مفاوضات - قوة نفوذ المظاهر الالهية وتأثيرهم

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

قوّة نفوذ المظاهر الإلهيّة وتأثيرهم – من مفاوضات عبدالبهاء

السّؤال: ما درجة قوّة أعراش الحقيقة -مظاهر الظّهور الإلهي- وما حدود نفوذهم؟

الجواب: انظروا في عالم الوجود أي الكائنات الجسمانيّة تجدوا أنّ المجموعة الشّمسيّة مظلمة قاتمة، والشّمس في هذه الدّائرة هي مركز الأنوار وجميع السّيارات الشّمسيّة طائفة حولها ومستشرقة من فيوضاتها فالشّمس هي سبب الحياة والنّورانيّة وعلّة نشوء كافّة الكائنات ونموّها في الدّائرة الشّمسيّة، ولولا فيوضات الشّمس في هذه الدّائرة ما تحقّق وجود كائن حيّ بل لأظلم الكلّ وتلاشى، إذاً صار من الواضح المشهود أنّ الشّمس مركز الأنوار وسبب حياة الكائنات في الدّائرة الشّمسيّة، فكذلك المظاهر المقدّسة الإلهيّة هم مراكز أنوار الحقيقة ومنابع الأسرار ومفيضو المحبّة يتجلّون على عالم القلوب والأفكار ويبذلون ويفيضون بالفيوضات الأبديّة على عالم الأرواح ويهبون الحياة الرّوحانيّة ويتلألأون الحقائق والمعاني، فاستضاءة عالم الأفكار إنّما هي من مركز تلك الأنوار ومطلع تلك الأسرار، فلولا فيض التجلّي وتربية تلك النّفوس المقدّسة لكان عالم النّفوس والأفكار ظلمة في ظلمة، ولولا التّعاليم الصّحيحة من مطالع الأسرار لكان عالم الإنسانيّة مسرح الأطوار الحيوانيّة والأخلاق البهيميّة وكان وجود الجميع وجوداً مجازيّاً والحياة الحقيقيّة مفقودة، وهذا معنى ما قيل في الإنجيل "في البدء كان الكلمة" يعني صار سبب حياة الجميع. فنلاحظ الآن كم لقرب الشّمس وبعدها وطلوعها وغروبها من الآثار الواضحة والنّتائج الظّاهرة في الكائنات الأرضيّة، فوقتاً خريف وتارة ربيع وطوراً صيفاً وحيناً شتاءً، وعندما تمرّ خطّ الاستواء يتجلّى الرّبيع المنعش للرّوح، وحينما تصل سمت الرّأس تبلغ الفواكه والأثمار إلى درجة الكمال وتنضج الحبوب والنّباتات وتفوز الكائنات الأرضيّة بمنتهى درجة النّشوء والنّموّ، فكذلك المظهر المقدّس الرّبّاني الّذي هو شمس عالم الخلق، عندما يتجلّى على عالم الأرواح والأفكار والقلوب يأتي الرّبيع الرّوحاني وتقبل الحياة الجديدة وتظهر قوّة الرّبيع البديع وتشاهد الموهبة العجيبة، كما أنّكم ترون أنّ في ظهور مظهر من المظاهر الإلهيّة يحصل رقيّ عجيب في عالم العقول والأفكار والأرواح، وعلى الأخصّ في هذا العصر الإلهيّ تلاحظون مدى ما حصل من التّرقّي في عالم العقول والأفكار، مع أنّه في بداية الإشراق، وعمّا قريب ترون أنّ هذه الفيوضات الجديدة وهذه التّعاليم الإلهيّة ستنير هذا العالم المظلم وتجعل هذه الأقاليم المحزونة فردوساً أعلى ولو عكفنا على بيان آثار وفيوضات كلّ واحد من المظاهر المقدّسة ليطول بنا الكلام جدّاً، ففكّروا أنتم وتمعّنوا بأنفسكم لتهتدوا على حقيقة هذه المسألة.

المصادر
المحتوى
OV