بهائيّن حقيقيّون

حضرة عبد البهاء
أصلي عربي

بهائيّون حقيقيّون

الخطبة المباركة في بيت السّيّدة فيليب في

نيويورك – أمريكا في 12 نيسان 1912

هو الله

كان يومنا طيّبًا.

في هذا العالم النّاسوتيّ لم يبقَ لي سرور غير لقاء الأحبّاء وما عدا هذا فليس هنالك شيء يسرّني، فسروري سواء من النّاحية الجسميّة أو من النّاحية الرّوحيّة هو بلقاء الأحبّاء وبنشر نفحات الله ولهذا فقد قضيت يومي بكلّ سرور لأنّ تأييدات الملكوت الأبهى تصل تباعًا ولقاء الأحبّاء حاصل دومًا.

ولكنّ كمال سروري هو في أن أرى حضراتكم تقومون بموجب تعاليم حضرة بهاء الله وتعملون بمقتضاها وتنفّذون وصايا الجمال المبارك بقلوب منجذبة إلى محبّة الله وأرواح مهتزّة بنفحات الله وبأنفس منبعثة بالرّوح القدس.

فأوّل تعاليم حضرة بهاء الله هي المحبّة وذلك أن تسود المحبّة التّامّة بين البشر لأنّ محبّة عباد الله هي محبّة الله وخدمة للعالم الإنسانيّ لهذا فقد تضرّعت إلى الملكوت الأبهى أن تشرقوا حضراتكم إشراق النّجوم من أفق محبّة الله.

اعلموا قدر هذه الأيّام فإنّ هذا القرن قرن الجمال المبارك وهذا العصر عصر نورانيّ وهذا الدّور دور أخبر به جميع الأنبياء وهذه الأيّام أيّام بذر البذور وأيّام غرس الأشجار. فالفيوضات الإلهيّة تنزل تباعًا وكلّ من يبذر بذرًا تنبت منه شقائق الحقائق وتلك هي محبّة الله ومعرفة الله والفيوضات السّماويّة والعدل العمومي والصّلح الأكبر ووحدة العالم الإنسانيّ، ولو بذرت نفس بذرًا في هذا العالم فإنّها تنال البركة الإلهيّة في جميع العوالم الإلهيّة.

إنّ عموم أهل العالم اليوم منهمكون في الشّهوات ومشغولون بالأغراض النّفسانيّة ومبتلون بالبغضاء والعداوة وشغلهم الشّاغل هو محوهم بعضهم بعضًا فيريدون أن يمحوا بعضهم البعض الآخر محوًا تامًا.

لكنّكم أنتم جمع لا مقصد لكم غير المحبّة للعموم وليس لكم أمل غير خدمة النّوع البشريّ. إذًا فيجب أن تجهدوا بجميع قواكم وتعملوا وفق تعاليم حضرة بهاء الله فعاملوا جميع البشر بالمحبّة والوحدة حتّى ينبت هذا البذر الطّاهر وينال بركة سماويّة وتسطع أنوار الملكوت وتتمّ الفيوضات الإلهيّة واعرفوا قدر هذا الفيض واجهدوا بأرواحكم وقلوبكم حتّى تظهر أنوار بهاء الله وآثاره من أعمالكم وأقوالكم وسلوككم إلى درجة يشهد النّاس فيها على أنكم بهائيّون حقيقيّون. فإن عملتم بهذا فالسّعادة الأبديّة هي لكم والفيوضات الإلهيّة تهطل عليكم تباعًا حتّى يصير كلّ منكم شجرة مباركة تحمل أثمارًا باقية.

إنّ هذا العصر عصر الجمال المبارك والرّبيع الإلهيّ وموسم الورد والرّيحان وأوان الخضرة والنّضرة فاعرفوا قدر هذا واسعوا ليلاً ونهارًا حتّى تحصل المحبّة الكاملة بين القلوب وتصبحوا في منتهى الاتّحاد وكلّما اشتدّ اتّحادكم ازداد تأييدكم. لاحظوا أنّني في هذا السّن وفي هذا الضّعف طويت المحيط الأطلسي الأعظم حتّى أشاهد في وجوه حضراتكم أنوار محبّة الله وأرى روح محبّة الله نافذًا في قلوبكم وحتّى ألقاكم في منتهى الاتّحاد لأنكم أزهار حديقة واحدة وأوراق شجرة واحدة وأنوار شمس واحدة ولهذا فإنّي أتضرّع بمنتهى التّبتّل والابتهال وأرجو لكم العزّة الأبديّة وألتمس لكم الموهبة السّرمديّة وأدعو في حقّكم.

اليوم يوم لا يمكنني أن أنساه. اليوم يوم سيكتب ذكره بقلم من الماس.

المصادر
المحتوى
OV