السّؤال: ماذا كان بوذا وكنفيوش؟
الجواب: إنّ بوذا أيضاً أسّس ديناً جديداً وكنفيوش جدّد الأخلاق القديمة ودعا النّاس إلى الصّراط المستقيم. ولكن ما أسّساه انهار انهياراً كلّيّاً ولم تثبت ولم تستمر الأمم البوذيّة والكنفيوشيّة على عبادتهم ومعتقداتهم الأصليّة، ومؤسّس هذا الدّين كان شخصاً جليلاً أسّس الوحدانيّة الإلهيّة ولكن بعده ذهبت تعاليمه الأصليّة بالتّدريج من بين أتباعه بالكّلّية وابتدعت عادات ورسوم جاهليّة حتّى انتهت بعبادة الصّور والتّماثيل، مثلاً انظروا إنّ حضرة المسيح وصّى كراراً ومراراً بالوصايا العشرة المذكورة في التّوراة وأكّد باتّباعها والتّشبّث بها، ومن جملة الوصايا العشرة هو ألاّ تعبدوا الصّور والتّماثيل بينما الآن توجد الصّور والتّماثيل الكثيرة في بعض الكنائس المسيحيّة.
إذاً صار من الواضح المعلوم أنّ دين الله لا يبقى بين الطّوائف على أساسه الأصليّ، بل يتغيّر ويتبدّل بالتّدريج حتّى ينمحي وينعدم انعداماً كلّيّاً. لهذا يتجدّد الظّهور وتؤسّس شريعة جديدة، لأنّه لو لم يطرأ عليها التّغيير والتّبديل لما احتاجت إلى التّجديد، فهذا الشّجر كان في البداية في منتهى الطّراوة مملوءاً بالأزهار والأثمار ثم صار عتيقاً قديماً لا ثمر له قطّ، بل يبس وصار هشيماً، فمن أجل هذا يغرس البستانيّ الحقيقيّ أشجاراً يافعة من نوع تلك الأشجار وصنفها، فتنشأ وتنمو يوماً فيوماً فيرف في هذه الحديقة الإلهيّة ظلّها الممدود وتؤتي ثمراً محموداً، وكذلك الأديان تتغيّر بمرور الأيّام عن أساسها الأصليّ، وتذهب حقيقة دين الله وروحه من بين النّاس بالكلّيّة، وتروج بينهم البدع، ويصبح دين الله جسماً بلا روح، ومن أجل هذا تتجدّد الأديان.
والمقصود أنّ هو ملّة الكنفيوش وبوذا يعبدون الآن الصّور والتّماثيل غافلين كلّيّاً عن الوحدانيّة الإلهيّة، بل يعتقدون بآلهة موهومة كما كان يعتقد قدماء اليونان مع أنّ الأساس لم يكن كهذا بل كان منهجاً آخر وأساساً آخر.
انظروا كيف نُسي أساس دين المسيح وراجت البدع، فمثلاً قد نهى حضرة المسيح عن التّعدّي والانتقام بل أمر بالخير والتّسامح تلقاء الشّرّ والمضرّة، والآن انظروا كم وقع من الحروب الدّمويّة في نفس الطّائفة المسيحيّة، وكم حصل من الظّلم والجفاء والافتراس وسفك الدّماء، ووقعت بفتوى البابا كثير من الحروب السّابقة. إذاً صار من الواضح المعلوم أنّ الأديان تتغيّر وتتبدّل تبدّلاً كلّيّاً بمرور الأيّام ثمّ تتجدّد.