كان الحاج آقاي التبريزي في عداد المهاجرين والمجاورين. هذا الشخص الرباني من أهالي تبريز، وقد تعطّرت مشامه من عبيق النفحات الهابة من حديقة أوراد العرفان، تلك النفحات مسكيّة الشذا، وتجرّع من الجام الرباني صهباء الإيمان وهو في عنفوان الشباب. وكان ثابت القدم في الأمر كل الثبوت، وعاش زمنًا في أذربيجان واستمرّ هائمًا في حب محبوب الأرواح. ولما اشتهر بمعتقده قام القوم على معاندته فضاق به المُقام بعدما كان القوم يوجهون إليه التهم الباطلة، فبارح تلك الديار بعد أن باع كل ما يمتلك هرِعًا إلى أرض السرّ مع بعض المتعلقين بالأمر، فوصلها في الأيام الأخيرة، وما لبث أن وقع أسيرًا في يد الأعداء. غير أنه أخيرًا وصل إلى السجن الأعظم مع المنفيين وكان شريكًا في البلايا والمصائب وصبورًا وسليمًا. وبعد أن حصلنا على بعض الحرية حتى اشتغل بالتجارة، ونسج على هذا المنوال ردحًا من الزمن متمتعًا بالراحة والرفاه في ظل الألطاف المباركة. ومن المصائب والبلايا الأولى أصبح جسمه عليلاً، وحفّ به المرض وانتابه ضعف القوى، فاشتد مرضه وانحل جسمه حتى فاجأته المنون وهو في الجوار المبارك وفي ظل سدرة المنتهى، وصعدت روحه من هذا العالم الأدنى إلى الفردوس الأعلى، فتخلص من هذا العالم الظلماني طائرًا إلى العالم النوراني. أغرقه الله في بحار الغفران وأدخله في جنة الرضوان وأخلده في فردوس الجنان. أما ترابه المطهر ففي عكاء.