في ساحة الشّهود حتّى يتجلّى ظهور عظيم كلّيّ يجعل الآفاق مركز الإشراق وظهوره يكون سبب بلوغ العالم رشده ودورته تمتدّ كثيراً، ثم تنبعث المظاهر في ظلّه من بعده ويجدّدون بعض الأحكام المتعلّقة بالجسمانيّات والمعاملات حسب اقتضاء الزّمان وهم مستظلّون بظلّه، فنحن في دورة بدايتها آدم والظّهور الكلّيّ لها حضرة بهاء الله.