تذكرة الوفاء - جناب آقا محمد علي صبّاغ اليزدي

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

جناب آقا محمد علي صبّاغ اليزدي – تذكرة الوفاء – آثار حضرة عبدالبهاء

﴿ هو الله ﴾

من جملة المهاجرين كان جناب آقا محمد علي صباغ اليزدي. إنّ هذا الشخص الغيور قد كشف الحجاب في العراق وهو في شرخ الشباب، وخرق ستار الارتياب وتحرر من الأوهام ثم هرع إلى ظل ربّ الأرباب. مع أنه كان شخصًا أميًّا في الظاهر غير أنّه كان على جانب عظيم من الذكاء وصداقة الوداد، وفاز بشرف اللقاء والمثول بين يدي جمال القدم بواسطة أحد الأحباء وهذا جعله معروفًا بين الأغيار بمعتقده، واتّخذ مأواه ومسكنه بجوار بيت المبارك فكان يتشرف بالحضور المبارك في كل صباح ومساء. وأمضى أيامًا كثيرة فرحًا منشرح الصدر ناعم البال. ولما حان تحرّك الموكب المبارك من بغداد قاصدًا اسلامبول لازم الموكب بشغف زائد مشتعلاً بنار محبّة الله إلى أن وصلنا مدينة القسطنطينية وألقينا بها العصا إلى أن كلّفتنا الحكومة بالذهاب إلى أدرنه، فتركنا آقا محمد علي المذكور في القسطنطينية ليباشر مسألة عبور الأحباء ومرورهم ويكفيهم مُؤْنَة الالتجاء إلى الغير وما إلى ذلك، وتكبّد بعد رحيلنا عظيم المتاعب والمشاق إذ كان فريدًا وحيدًا لا صاحب ولا مؤنس ولا جليس ولا من يشاطره الأتعاب أو يرثي لحاله. آقام على هذا الحال عامين كاملين ثم حضر إلى أدرنه والتجأ إلى الجوار المبارك واشتغل بائعًا جوالاً يبيع بعض السلع حائمًا في أنحاء المدينة. ولمّا فار بحر الطغيان وضيّقت الحكومة على الأحباء المسالك وعمدت على نفينا إلى عكاء، كان الحبيب المذكور في معيّتنا وآقام مدة في السجن الأعظم إلى أن صدر له الإذن بالذهاب إلى صيدا قصد الآقامة بها واشتغل فيها بالتجارة، وصار يذهب إلى عكاء للتشرف كلّما سمحت له الظروف، وحلّ محلّ الاعتبار في نظر أهالي صيدا بدرجة يُغبط عليها وقدّره القوم حق قدر وعاش معزّزًا ومحترمًا وبالآخرة عاد إلى عكاء بعد وقوع المصيبة الكبرى (انتقال حضرة بهاءالله إلى عالم الأسرار) وقضى البقية الباقية من أيام حياته بجوار الروضة المطهّرة، روحي لتربتها الفداء، وكان الكل مسرورًا منه وراضيًا عنه وكان مقرّبًا من ساحة الكبرياء. وانتقل بعد استيفاء أيام حياته إلى أفق العزة الأبدية وترك عارفيه يصطلون بنار الحسرة على فراقه.

كان هذا الشخص طوال حياته مظهرًا للألفة، حميد الخصال، قنوعًا شكورًا، وقورًا صبورًا. عليه البهاء الأبهى. أنزل الله على قبره طبقات النور من السماء. أما قبره ففي عكاء.

المصادر
المحتوى
OV