جناب عظيم التّفريشي، هو من المهاجرين والمجاورين وكأن هذا الرجل الإلهي من مقاطعة تفريش لم تأسره القيود ولم يستولِ عليه تشويش الفكر، حرًا بين عارفيه وعشيرته، ومن قدماء الأحباء، ومن سلالة أهل الوفاء. فاز بشرف الإيمان في إيران واشتغل بخدمة كل عبدٍ آمن بالله، وعلى الأخص المسافرين، خدمة صادقة. أتى إلى العراق في معيّة المدعو جناب آقا ميرزا موسى القمي، عليه بهاءالله وعليه التحية والثناء، وفاز بنصيب وافر من ألطاف نيّر الآفاق حاضرًا في محضر الكبرياء في كل حين فائزًا بشرف اللقاء ومظهرًا للألطاف مشمولاً بالعناية والإسعاف. مكث زمنًا طويلاً على هذا الحال ثم عاد إلى إيران في معيّة نفس الشخص الذي صحبه إلى العراق. كان لا يدّخر وسعًا في خدمة أهل البهاء حبًا لله. وقام على خدمة المدعو ميرزا نصرالله التفريشي عدة سنوات دون جُعل أو أجر، وكان إيمانه يزداد يومًا بعد يوم. ثم حضر إلى أرض السرّ (أدرنه) في معيّة هذا الأخير وفاز بشرف اللقاء وداوم على خدمة الأحباء بنهاية المحبة والصداقة وفاز بمرافقة الموكب المبارك من أدرنه إلى عكاء وجاء إلى السجن الأعظم.
وفي السجن أختير لخدمة العائلة المباركة مشتغلاً بالسقاية وحمل الماء داخل السجن وخارجه، وتحمّل داخل القشلة (الثكنة) عظيم المتاعب والمشاق ولم يهدأ ليلاً أو نهارًا وكان على خلق عظيم وحِلم لا يضارع سليم النيّة يحمل أعباء الأحباء بكل همّة وتجرّد، ويسّر له حمل الماء إلى البيت المبارك الفوز بشرف الحضور يوميًا، وكان يجالس الأحباء ويؤانسهم ويسلّي خاطرهم ويضفي على الجميع كمال السرور والبهجة. وكثيرًا ما قرع مسمعي من الفم المبارك كلمة الرضاء في حقه وكان دائمًا على حال واحد بشوشًا لا يتغير ولا يتبدل ولا يعرف للأذى سبيلا، لا يمل ولا يتكدر يلبي دعوة من دعاه إلى خدمة دون تردد، ثابتًا في إيمانه وإيقانه شجرة نابتة في بستان محبة الله. وبعد أن أدّى السنوات الطوال في خدمة العتبة المقدّسة انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء بكمال السكون والاطمئنان مستبشرًا بملكوت الله. فأورث جميع الأحباء حسرة وتأثرًا عليه حتى إن الجمال المبارك كان يواسي الجميع، وكانت عنايات حضرته في شأنه لا تحصى. عليه الرحمة من ملكوت الغفران وعليه بهاءالله في كل عشي وإشراق.