معانقة الشّرق والغرب

حضرة عبد البهاء
أصلي عربي

معانقة الشّرق والغرب

ألقيت في يوم الثّلاثاء الموافق 16 نيسان 1912

في منزل السّيّد والسّيّدة داج في نيويورك

هو الله

ما أروع هذا الاجتماع! لا تستطيع القوى المادّيّة أن توجد ألفة بين هذه النّفوس وتجذبها بمثل هذه الدّرجة نحو المحبّة والاتّحاد.

لم ينعقد حتّى الآن مثل هذا المجلس الّذي يحضره أناس من الشّرق فيستقبلهم أهل الغرب بمثل هذه المحبّة والوفاق غير المتناهين ويحسنون ضيافتهم، وإنّما حصل هذا بقوّة إلهيّة.

فحينما ظهر السّيّد المسيح ألّف بين الشّعوب والفرق المختلفة فأحلّ الوئام بين اليونان والرّومان والسّريان والمصريّين لأنّ العداوة والخلاف بين تلك الأقوام كانا مستفحلين إلى درجة يستحيل معهما حصول الألفة والوئام بينها.

لكنّ حضرة المسيح بقوّة إلهيّة جعل الجميع متّحدين متّفقين.

إذن فهذه الألفة والمحبّة الّتي أحلّها بيننا حضرة بهاء الله لا يمكن أن تكون إلاّ بقوّة إلهيّة.

وسوف تلاحظون في المستقبل القريب كيف سيتعانق الشّرق والغرب وكيف ستخفق راية وحدة العالم الإنسانيّ وتجمع هذه القوّة جميع الملل تحت ظلّها فلا يبقى من يسمّي نفسه أمريكيًّا او إيرانيًّا ولا من يفتخر باسم إنكليزيّ أو ألمانيّ ولا يسمّون باسم فرنسيّ أو عربيّ بل يصبح الجميع ملّة واحدة فحينما تسأل أيّ إنسان: "من أيّة ملّة أنت؟" فإنّه يجيب: "أنا إنسان وأنا تحت ظلّ عناية حضرة بهاء الله خادم للعالم الإنسانيّ ولجيش الصّلح الأكبر" ويصبح الجميع ملّة واحدة وعائلة واحدة وأهل وطن واحد ولا يبقى هذا النّزاع والجدال.

لقد ظهر حضرة بهاء الله في نقطة كانت مركز التّعصّب ومع أنّ الملل والمذاهب المختلفة فيها كانت في منتهى البغضاء والعداوة يسفك بعضها دماء البعض الآخر فإنّه أحلّ الاتّحاد والاتّفاق إلى درجة أصبحوا معهما في منتهى الوئام والألفة وغاية آمالهم واشتياقهم هي أن يجتمعوا بكم يومًا من الأيّام وجهًا لوجه ليروا ماذا فعلت قوّة حضرة بهاء الله بكم.

إنّ العالم الإنسانيّ سقيم اليوم وعلاجه هو اتّحاد العالم، وحياته كامنة في الصّلح الأكبر وسروره في وحدة العالم الإنسانيّ. وإنّي لأرجو من فضل الله وعنايته أن تبعثوا بروح جديدة وتقوموا بقوّة تسري بها آثار وحدة العالم الإنسانيّ والصّلح الأكبر والمحبّة الإلهيّة من هذا البلد إلى سائر البلاد. بل تسري من أمريكا إلى القارّات الأخرى لأنّ هذه المملكة نالت استعدادًا عظيمًا، وأملي أن تنال قوّة روحانيّة مماثلة للرّقيّ العظيم الّذي حقّقته في مجال المادّيّات وأن تنال فيوضات إلهيّة وأن يكون توجّهها نحو الله فيصبح الجميع خدّامًا للعالم الإنسانيّ، وينشروا الفضائل الإنسانيّة حتّى تشرق أنوار المدنيّة السّماويّة من هذه الجهة على جميع الجهات فتنزل أورشليم الإلهيّة ويحيط فيض الملكوت بالعالم.

وأملي أن تظهروا قوّة شديدة في هذا الميدان لأنّ الله معينكم ونفثات الرّوح القدس مؤيّدة لكم وملائكة الملكوت حامية لكم وسوف تحيط بكم هذه الفيوضات حتمًا.

المصادر
المحتوى
OV