السّؤال: كيف يشفي بعضهم المرضى بالوسائط الرّوحانيّة أي بدون دواء؟
الجواب: لقد سبق بيان هذه المسألة بالتّفصيل فإن كنت لم تلمّ بها فإنّا نعيد بيانها لتدركها تماماً، فاعلم أنّ العلاج والتّداوي بدون دواء على أربعة أقسام: قسمان بالأسباب المادّيّة وقسمان بالوسائل الرّوحانيّة، أمّا القسمان المادّيّان فأحدهما هو أنّ الصّحة والمرض قي الحقيقة لهما سريان بين البشر ولكليهما عدوى وانتقال، أمّا عدوى المرض فسريعة وشديدة ولكنّ انتقال الصّحّة بطيء جدّاً، فلو أنّ جسمين تماسّا فمن المؤكد أن تنتقل أجزاء المكروب من أحدهما إلى الآخر، وكما أنّ المرض ينتقل من جسد إلى آخر ويسري بسرعة شديدة، فربّما الصّحة التّامّة أيضاً في شخص صحيح تكون سبباً في تخفيف وطأة مرض بسيط جدّاً في شخص مريض، والمقصود أنّ عدوى المرض شديدة وسريعة التّأثير، وانتقال الصّحة بطيء جدّاً وقليل التّأثير، ولهذا كان تأثيره جزئيّاً في الأمراض البسيطة جدّاً، يعني أنّ القوّة الشّديدة في الجسم الصّحيح تتغلّب على المرض الخفيف في الجسم العليل، فتوجد الصّحة وهذا قسم واحد. أمّا القسم الآخر فهو القوّة المغناطيسيّة، تلك القوّة الّتي قد يمكن التّأثير بها من جسم في جسم آخر، وربما تكون سبب الشّفاء، وهي أيضاً لها تأثير بسيط، فإذا وضع شخص يده فوق رأس شخص مريض أو على قلبه قد تحصل فائدة لشخص المريض، وذلك من حيث أنّ التّأثير المغناطيسيّ والتّأثّرات النّفسيّة تكون سبباً لزوال المرض، وهذا التّأثير أيضاً ضعيف وبسيط جدّاً.
أما القسمان الآخران الرّوحانيان أي اللّذان تكون القوّة الرّوحيّة واسطة الشّفاء فيهما، فأحدهما هو أن يعتني إنسان صحيح تمام الاعتناء نحو شخص مريض، وهذا الشّخص المريض يكون منتظراً بلهفة أيضاً للشّفاء ومعتقداً تمام الاعتقاد بأنّه سيكتسب الصّحّة من القوّة الرّوحانيّة لهذا الإنسان الصّحيح، بحيث يحصل ارتباط قلبيّ تامّ بين الصّحيح والمريض، على أن يوجّه الشّخص السّليم كلّ عنايته لشفاء المريض الذي يكون على يقين أيضاً بحصول الشّفاء، فمن التّأثير والتّأثّرات النّفسانيّة تتهيّج الأعصاب وتلك التّأثّرات وهياج الأعصاب تصير سبباً لشفاء المريض، فمثلاً لو كان لشخص مريض أمنية وأمل في الحصول على شيء ثمّ تبشّره فجأة بتحقّق أمنيته فإنّ أعصابه تتهيّج ويكون هياج أعصابه هذا سبباً في زوال مرضه بالكلّيّة، وكذلك لو يقع حادث مروِّع فجأة فقد يكون ذلك مهيّجاً لأعصاب شخص سليم فيصاب في الحال بمرض، فلم ينشأ هذا المرض بسبب مادّيّ، لأنّه لم يأكل شيئاً ولم يصل إليه شيء، بل إنّ الذي أورثه هذا المرض هو مجرد التّهيّج العصبيّ، ولذلك فإنّ تحقق منتهى الأماني بغتة يبعث في النّفس سروراً بحيث يحصل هيجان في الأعصاب و منه تحصل الصّحّة.
والخلاصة فإنّ الارتباط التّامّ الكامل فيما بين شخص الطّبيب الرّوحانيّ وشخص المريض، بحيث أنّ الطّبيب يتوجّه بكلّيّته إلى المريض، والمريض أيضاً يتوجّه بكلّيّته إلى ذلك الطّبيب، ويقصر كلّ توجّهه على شخص الطّبيب الرّوحانيّ وينتظر حصول الصّحّة، فهذا الارتباط يسبّب تهيّج الأعصاب وبهيجان الأعصاب يحدث الشّفاء. غير أنّ هذه الوسائط قد تؤثّر في بعض الأحيان إلى حدّ ما وليست بدائمة التّأثير، فمثلاً لو ابتلى شخص بمرض شديد جدّاً أو أصيب بجرح فإنّ هذه الوسائط لا تكون مرهماً لهذا الجرح حتّى يلتئم، ولا سبباً لأن يزول هذا المرض، يعني لا تأثير لهذه الوسائط في الأمراض الشّديدة، إلاّ أنّ البنية قد تساعد على ذلك، لأنّ البنية القويّة تقاوم المرض في غالب الأحيان، فهذا هو القسم الثّالث.
أمّا القسم الرّابع فهو حصول الشّفاء بقوّة روح القدس، وليس هذا مشروطاً بالتَّماس ولا بالنّظر حتّى ولا بالحضور ولا بأيّ شرط من الشّروط سواء أكان المرض خفيفاً أم شديداً، وسواء أحصل تماسّ بين الجسمين أم لا، وسواء أحصل ارتباط بين المريض والطّبيب أم لا، وسواء أحضر المريض أم لم يحضر. وذلك بقوّة روح القدس.