الرّبيع الإلهيّ

حضرة عبد البهاء
أصلي عربي

الرّبيع الإلهيّ

الخطبة المباركة في بيت السّيّد والسّيّدة ماجوري

مورتن في نيويورك في 13 نيسان سنة 1912

هو الله

إنّ أيّام ظهور المظاهر المقدّسة هي الرّبيع الإلهيّ حين تصير أراضي القلوب خضراء نضرة وتتفتّح أزهار الحدائق وتحمل أشجار الوجود الإنسانيّ أثمارًا وافرة وتجري أنهار الأسرار ويفيض ينبوع العرفان ويتجدّد عالم الوجود من أمطار الرّبيع الإلهيّ.

ولكن بعد مرور مدّة من الزّمن تنسى الحقائق الإلهيّة شيئًا فشيئًا وتذبل القلوب وتصبح النّفوس كأنّها ميّتة فينقطع الفيض الإلهيّ وتمحى الأسرار الرّبانيّة من بين النّاس ولهذا يتجلّى جمال الرّبيع الرّبانيّ مرّة أخرى وتهطل أمطار الرّحمة وتهبّ نفحات العناية ويتجدّد عالم الوجود وتمتلئ حديقة العرفان بالأزهار والبراعم وتعطي أشجار الوجود أثمارًا يانعة.

فعندما انقطعت مرّة أخرى النّفحات الإلهيّة مدّة من الزمن وزالت الكمالات المعنويّة وغلبت الرّوحانيّات وانتصرت المادّيّات وأصبح عالم الإمكان جسمًا بلا روح ولم يبقَ أيّ أثر للرّبيع الإلهيّ إذ ذاك ظهر حضرة بهاء الله فتجدّد الرّبيع الإلهيّ وهبّت تلك النّفحات نفسها وهطلت تلك الأمطار نفسها وأحاط ذلك الفيض نفسه بالعالم فبدأ العالم الإنسانيّ يرتقي يومًا بعد يوم وهبّ نسيم جديد وأصبحت أشجار الوجود نضرة وجرت أنهار الأسرار وأحاط فيض الملكوت بالوجود وصارت تأييدات الجمال الأبهى محيطة بكلّ شيء ونفثات الرّوح القدس تهب الرّوح.

وأملي أن تبحثوا في هذا الرّبيع الإلهيّ عن الفيض الأبديّ وتنالوا الحياة السّماويّة وتصبحوا أشجارًا مثمرة في حديقة الإمكان وتنالوا من نسيم العناية اخضرارًا وطراوة وتصبحوا ممتلئين بالأوراق والبراعم.

لا تكونوا كشجرة يابسة لا تؤثّر فيها أبدًا أمطار الرّبيع مهما هطلت ولا نسائم الرّوح مهما هبّت. بل كونوا أشجار الجنّة الأبهى وأزهار الحديقة الإلهيّة وكونوا في منتهى البهجة والنّضرة وانتعشوا بالفيض الأبديّ واكتسبوا حياة خالدة وإنّي لأدعو ربّي مرّة أخرى من أجلكم.

المصادر
المحتوى
OV