كان من جملة المهاجرين والمجاورين حسين أفندي التبريزي وهو ممن شربوا من الكأس الطافحة بصهباء محبة الله. سافر إلى بلاد اليونان وهو في عنفوان الشباب ومكث فيها مدة مشتغلاً بالكسب هانئ العيش حيث ظهرت بوارق الظهور فرحل إلى أزمير واستمع للنداء الجديد فاشتعلت في قلبه نار محبة الحق وزاد هيامه فهام في بيداء العشق الإلهي، والشوق لمشاهدة المحبوب، فساعدته الظروف ووصل إلى العتبة المقدّسة وفاز باللقاء، ولازم التشرف زمنًا ليس بالقليل وكان من المقربين. وأخيرا، أمره النيّر الأعظم بالذهاب إلى حيفا للآقامة فيها، فصدع بما أمر وأوقف حياته على خدمة الأحباء محطًا لرحال المسافرين من الأحباء. وكان على جانب عظيم من مكارم الأخلاق، ليّن العريكة، حسن الطباع والنوايا، محبوبًا لدى الجميع من أحباب وأغيار، محبًّا للخير، ودام على استقامته بعد صعود الجمال المبارك إلى الملأ الأعلى، راسخًا في العبودية لجمال القدم ولم يتحول عن ذلك طرفة عين، مؤنسًا للأحباء نديمًا للأصفياء. ونسج على هذا المنوال السنين الطوال عزيزًا في نفسه يرى كأنه أعز من سلاطين الأرض وملوكها بقوة إيمانه، وقد صاهر جناب آقا محمد قلي أحد أخوة الجمال المبارك وكان حسن المعاملة بعيدًا عن المداهنة، دائم الخوف من الامتحانات والافتتانات، حذرًا من تدفق طوفان الامتحانات الإلهية على الأكوان مخافة أن يقذف موجه بالنفوس في هوة لا قرار لها، لا يفتأ يئن من شدة الخوف حتى أدركته المنون وتخلص من هذه الدار الفانية وبيده خلع ثوب حياته.
عليه التحية والثناء، وعليه الرحمة والرضوان، وغفر عنه وأدخله الله في الجنة العليا وفردوسه الأعلى. أما قبره المعطر ففي حيفا.