مفاوضات - بيان ان ليس في الوجود شر

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

بيان أنّ ليس في الوجود شرّ – من مفاوضات عبدالبهاء

إنّ بيان حقيقة هذه المسألة صعب جدّاً، فاعلم أنّ الكائنات على قسمين: جسمانيّ وروحانيّ، حسّيّ وعقليّ. يعني أنّ قسماً من الكائنات حسّيّ والآخر ليس محسوساً بل معقولاً. فالحسّيّ هو ما يدرك بالحواسّ الخمس الظّاهرة كهذه الكائنات المشهودة الّتي تراها العين وهذا ما يقال له الحسّيّ، وأمّا العقليّ فهو ما لا وجود له في الخارج بل يدرك بالعقل، مثلاً إنّ العقل نفسه معقول ولا وجود له في الخارج، وجميع أخلاق الإنسان وصفاته لها وجود عقليّ لا حسّيّ، يعني أنّ الصّفات حقائق معقولة لا محسوسة، وقصارى القول أنّ الحقائق المعقولة كصفات الإنسان وكمالاته الممدوحة كلّها خير صرف ولها وجود وعدمها هو الشّرّ، فالجهل عدم العلم، والضّلالة عدم الهداية، والنّسيان عدم الذّكر، والبلاهة عدم الدّراية، وكلّ هذا عدم وليس له وجود، وأمّا الحقائق المحسوسة فهي خير محض أيضاً، وعدمها هو الشّرّ، يعني أنّ العمى هو عدم البصر، والصّمم هو عدم السّمع، والفقر هو عدم الغنى، والمرض هو عدم الصّحّة، والموت هو عدم الحياة، والضّعف هو عدم القوّة، ولكن قد يجول بالخاطر شبهة وهي أنّ للعقرب وللأفعى سمّاً فهل هذا خير أم شرّ، مع أنّ هذا الأمر وجوديّ، نعم العقرب شرّ لكن بالنّسبة لنا، والأفعى شرّ لكن بالنّسبة لنا أيضاً، أمّا بالنّسبة إلى نفس كلّ منهما فليسا شرّاً. بل إنّ السّمّ سلاحهما الذي يحافظ كلّ منهما به على نفسه، ولكن لمّا كانت عناصر ذلك السّمّ غير موافقة لعناصرنا، يعني هناك تضادّ بين عناصرنا وعناصره، فمن أجل هذا كان العقرب والأفعى بالنّسبة للإنسان شرّاً، ولكنّهما في الحقيقة بالنّسبة لنفسيهما خير.

وخلاصة القول أنّه من الممكن أن يكون شيء بالنّسبة إلى شيء آخر شرّاً، ولكنّه في حدّ ذاته ليس شرّاً، إذاً ثبت أنّه لا شرّ في الوجود، وكلّ ما خلق الله خير، فالشّرّ يرجع إلى الإعدام، مثلاً الموت عدم الحياة وعدم إمدادها للإنسان هو الموت، والظّلمة عدم النّور فإذا لم يكن نور فهو الظّلمة، فالنّور أمر وجوديّ ولكنّ الظّلمة ليست بأمر وجوديّ، بل أمر عدميّ، والغنى أمر وجوديّ أمّا الفقر فهو أمر عدميّ.

إذاً تبيّن أنّ جميع الشّرور راجعة إلى العدم. فالخير أمر وجوديّ والشّرّ أمر عدميّ.

المصادر
المحتوى
OV