جناب مشهدي فتّاح، عليه بهاءالله الأبهى، كان روحًا مجسّدة من الزهد ومثالاً للتقوى، كان هو وأخوه جناب الحاج عسكر لا يميّز أحدهما عن الآخر لتوافقهما في الشكل والأطوار وعلى اتفاق واحد في شريعة الله. كانا ملتحميْن ببعضهما كالجوزاء في نقطة واحدة، وقد استنارا معًا بنور الهداية، وفضلاً عن تشابههما في الأطوار كانا شريكيْن في الإيمان وشبيهيْن في الوجدان، كما كانا في مسيرهما من أذربيجان إلى أرض السّرّ كشخص واحد في جميع المراتب والشؤون متشابهيْن في المشارب والسلوك والمذهب والأخلاق والأطوار والإيمان والإيقان والعرفان والاطمئنان. وكانا ملازميْن لبعضهما في السجن الأعظم.
كان لمشهدي فتّاح مبلغ من المال قد عاد إليه من التجارة لا يملك غيره، ولما بارح أرض السر أودعه لدى بعضهم بصفة أمانة. وبعد مدة وجيزة، نهب بعض من عديمي الإنصاف هذا المبلغ وضاع بالكليّة، فأصبح صفر اليديْن، غير أنه كان محترمًا وفي سبيل الله محبوبًا للغاية، ورضي بالقناعة المتناهية إبان وجوده في السجن الأعظم، فانيًا نفسه، ولم تسمع منه كلمة تدلّ على أن له وجودًا بالمرة، وكان دائمًا منزويًا في ركن من أركان السجن لا تسمع له همسًا ولا لمسًا، عاكفًا على ذكر الله مستمرًا على حالة التذكر والتضرع إلى أن وقعت المصيبة الكبرى فخارت قواه ووهن عظمه، ولم يعد يقوَى على تحمّل وطأة الفراق من شدّة حزنه وما ألمّ به من فراق المحبوب. إلى أن دنا حينه بعد الصعود المبارك فعرج إلى الملكوت الأبهى. طوبى له ثم طوبى! بشرى له ثم بشرى! وعليه البهاء الأبهى.