الحقيقة النورانية

حضرة عبد البهاء
أصلي عربي

الحقيقة النورانية – من مكاتيب حضرة عبدالبهاء، المجلد ١، الصفحة ٨٠

هو الله

الحَمْدُ للّهِ الَّذي أَنْشَأَ فِي عَالَمِ الكَيانِ غَيبِ الأَكْوانِ حَقِيقَةً ثابِتَةً نُورانِيَّةً فائِضَةً عَلى الإِمْكَانِ وَجَعَلَ لَهَا صُورَةَ الرَّحْمَنِ وَأَبْدعَ فِيها مِنَ الكَمالَاتِ الإِلهِيَّةِ وَالحَقائِقِ الكَوْنِيَّةِ بِوُضُوحِ العَيانِ وَجَعَلَها كِتابًا مُبِينًا ناطِقًا بأَحْسَنِ تِبْيانٍ وَأَحْلى وَأَفْصَحِ بَيانٍ، فَكَانَتْ نُقطَةً جامِعَةً لِجَمِيعِ الأَسْرارِ المُودُعَةِ فِي عالَمِ العِرْفانِ وَمَرْكَزَ الوَجْدِ وَالوِجْدَانِ فَتَفَصَّلَتْ وَتَكَثَّرَتْ وَانْبَسَطَتْ وَتَوَسَّعَتْ وَكَانَتْ مَبْدأَ الحُرُوفاتِ وَالكلِماتِ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ وَالرَّقِّ المَنْشُورِ، وَالبَهاءُ وَالسَّناءُ وَالتَّحِيَّةُ وَالثَّنَاءُ عَلى الحَقِيقَةِ الكَامِلَةِ وَالكَينُونَةِ الشَّامِلَةِ وَالهُوِيَّةِ الجامِعَةِ وَالجِلْوَةِ اللَّامِعَةِ وَالشَّعْشَعَةِ السَّاطِعَةِ وَالحُجَّةِ الباهِرَةِ وَالنِّعْمَةِ السَّابِغَةِ وَعَلى مَنِ اقْتَبَسَ الأَنْوارَ مِنْ مَطْلَعِ الأَسْرارِ وَاسْتَفاضَ مِنْ مَرْكَزِ الآثارِ الكَاشِفِ للأَستارِ المُشْرِقِ عَلَى الأَقْطارِ بَهاءً وَثَناءً إِلَى أَبَدِ الآبادِ وَسَرْمَدِ الأَحْقابِ وَالأَدْهارِ، يَا مَنْ نَطَقَتْ أَلْسُنُ المُمْكِناتِ بِتَقْدِيسِ ذَاتِهِ وَدَلَّتْ جَمِيعُ المَوْجُودَاتِ بِتَنْزِيهِ صِفاتِهِ وَأَثْنَتْ عَلَيهِ كُلُّ الأَشْياءِ بأَحْسَنِ بَيانٍ وَحَمِدَهُ بأَبْدَعِ تِبْيانٍ وَهُوَ فِي حَقِيقَةِ ذَاتِهِ وَهُوِيَّةِ كَينُونَتِهِ مُسْتَغْنٍ عَنْ كُلِّ الأَوْصافِ، فَلَمْ يَصِلْ إِلَيهِ نَعْتٌ مِنْ نُعُوتِ الأَسْلَافِ وَلَا المَحامِدُ مِنَ الأَخْلَافِ، رَبِّ أَنِّي لِلذُّبابِ الحَقِيرِ الطَّيرانُ إِلَى أَوْجِ عُقابِ الأَثِيرِ، وَكَيفَ تَسْتَطيعُ عَناكِبُ العُقُولِ أَنْ تَنْسُجَ بِلُعَابِهَا فِي أَعْلَى رَفْرَفِ العُلَى وَلَوْ كَانَ مُؤَيَّدًا بأَشَدِّ القُوَى، فَالذَّرَّةُ خَاسِرَةٌ عِنْدَ وَصْفِها للشَّمْسِ الطَّالِعَةِ وَالقَطْرَةُ خائِبَةٌ إِذَا أَرادَتْ نَعْتَ البُحُورِ الزَّاخِرَةِ، هَذِهِ صِفَةُ الإِمْكَانِ وَتِلْكَ عِزَّةُ الرَّحْمَنِ وَقُدْسُ العَزِيزِ المَنَّانِ، فَهَلْ مِنْ سَبِيلٍ إِلَى المَحامِد وَالنُّعُوتِ؟ لَا وَعِزَّتِكَ يَا رَبَّ المَلَكُوتِ، إِنَّكَ أَنْتَ المُنَزَّهُ المُقَدَّسُ المُتَعالي العَزِيزُ الوَدُودُ، فَمَا حِيلَتِي يَا رَبِّي وَمَا سَبِيلي يَا مَحْبُوبِي إِلَّا أَنْ أَدْعُوكَ بِلِسانِي وَفُؤَاديْ، وَأَرْجُوكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى الوُجُوهِ البَاهِرَةِ وَالنُّفُوسِ النَّاطِقَةِ وَالحَقائِقِ الفائِضَةِ بِلَحَظاتِ عَينِ رَحْمانِيَّتِكَ، وَتَشْمَلَهُمْ بعَواطِفِ سُلْطانِ فَرْدانِيَّتِكَ وَتُؤَيِّدَهُم عَلَى الاسْتِقامَةِ فِي أمْرِكَ وَالثُّبُوتِ عَلَى مِيْثاقِكَ، وَتُوَفَّقَهُمْ عَلَى تَبْلِيغِ آياتِكَ وَهِدَايةِ مَنْ فِي بِلَادِكَ حَتَّى تُنْشَرَ فِي الآفاقِ مآثِرُكَ وَتَشْتَهِرَ عَلَى مَمَرِّ الآثارِ إِشْراقُ مَظاهِرِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُوَفِّقُ المُؤَيِّدُ الكَرِيمُ العَزِيزُ الوَدُودُ وَإِنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ الرَّؤُوفُ الجَليلُ المَحْمُود. (عبدالبهاء عبّاس)

المصادر
المحتوى
OV