جناب آقا ميرزا محمد قلي أحد أخوة الجمال المبارك الصادقين المخلصين لحضرته. اشتهر هذا الشخص رفيع المقام، بحريّته وعدم تقيّده منذ طفولته. توفى والده وهو في سن الرضاع فتربّى في حضن العناية. لم ينشغل بالاً بتوافه الأفكار متمسكًا بإطاعة الأوامر المباركة، وترعرع في مهد الألطاف في بلاد إيران مشمولاً بعناية نيّر الآفاق كل أيام وجوده في العراق. كان هو ساقي الشاي الوحيد في المحضر المبارك، وقد لازم الجمال المبارك في الحِلّ والترحال، دائم الصمت والسكوت، ثابتًا مستقيمًا على عهد "ألَسْتُ"، مشمولاً بالعواطف مصدرًا للّطائف. وكان ليل نهار متشرّفًا بالمثول بين يدي جمال القدم، موصوفًا بالصبر وتحمّل الشدائد في جميع الموارد، وما زال ناسجًا على هذا المنوال حتى وصل إلى أوج القبول ولازم الركب المبارك في الأسفار من إيران إلى العراق فإلى اسلامبول، وكان هو الوحيد الذي ينصب الصّيوان في الطريق لجمال القدم، والخادم الخاص لحضرته بكل إخلاص وهمّة ونشاط لا يدركه الملل. واستمر على هذا الحال في اسلامبول وفي أرض السرّ إلى أن ذهب في معيّة حضرة اللامثال إلى السجن الأعظم منفيًّا. ونصّ الفرمان الملكي على أنه من المسجونين المؤبّدين. ولم يتغيّر حاله أبدًا سواء أكان في حال التعب الشاق أو الوهن والمرض أو في الصحة التامة، ولم ينطق بغير الشكر للألطاف الإلهية، فارغ القلب، منقطعًا عمّا سوى الحق، مشغولاً بالحمد والثناء على الله، متمتّعًا في عدوه ورواحه بالمثول بين يدي الجمال المبارك، محفوظًا فائزًا باللقاء. ودام، بعد صعود محبوب القلوب إلى عالم الإشراق، ثابتًا راسخًا على العهد والميثاق بعيدًا عن كل مكر ونفاق، مثابرًا على التبتّل والتضرّع لا يألو جهدًا في وعظ من أَلِفَ السمع ويُمْحِضه النّصح. وقد تأثّر كل التأثر بعد الصعود المبارك، ولم تبرح ذكرى أيام المبارك عن مخيّلته فزَهد في الدنيا ولم يذُق للراحة طعمًا ولم يعبأ بصحبة أي إنسان، والتزم الوحدة ثاويًا في محلّ عزلته ومأواه، متقلّبًا على جمر الاحتراق من ألم الفراق. واستولى عليه الضعف ووهن منه العظم إلى أن دنا حينه فطار إلى العالم الإلهي.
عليه السلام وعليه الثناء وعليه الرحمة في حديقة الرضوان. أما رمسه المنوّر ففي قرية النقيب في ضواحي بلدة طبريّا.