علة سعادة وبلاء النفوس

حضرة عبد البهاء
النسخة العربية الأصلية

سعادة وبلاء النفوس – آثار حضرة عبدالبهاء – من مكاتيب حضرة عبدالبهاء، المجلد ١، الصفحة ١١٠

وَأَمَّا مَا سَأَلْتِ أَنَّ بَعْضَ النُّفُوسِ سَعِيدَةٌ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَبَعْضَهَا فِي أَشَدِّ بَلَاءٍ، فَمَا السَّبَبُ لِهَذَا؟

إِعْلَمِي أَنَّ حِكْمَةَ اللّهِ اقْتَضَتِ التَّنَوُّعَ والاخْتِلَافَ فِي المَعِيشَةِ ولَوْ لَا التَنوُّعُ مَا انْتَظمَتِ الأُمُورُ وَمَا تَكَمَّلَ الوُجُودُ، وَلَوْ كَانَتِ الأَشْجارُ كُلُّهَا نَوْعاً واحِداً وكُلُّها رَشِيقَةً بَدِيعَةً لَمَا كانَ لَها صَفاءٌ وبَهاءٌ ونَضارَةٌ وكمالٌ، فَبِتَنوُّعِ الأَشْجارِ حَصَلَ الانْتِظَامُ واللِّطَافَةُ والصَّفاءُ وتَرَتَّبَتِ الآفاقُ، فَلِكُلِّ إِنْسانٍ مُصابٍ بِالبَلَاءِ لَمُكَافَأَةً في مَلَكُوتِ اللّهِ لأَنَّ حَياةَ الدُّنْيا كُلَّها كَرْبٌ وَبَلاءٌ فتَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الدَّرَجاتِ، فالمُلُوكِ لَهُمْ تَعَبٌ وَبَلَاءٌ والمَمْلُوكُ لَهُ مِحْنَةٌ وَشَقاءٌ، فبِالنِّسْبَةِ المُلُوكُ فِي النَّعِيْمِ وَالمَمْلُوكُ فِي الجَحِيمِ، وَلكنْ في نَفْسِ الأَمْرِ المُلُوكُ أَيضاً فِي بَلَاءٍ عَظِيمٍ، وَلَا يَسْتَرِيحُ في الدُّنْيا إِنْسانٌ ولا يَطْمَئِنُّ قَلْبٌ ولا يَسْتَبْشِرُ رُوحٌ بَلْ كُلُّهُمْ مَحْفُوفُونَ بِنَوْعٍ مِنَ البَلَاءِ، والمُكَافَأةُ على تَحَمُّلِ البَلَاءِ في مَلَكُوتِ ٱللّهِ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللّهَ أَنْ يَجْعَلَكِ آيةَ الهُدَى والنَّاطقَةَ بِالثَّناءِ عَلى جَمالِ الأَبْهَى وَيَهْدِيَ اللّهُ بِكِ نُفُوساً كَثِيرَةً تَنْجَذِبُ بِنَفَحاتِ اللّهِ وعَلَيكِ التَحِيَّةُ والثَّناءُ (عبدالبهاء عبّاس)

المصادر
المحتوى
OV