السّؤال: بماذا تقوم النّفس النّاطقة بعد مفارقة الأجساد وصعود الأرواح؟ ولنفرض أنّ النّفوس المؤيّدة بفيوضات روح القدس تقوم بالوجود الحقيقيّ والحياة الأبديّة. فبماذا تقوم النّفس النّاطقة للأرواح المحتجبة؟
الجواب: يظنّ البعض أنّ الجسد جوهر وأنّه قائم بالذّات، والرّوح عرض وأنّها قائمة بجوهر البدن، بينما أنّ النّفس النّاطقة هي الجوهر والجسد قائم بها، فلو تلاشى العرض أي الجسم فجوهر الرّوح باق.
ثانياً إنّ النّفس النّاطقة أي الرّوح الإنسانيّة ليس لها قيام حلوليّ بهذا الجسد، يعني ليست بداخل هذا الجسد لأنّ الحلول والدّخول من خصائص الأجسام والنّفس النّاطقة مجرّدة عن ذلك، وما كانت في الأصل داخلة في هذا الجسد حتّى تحتاج بعد خروجها إلى مقرّ، بل كان للرّوح تعلّق بالجسد كتعلّق هذا السّراج بالمرآة، فحينما يكمل صفاء المرآة يسطع نور السّراج فيها ويظهر، وإذا تغبّرت المرآة أو انكسرت يختفي النّور، فالنّفس النّاطقة في الأصل أي الرّوح الإنسانيّ لم تكن حالَّة في هذا الجسد ولم تكن قائمة به حتّى تحتاج بعد تحليل هذا التّركيب الجسديّ إلى جوهر تقوم به، بل إنّ النّفس النّاطقة هي الجوهر والجسد قائم به، فالنّفس النّاطقة لها شخصيّة من الأصل ولم تحصل بواسطة هذا الجسد، وغاية ما هنالك أنّ تعيّنات النّفس النّاطقة وتشخّصاتها في هذا العالم تتقوّى وتترقّى وتحصل على مراتب الكمال، أو أنّها تظلّ في أسفل دركات الجهل محجوبة محرومة عن مشاهدة آيات الله.
***
السّؤال: ما هي الواسطة الّتي تترقّى بها الرّوح الإنسانيّ أي النّفس النّاطقة بعد صعودها من هذا العالم الفاني؟
الجواب: يحصل التّرقّي للرّوح الإنسانيّ بعد قطع علاقته من الجسد التّرابيّ في العالم الإلهيّ إمّا بالفضل الصّرف والموهبة الرّبانيّة أو بطلب المغفرة والأدعية الخيرية من سائر النّفوس الإنسانيّة أو بسبب الخيرات والمبرّات العظيمة الّتي تجري باسمه.