كان المذكور من جملة المهاجرين والمجاورين. ولد هذا الرجل الرشيد في مقاطعة كرجستان (من إقليم القوقاز) وترعرع واشتد في مدينة كاشان، ونشأ محبًا للصداقة والأمانة والديانة والعزة. ولما بلغ سمعه نداء البُشرى بطلوع صبح الهدى وارتفع ذلك النداء شمس الحقيقة من أفق إيران، اشتعل في فؤاده نار الشغف والوله وأوقد في قلبه نار محبة الله. فخلع عذار الشبهة والارتياب عند سطوع أنوار شمس الحقيقة وأوقدت في وجوده شموع الهداية وسكن إيران مدة من الزمن ثم غادر إلى الروملي (في البلاد العثمانية) ومَثُلَ بين يديّ جمال القدم في أرض السرّ وفاز بشرف اللقاء وهو في غاية الانجذاب منشرح الصدر ومسرورًا للغاية حتى صدر له الأمر المبارك بالسفر مع كل جناب آقا محمد باقر وجناب آقا عبدالغفار إلى إسلامبول حيث وقع في مخالب الأعداء هدفًا للسلاسل والأغلال هو وجناب الأسطى محمد على الدلاّك واعتبروا جناب جمشيد من الوحوش الكاسرة وجناب الأسطى محمد علي الدلاك من السباع الشاردة ثم دفعوا بهذين الشخصين المحترمين، بعد أن عذبوهما في السجون، إلى حدود إيران بصفة أسرى ليسلّما إلى الحكومة لصلبهما أو لشنقهما محذرين بكل شدة من تركهما مخافة أن يفلتا لذا كانوا يحبسونهما في أماكن صعبة للغاية حتى إنهم ألقوهما في غيابة جب عميق قاسيَا فيه أنواع العذاب طوال الليل حتى الصباح وعند ذلك صاح آقا جمشيد قائلاً: "أيها الحراس هل نحن يوسف الصديق حتى تلقونا في غيابة الجب! أما سيدنا يوسف فقد ارتفع من غيابة الجب إلى أوج قمر السماء. ولما كان إلقاؤنا في غيابة الجُبِّ هو في سبيل الله فلا شك ولا شبهة في أن هذا البئر العميق هو لنا عين الرفيق الأعلى".
ومختصر القول، إن الحراس قد سلموهما لرؤساء الأكراد على حدود إيران ليبعثوا بهما إلى طهران غير أن هؤلاء الرؤساء لما تأكدوا أن هذين المظلومين من محبي الخير لجميع العباد وأنهما قد سطت عليهما يد التطاول دون ذنب اقترفاه أطلقوا سراحهما ولم يرسلوهما إلى طهران.
وبمجرد إطلاق سراحهما قصدا محبوب العالمين سيرًا على الأقدام حتى وصلا إلى السجن الأعظم وألقيا عصاهما في جوار جمال القدم وآويا إلى رحابه. وقضى آقا جمشيد زمنًا طويلاً في غاية السرور والبهجة والفرح هانئ العيش في ظل ألطاف الرحمن فائزًا باللقاء في أكثر الأوقات ساكنًا مستقرًا وكان جميع الأحباء راضين عنه وهو راضٍ بما قسم له واستمر على هذا الحال حتى سمع نداء "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية"، فأجاب بقوله: "بلى!" وانتقل من السجن الأعظم إلى الأوج الأعلى طائرًا من عالم التراب إلى العالم الطهور. أغاثه الله في الرفيق الأعلى وأدخله في فردوس الأبهى وأخلده في جنة المأوى وعليه التحية والثناء. أما قبره المعنبر ففي عكاء.