من الذين هاجروا إلى بغداد جناب، پدرجان القزويني، كان هذا الرجل الطاعن في السن عظيم الانجذاب لطلعة المحبوب بولهٍ زائد، وكالوردة المفتحة في بستان محبة الله. ومنذ حضوره إلى بغداد انشغل بالتبتّل والمناجاة ليل نهار. ولو أنه كان يسير على سطح الغبراء كان في الحقيقة يسير في أعلى العليين ممتثلاً بكل خلوص لأمر الله يباشر الكسب والعمل ولقلّة بضاعته كان يتأبط بعضًا من الجوارب ويحوم في الطرقات قصد بيعها، وكان النشالون يسرقونها منه، فاضطرّ إلى حملها فوق كفيّه والسير بها في الشوارع والأزقّة وهو غارق في بحر المناجاة فاقدًا شعوره. وذات يوم وهو في الحالة المذكورة، أخذ النشالون في سرقة الجوارب من فوق كفيه، على عينك يا تاجر، ولغيبوبته في عالم آخر لم يشعر بما يفعلون. كانت له أحوال غريبة، بمعنى أنه كان دائمًا كالسكران المدهوش.
وبالاختصار، إنه قد استمر على هذه الحال زمنًا بالعراق وكان يفوز بشرف اللقاء في أغلب الأيام. أما اسمه الحقيقي "عبدالله" ولقَّبه الأحباء ب پدرجان (الوالد الحنون؟). وحقًا، كان كالأب الشفيق للجميع، ورفّ في النهاية إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر. طيّب الله مضجعه بصيِّب رحمته وشمله بلحاظ أعين رحمانيته. وعليه التحية والثناء.