الحمد لله الذی بفیض ظهوره الأعلی کشف الغطاء عن وجه الهدی و أشرقت الأرض و السماء فارتفع ضجیج الملأ الأعلی سبحان ربی الأبهی قد انقضت اللیالی الدهماء و انشقت الحجبات الظلماء و انفلق صبح البقاء و لاحت شمس الحقیقة فی أفق العلی فهتفت ملائکة البشری تعالی تعالی من هذا الجمال الأسنی قد هاج ریاح الوفاء و ماج قلزم الکبریاء و خاض نفوس الأصفیاء و التقطوا لآلی نوراء و نثروا فی ذیل الأذکیاء فهلل الأولیاء سبوح قدوس رب هذه الأیادی البیضاء لاحت لوائح العطاء و فاحت فوائح الندی و هبت لواقح الصبا و ارتفعت سحائب الجود فوق الغبراء و حی الحیا تلک الحزون و الربی و نزینت الحدائق الغلباء و اخضرت الریاض الغناء فغردت حمائم الذکری فی الجنة العلیا تبارک الله رب الآخرة و الأولی قد نفخ فی الصور النفخة الأولی و انصعق من فی الأرض و السموات العلی فتبعتها نفخة أخری نفخة الحیاة و قامت الأموات من مراقد الفناء و امتد الصراط السوی بین الوری و نصب المیزان الأوفی و أزلفت الجنة المأوی و تسعرت نار اللظی فضجت النفوس بالنداء قد قامت القیامة الکبری و ظهرت الطامة العظمی و حشر من فی الإنشاء و جاء ربک و الملک صفا صفا فنطق ألسن أهل الولاء و قالت لبیک اللهم لبیک یا ربنا الأعلی الحی القیوم فی ملکوت الأبهی نحمدک و نشکرک فی جنة اللقاء علی هذه الموهبة و العطاء و الموائد التی لا تحصی و معاملتک الحسنی و مشاهدة جمالک الطالع اللامع بالأفق الأعلی یا قیوم الأرض و السماء و البهاء الساطع اللائح من الفیض الرحمانی و التجلی الإلهی یفیض علی الکلمة الجامعة العلیا و الحقیقة اللامعة النوراء و الکینونة الباهرة الأولی و الذاتیة الکاملة المثلی الموٴیدة بشدید القوی عند سدرة المنتهی و المسجد الأقصی الذی بارک الله حوله المبشرة بطلوع شمس الضحی و بدر الدجی شارق البهاء الشجرة المبارکة الثابتة الأصل و فرعها فی السماء و علی فروعها و أصولها و أفنانها و أوراقها و أزهارها و أثمارها فی جمیع المراتب و الشئون من ظاهرها و باطنها دائما أبدا سرمدا ببقاء الله الملک الأعلی
یا أیها السائل المتدندن حول الحمی المتساقط فی و هدة الحیرة فی أمر ربک الأبهی إلی متی تستغرق نوما فی مضاجع الحسرة و الهوی و مراقد الشبهات و الامتراء فانتبه و أخرق الحجبات و مزق السبحات بقوة القوی و انظر ببصر ما زاغ فیما شاهد و رأی من آیات ربک الکبری
ثم اعلم بأن و فد فی فناء ساحة الکبریاء معهد اللقاء رجال فازوا بلقاء ربهم الأبهی و شملتهم العنایة و أشرق علیهم أنوار الوجه و فاض علیهم غمام الجود ماء مبارکا من العطاء و طهر أفئدتهم عن شائبة المریة و الغوی و أدرکتهم لحظات أعین الرحمانیة حتی فازوا بمقام المکاشفة و الشهود و ذلک فضل یختص به من یشاء و نادوا ربهم بصوتهم الأخفی رب اکشف الغطاء عن أبصار ذوی القربی و اهدهم سبل الرشاد إنهم عبادک الضعفاء الأذلاء الفقراء عاملهم برحمتک الکبری و اشف سمعهم و أبصارهم و أرفع الغشاوة عن قلوبهم فی أیامک و أوردهم علی شریعة هدایتک و منهل عنایتک فإنهم هلکی من شدة الظمأ أی رب إنهم و قعوا فی البلاد الأقصی و جمالک الأعظم فی معاهد الأنبیاء البقعة البیضاء و لا یفقهون معنی الکتاب و ما تمرنوا فی فهم فصل الخطاب بین الأرقاء و وقعوا فی تیه الحیرة صرعی من و ساوس أهل الشقاء و أراجیف أولی الوهم و الهوی الذین نقضوا میثاقک و غفلوا عن إشراقک و ترکوا العروة الوثقی و تبرأوا من مظهر نفسک العلی الأعلی علی المنابر فی محضر الجهلاء و تفوهوا بما تزلزل به أرکان الوجود و سالت العبرات و اشتدت الزفرات فی قلوب أهل التقی أی رب لو لا فیضک الشامل الأوفی و فضلک الکامل علی ذوی النهی أنی للضعفاء و لو کانوا من أولی الحجی مع الأجنحة المنکسرة العروج إلی الذروة الأسمی و الصعود إلی الرفرف الأعلی و تختص برحمتک من تشاء و تهدی من تشاء و تضل من تشاء و ما یشاوٴون إلا أن تشاء إنک أنت المؤید الموفق المحیی الممیت ثم حضروا هؤلاء عند عبد آواه الله فی جوار رحمته الکبری و أفاض علیه سحائب عنایته العظمی و التمسوا منه أن یتصدی بطلب بیان معانی سورة الفاتحة الناطقة بأسرار الملک الأعلی لیکون ذلک التفسیر و التأویل من معالم التنزیل عبرة للذین یریدون البصیرة و الهدی فصدر الأمر من مطلع إرادة ربک لهذا العبد البائس العاجز المنکسر الجناح أن أحرر ما یجریه علی قلمی بنفثات روح تأییده و أنفاس قوة توفیقه لیکون ذلک عبرة لأولی النهی و یثبت أن الصعوة بفضل من الله تستنسر فی أیام الله
بسم الله الرحمن الرحیم
إعلم أن البسملة عنوانها الباء و أن الباء التدوینی هی الحقیقة المجملة الجامعة الشاملة للمعانی الإلهیة و الحقائق الربانیة و الدقائق الصمدانیة و الأسرار الکونیة و هی - فی مبداء البیان و جوهر التبیان - عنوان الکتاب المجید و فاتحة منشور التجرید بظهور لا إله إلا الله کلمة التوحید و آیة التفرید و التقدیس من حیث الإجمال و التفصیل و إن الباء التکوینی هی الکلمة العلیا و الفیض الجامع اللامع الشامل المجمل الحائز للمعانی و العوالم الإلهیة و الحقائق الجامعة الکونیة بالوجه الأعلی لأن التدوین طبق التکوین و عنوانه و ظهوره و مثاله و مجلاه و تجلیه و شعاعه عند تطبیق المراتب الکونیة بالعالم الأعلی فانظر فی منشور هذا الکون الإٓلهی تلقاء لوحا محفوظا و کتابا مسطورا و سفرا جامعا و إنجیلا ناطقا و قرآنا فارقا و بیانا و اضحا بل أم الکتاب الذی منه انتشر کل الصحائف و الزبر و الألواح و إن الموجودات و الممکنات و الحقائق و الأعیان کلها حروف و کلمات و أرقام و إشارات تنطق بافصح لسان و أبدع بیان بمحامد موجدها و نعوت منشئها و تسبیح بارئها و تقدیس صانعها بل کل و احدة منها قصیدة فریدة غراء و خریدة بدیعة نوراء قل لو کان البحر مدادا لکلمات ربی لنفد البحر قبل أن تنفد کلمات ربی و لو جئنا بمثله مددا و لا یحیطون بشیء من علمه و هذا الرق المنشور و حقیقة الزبور المحتوی علی کلمات الوجود منظوما و منثورا تلاه علینا الرب الغفور تلاوة آیات الکینونة بسر البینونة إجمالا و تفصیلا من حیث الإیجاد من الغیب إلی الشهود و لا زالت هذه الکلمات صادرة و الآیات نارلة و البینات و اضحة و المعانی ظاهرة و الحقائق بارزة و الأسرار کاشفة و الرموز سافرة و الألسن ناطقة سرمدا أبدا فی هذه النشأة الکبری و مجالی القدرة العظمی فسبحان ربی الأعلی طوبی لأذن و اعیة و أسماع صاغیة و أفئدة صافیة و إدراکات کافیة تنتبه لاستماع هذه الآیات الجلیلة و إدراک المعانی الکلیة الإلهیة
و لنرجع إلی بیان الباء و نقول إنها متضمنة معنی الألف المطلقة الإلهیة بشئونها و أطوارها اللینیة و القائمة و المتحرکة و المبسوطة و نحوها فی البسملة التی هی عنوان کتاب القدم بالطراز الأول المشتملة علی جمیع المعانی الإلهیة و الحقائق الربانیة و الأسرار الکونیة المبتداء فیها بالحرف الأول من الاسم الأعظم <<بهاء>> بالوجه الأتم الأقوم کما قال إمام الهدی جعفر بن محمد الصادق - علیه السلام - فی تفسیر البسملة: الباء بهاء الله و القوم إنما اعتبروا الحذف و التقدیر للألف بین الباء و السین جهلا و سفها حیث لم ینتبهوا لمعرفة الآیات الباهرة و البینات الظاهرة و الجامعیة الکاملة الشاملة الزاهرة السافرة فی هذا الحرف المجید و السر الفرید لأنها متضمنة بالوجه الأعلی جمیع المعانی الکلیة المندمجة المندرجة فی هویة الحروفات العالیات و الکلمات التامات أما تری أن الألف ظهرت فی سبح اسم ربک الأعلی و اقرأ باسم ربک و باسم الله مجراها و مرساها لا سیما إنها أی الباء ألف مطلقة إلهیة فی غیبها و ألف مبسوطه فی شهادتها و عینها فاجتمعت الشهادة و الغیب و العلم و العین و الباطن و الظاهر و الحقیقة و الشئون فی هذا الحرف الساطع البارع الصادع العظیم و إن سائر الحروف و الکلمات شئونها و أطوارها و آثارها و أسرارها فإنها مبداء الوجود و مصدر الشهود فی عالمی التکوین و التدوین و إنها عنوان الکتب الإلهیة و الصحف الربانیة و الزبر الصمدانیة فی البسملة التی هی فاتحة الألواح و الأسفار و الصحائف و القرآن العظیم و هذه الکتب بأجمعها و أتمها و أکملها و جمیع معانیها الإلهیة المندرجة المندمجة فی حقیقة کلماتها ساریة و جاریة فی هویة هذا الحرف الکریم و العنوان المجید کما هو مسلم عند أولی العلم
و مروی عن علی - علیه السلام: إن کل ما فی التوراة و الإنجیل و الزبور فی القرآن و کل ما فی القرآن فی الفاتحة و کل ما فی الفاتحة فی البسملة و کل ما فی البسملة فی الباء و کل ما فی الباء فی النقطة و المراد من النقطة الألف اللینیة التی هی باطن الباء و عینها فی غیبها و تعینها و تشخصها و تمیزها فی شهادتها
و قد صرح به من شاع و ذاع فی الآفاق علمه و فضله السید الأجل الرشتی فی دیباجة کتابه و فصل خطابه شرحا علی القصیدة اللامیة فقال: الحمد لله الذی طرز دیباج الکینونة بسر البینونة بطراز النقطة البارز عنها الهاء بالألف بلا إشباع و لا انشقاق فهذه النقطة هی الألف اللینیة التی هی غیب الباء و طرازها و عینها و جمالها و حقیقتها و سرها و کینونتها کما بیناه آنفا و هذه العبارة الجامعة اللامعة الواضحة الصریحة ما أبدعها و أفصحها و أبلغها و أنطقها لله در قائلها و ناطقها و منشئها الذی اطلع بأسرار القدم و کشف الله الغطاء عن بصره و بصیرته و أیده شدید القوی فی إدراکه و استنباطه و جعل الله قلبه مهبط إلهامه و مشرق أنواره و مطلع أسراره و معدن لآلئ حکمه حتی صرح بالاسم الأعظم و السر المنمنم و الرمز المکرم و مفتاح کنوز الحکم بصریح عبارته و بدیه إشارته و وضوح کلامه و رموز خطابه؛ فإنک إذا جمعت النقطة التی هی عین الباء و غیبها و الهاء و الألف بلا إشباع و لا انشقاق استنطق منهن الاسم الأعظم الأعظم و الرسم المشرق اللائح فی أعلی أفق العالم الجامع لجوامع الکلم المشتهر الیوم بین الأمم ثم انظر إلی المتلبسین بالعلم المنتسبین إلی ذلک المنادی فی أعلی النادی کم من لیال تلوا هذه الخطبة الغراء و کم من أیام رتلوا هذه الدیباجة النوراء و لم یلتفتوا إلی هذه الصراحة الکبری و هذه البشارة العظمی و الحال إن هذه العبارة صریحة اللفظ و اضحة المعنی معلومة و منطوقة من معالم التنزیل و لا تحتاج إلی تفسیر و تأویل و إیضاح و تفصیل لیثبت أنهم مصداق الآیة المبارکة إنک لا تهدی العمی عن ضلالتهم - ولا تسمع الصم الدعاء - إنک لا تهدی من أحببت و لکن الله یهدی من یشاء و هذا الراسخ فی العلم الشهیر الشریف قد بین فی جمیع المواضع من شرحه المنیف بعبارات شتی و إشارات غیر معمی و بشارات أظهر من الصبح إذا بدا سر هذا الظهور الناطق فی شجرة الطور و السر المکنون و الرمز المصون و القوم یدرسون و یدرسون و لا یفهمون و لا یفقهون بل فی طغیانهم یعمهون ذرهم فی خوضهم یلعبون و لو لا یطول بنا الحدیث و نخرج عن صدد ما نحن به حثیث لبینت بیانه و شرحت عباراته و أتیت بصریحه و کنایاته و لکن فلنضرب صفحا الآن عن هذا البیان و نترکه لزمان قدره العزیز المنان
و نعود إلی ما کنا فیه من أن القرآن عبارة عن کل الصحف و الألواح و الفاتحة جامعة القرآن و البسملة مجملة الفاتحة و الباء هی الحقیقة الجامعة للکل بالکل فی الکل و إن الحمد فاتحة القرآن و البسملة فاتحة الفاتحة و إن الباء فاتحة فاتحة الفاتحة و إنها لعنوان البسملة فی الصحف الأولی صحف إبراهیم و موسی و الأناجیل الأربعة الفصحی و القرآن الذی علمه شدید القوی و البیان النازل من الملکوت الأعلی و صحائف آیات ربک التی انتشرت فی مشارق الأرض و مغاربها و لما نزلت سورة البرائة فی الفرقان مجردة عن البسملة فابتدیٴ فیها بالباء دون غیرها من الحروف لجامعیتها و کاملیتها و عظیم برهانها و کثرة معانیها و قوة مبانیها و إنها أی الباء أول حرف نطقت به ألسن الموحدین و انشقت به شفة المخلصین فی کور الظهور و الاختراع بل أول حرف خرج من فم الموجودات و فاهت به أفواه الممکنات فی مبداء التکوین و الإبداع عند ما خاطب الحق سبحانه و تعالی خلقه فی ذر البقاء و نادی: ألست بربکم قالوا بلی فابتدأوا بهذا الحرف الشفوی التام دون غیره من سائر الأحرف و بهذا ثبت له خصوصیة لیس علیها کلام و فی الباء الواقعة المتصلة بخبر لیس فی الخطاب إشارة لطیفة بدیعة یعرفها العارف الخبیر و الناقد البصیر فافهم
و بالجملة إن الباء حرف لاهوتی جامع لمعانی جمیع الحروف و الکلمات و شامل لکل الحقائق و الإشارات و مقامه مقام جمع الجمع فی عالم التدوین و التکوین و الأدلة و اضحة و البراهین قاطعة و الحجج بالغة فی ذلک و إنها سبقت الأحرف الملکوتیة و الأرقام الجبروتیة فی جمیع الشئون و المراتب و المقامات و التعینات الخاصة بالحروفات العالیات فهو فی أعلی مقامات الوحدة و الإجمال فی الحقیقة الأولی علی الوجه الأعلی
و قد قال العالم البصیر: ما رأیت شیئا إلا و رأیت الباء مکتوبة علیه فالباء المصاحبة للموجودات من حضرة الحق فی مقام الجمع و الوجود أی بی قام کل شیء و ظهر
و قال محی الدین: بالباء ظهر الوجود و بالنقطة تمیز العابد من المعبود و النقطة للتمییز و هو وجود العبد بما تقتضیه حقیقة العبودیة
و النقطة فی هذا المقام آیة الباء و رایتها و من علائمها و معالمها و تعین من تعیناتها و بها تمییزها و تعریفها و تشخیصها
یا أیها السائل المبتهل إذا اطلعت علی بعض المعانی و الحقائق و العلوم من المنقول و المعقول المودوع فی هذا الحرف الکریم القدیم الساطع الجامع المبین الذی هو عنوان الاسم الأعظم العظیم قل فتبارک الله أحسن الناطقین و تعالی الله خیر المقدرین و نعم المنشئین
و قال السید السند فی شرح القصیدة: و قد قال سبحانه و تعالی الله نور السموات و الأرض فأطلق النور علی الاسم الذی هو العلة لأن الظاهر بالألوهیة هو الاسم الأعظم الأعظم إلی أن قال بقول مولانا و سیدنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق - علیهما آلاف التحیة و الثناء من الملک الخالق - فی تفسیر البسملة: إن الباء بهاء الله
یا أیها السائل فاکرع خمر المعانی من هذه الکأس التی ملئت من فیض عنایة الباری و تمعن فی هذا التصریح الذی قدسه ٱلله عن التفسیر و التأویل حتی تعرف أسرار ٱلله المودعة فی هذا الحرف المجید و الرکن الشدید فئبت بالبرهان الواضح المبین و الدلیل اللائح العظیم أن الاسم الأعظم و الطلسم الأکرم و السر الأقدم هو عنوان جمیع الکتب السماویة و الصحف و الألواح النازلة الإلهیة و مبتدء به فی اللوح المحفوظ و الرق المنشور و مستعان به فی أم الکتاب الذی انتشر منه التوراة و الإنجیل و الفرقان و الزبور بل کان ملجاء منیعا للأنبیاء و کهفا رفیعا و ملاذا آمنا للأصفیاء فی کل کور و دور من الأکوار و الأدوار
و أیضا قال فی شرح القصیدة: و هو باء بسم الله الرحمن الرحیم التی ظهرت الموجودات منها و هی الألف المبسوطة و شجرة طوبی و اللوح الأعلی فإذا اطلعت بهذه الأسرار و أشرق علیک الأنوار و هتکت الأستار و خرقت الحجبات المانعة عن مشاهدة العزیز الجبار و شربت الرحیق فی الکأس الأنیق من ید الرحمن فی ریاض العرفان و لاحظتک عین العنایة بجود و إحسان و عرفت حقائق المعانی و الرموز و الأسرار الفائضة من حرف الاسم الأعظم فی عالم الأنوار قل تعالی تعالی من هذا السر العجیب و تبارک ٱلله من هذا الکنز الغریب و القدرة و القوة و العزة و الکبریاء للناطق بالحق و الهدی من هذا الحرف الذی جمع الحقائق و المعانی کلها و دقائق الکلمات بأسرها حتی الزبر و الصحف الأولی و ألواح ملکوت ربک الأبهی و هذا بیان فی منتهی الإجمال و تبیان فی غایة الاختصار فی معانی هذا الحرف الکریم من النبأ العظیم فإن أطلق زمام جواد المداد فی مضمار المعانی الکلیة و الحقائق الجلیلة التی تتموج کالبحار و تتلاطم کالمحیط الزخار فی حقیقة سر الأسرار الساری فی بواطن هذا الحرف المبین و النور القدیم لضاقت صفحات الآفاق و تتابع هذا الإشراق مستمرا فی مطالع الأوراق و لکن أین المجال فی مثل هذه الأحوال و أنی لهذا الطیر المنکسر الجناح الطیران فی أوج العرفان بعد ما حجبت الأبصار عن مشاهدة الأنوار و صمت الآذان عن استماع نداء الرحمن و القوم فی حجاب عظیم و ضلالهم القدیم لعل الله بید القدرة العظمی یشق الحجبات الظلماء عن الأعین الرمداء و البصائر المبتلیة بالعمی عند ذلک تسمع نغمات عندلیب الوفاء علی أفنان دوحة الذکری و أما الآن نمسک العنان فی میدان التبیان و نبتدیٴ ببیان معنی الاسم و نقول إن الأسماء الإلهیة مشتقة عن الصفات التی هی کمالات لحقیقة الذات و هی أی الأسماء فی مقام أحدیة الذات لیس لها ظهور و تعین و لا سمة و لا إشارة و لا دلالة بل هی شئون للذات بنحو البساطة و الوحدة الأصلیة ثم فی مقام الواحدیة لها ظهور و تعین و تحقق و ثبوت و وجود فائض منبعث من الحقیقة الرحمانیة علی الحقائق الروحانیة و الکینونات الملکوتیة فی حضرة الأعیان الثابتة فمن ثم إن الذات من حیت الربوبیة لها تجلیات و إشراقات علی الحقائق الکونیة و الموجودات الإمکانیة یستغرق بها تلک الحقائق فی مقتضیاتها و آثارها و شئونها و کمالاتها و أسرارها فی الحقیقة الأولی بالوجه الأعلی فبذلک الاعتبار أی أحدیة الذات الاسم عین المسمی و حقیقته و هویته و لیس له وجود زائد ممتاز عن الذات فإن الوجود إما عین الماهیة أو غیرها فإذا کان غیرها هل هو ملازم لها و من مقتضاها من غیر تعطیل و انفکاک أو جاز التعطیل و الانفکاک؟ فالأول حقیقة الذات من حیث أحدیته وجوده عین ماهیته و ماهیته عین وجوده و الثانی مقام الوجوب فالوجود ممتاز عن الماهیة و ملازم لها بوجه لا یتصور الانفکاک و لا یتخطر الانفصال لأنه من مقتضاها و الثالث مقام الإمکان أی الوجود المستفاد من الغیر المکتسب عمن سواه فوجوده غیر ماهیته و ماهیته غیر وجوده مع جواز الانفکاک و الانفصال و مثله فی المضیئات فانظر فی جرم القمر حال کونه ساطعا منیرا لامعا إنما اکتسب و استفاد النور من الشمس و غیر ملازم له و یجوز انفکاکه منه و هذا مقام الوجود الإمکانی و شأنه الحدوث فی عالم الکیان لأن الماهیة غیر الوجود و الوجود غیر الماهیة و یجوز الانفکاک بینهما و أما الشمس مع وجود الجرم و الضیاء أی الماهیة و الوجود بالاستقلال و الامتیاز بینهما الالتزام و الاقتضاء أی الضیاء ملازم لجسمها و جسمها مقتضی له بوجه لا انفکاک و لا انفصال و لا انقطاع لأنها شمس بوجوب الضیاء و إذا و قع أدنی توهم التعطیل سقطت عن الوجوب الذاتی و الضیاء الاستقلالی و ثبت الاستفادة و الاستفاضة من الغیر و هذا شأن الإمکان لیس شأن الوجوب و أما حقیقة النور بذاته فی ذاته فشعاعه عین جسمه و جسمه عین شعاعه أی ماهیته عین وجوده و وجوده عین ماهیته لا تتصور الکثرة و الامتیاز و لا تتوهم الغیریة و الاختلاف و هذا مقام الوجود البحت و واحدیة الذات مع بساطة و وحدة الأسماء و الصفات فإذا کان الوجود المفهوم المحاط الواقع تحت التصور و الإدراک من حیث حقیقته المجردة عن النسب و الإضافات هویة مقدسة عن الکثرات فی أحدیة الذات فما ظنک بالحقیقة البسیطة الکلیة التی هی محیطة بالحقائق و الإدراکات و منزهة عن الأوهام و الإشارات بل عن کل و صف و نعت من جوهر الأحدیة و ساذج الواحدیة لأنها حقیقة صمدانیة مجردة عن کل سمة و إشارة و دلالة فهل یتصور فیها التکثر و التعدد و الامتیاز من حیث کمالات الذات و وجه تعلقه بالصفات و جامعیته للأسماء الإلهیة و الربوبیة المقتضیة لوجود الممکنات؟ أستغفر الله عن ذلک تبارک اسم ربک ذو الجلال و الإکرام فبهذا الدلیل و البرهان و المکاشفة و العیان ثبت أن الاسم فی الحقیقة الأولی عین المسمی و کنهه و هویته و ذاته و حقیقته لأن الأسماء و الصفات فی الحقیقة و تعبیرات کمالیة و عنوانات حقیقة و احدة کان الله و لم یکن معه شیء و هذا بیان شاف کاف ظاهر باهر لا رموز و لا غموض یزیل کل حجاب و یکشف کل نقاب عن وجه الحقیقة عند من بلغ مقام المکاشفة و الشهود بتأیید من الرب الودود و المقصود من الأسماء معانیها المقدسة و حقائقها المنزهة عن کل دلالة و إشارة فإن الأسماء المنطوقة الملفوظة بإعانة الهواء فی عالم الشهادة لا شک إنها غیر المسمی لأنها أعراض تعتری الهواء و إشارات للمعانی الموجودة المعقولة فی الأفئدة المقدسة و العقول المجردة بل المراد المعنی القائم بالذات بوجه البساطة و الوحدة دون شائبة الامتیاز فلنختصر فی بیان الاسم و نذکر معانی الاسم الجلیل و الذکر الحکیم و العنوان الإلهی فی لسان القاصی و الدانی أی اسم الجلالة المتصرف فی عوالم الغیب و الشهادة و نقول إن المفسرین و المأولین من أهل الظاهر و الباطن و اللب و القشور بمثل ما تحیرت عقولهم و ذهل شعورهم فی إدراک کنه ذات الأحدیة و حقیقة صفاته الکمالیة قد تکثرت بیاناتهم و تعددت تعریفاتهم و اختلفت معانیهم و احتارت عقولهم و عجزت نفوسهم فی بیان حقیقة مفهوم هذا الاسم الکریم و العلم العظیم و اشتقاقه قوم ذهبوا إن اللام للتعریف و الإله اسم مصدر بمعنی المألوه کالکتاب بمعنی المکتوب و قالوا معناه المعبود بالاستحقاق و المنعوت بکل کمال جامع عند ملاء الآفاق و قوم اعتقدوا أن معناه و فحواه المحتار فی إدراک کنهه کل العقول و النفوس علی الإطلاق و أمثال ذلک کما هو المذکور فی الکتب و الأوراق و أصح الأقوال عند المحققین منهم إنه علم للذات المستجمع لجمیع الصفات الکمالیة الفائض بالوجود و الشئون الإلهیة علی الموجودات الکونیة و اختصروا علی ذلک و نحن لسنا بصدد ذلک و لا نسلک فی أضیق المسالک بل نقول إن هذه الکلمة الجامعة و الحقیقة الکاملة من حیث دلالتها علی کنه الذات البحت البات لا یتصور عنها الإشارة و لا تدخل فی العبارة أما من حیث ظهور الحق سبحانه و تعالی بمظهر نفسه و استقراره و استوائه علی العرش الرحمانی هذه الکلمة الجامعة بجمیع معانیها و مبانیها و إشاراتها و بشاراتها و شئونها و حقائقها و آثارها و أنوارها و باطنها و ظاهرها و غیبها و شهودها و سرها و علانیتها و أطوارها و أسرارها ظاهرة باهرة ساطعة لامعة فی الحقیقة الکلیة الفردانیة و السدرة اللاهوتیة و الکینونة الربانیة و الذاتیة السبحانیة الهویة المطلقة المجلیة بصفتها الرحمانیة و شئونها الصمدانیة الناطقة فی غیب الإمکان قطب الأکوان المشرقة فی سیناء الظهور طور النور فاران الرحمن المتکلمة فی سدرة الإنسان إنی أنا الله الظاهر الباهر المتجلی علی آفاق الإمکان بحجة و برهان و قدرة و قوة أحاطت ملکوت الأکوان خضعت الأعناق لآیاتی و خشعت الأصوات لسلطانی و شاخصت الأبصار من أنواری و ملئت الآفاق من أسراری و قامت الأموات بنفحاتی و استیقظت الرقود من نسماتی و حارت العقول فی تجلیاتی و اهتزت النفوس من فوحاتی و قرت العیون بکشف جمالی و تنورت القلوب بظهور آثاری و انشرحت الصدور فی جنة لقائی و فردوس عطائی فآه آه یا أیها السائل الناظر إلی الحق بعین الخلق المستوضح الدلیل من أبناء السبیل لو استمعت بأذن الخلیل لسمعت الصریخ و العویل و الأنین و الحنین من حقائق الموجودات و الألسنة الملکوتیة من الممکنات بما غفل العباد و ضلوا عن الرشاد فی یوم المیعاد عن الصراط الممتد بین ملکوت الأرض و السموات مع أن کل الأمم مبشرة و موعودة فی صحائف الله و کتبه و صحفه و زبره بصریح العبارة المستغنیة عن الإشارة بهذا الظهور الأعظم و النور الأقدم و الصراط الأقوم و الجمال المکرم و النیر الأفخم فإذا راجعت تلک الصحائف و الرقاع تجدها ناطقة بأن هذا القطر العظیم و الإقلیم الکریم منعوت بلسان الأنبیاء و المرسلین موصوف و موسوم بأنه أرض مقدسة و خطة طیبة طاهرة و أنها مشرق ظهور الرب بمجده العظیم و سلطانه القویم و أنها مطلع آیاته و مرکز رایاته و مواقع تجلیاته و سیظهر فیها بجنود حیاته و کتائب أسراره و أنها البقعة البیضاء و أن فیها الجرعاء بوادی طوی و فیها طور سیناء و مواضع تجلی ربک الأعلی علی أولی العزم من الأنبیاء و فیها الوادی الأیمن البقعة المبارکة و الوادی المقدس و فیها سمع موسی بن عمران نداء الرحمن من الشجرة المبارکة التی أصلها ثابت و فرعها فی السماء و فیها نادی یحیی بن زکریا یا قوم توبوا قد اقترب ملکوت الله و فیها انتشرت روح الله و رفع منه النداء ربی ربی إلٓهی إلٓهی أیدنی بروحک علی أمرک الذی تزلزل منه أرکان الأرض و قوات السماء و فیها المسجد الأقصی الذی بارک الله حوله و إلیها أسری بالجمال المحمدی فی لیلة الإسراء لیری من آیات ربه الکبری و وروده علیها هو العروج إلی الملکوت الأعلی و الأفق الأبهی فتشرف بلقاء ربه و سمع النداء و اطلع بأسرار الکلمة العلیا و بلغ سدرة المنتهی و دنا فتدلی فکان قاب قوسین أو أدنی و دخل الجنة المأوی و الفردوس الأعلی و أراه الله ملکوت الأرض و السماء کل ذلک بوفوده علی ربه فی هذه البقعة المبارکة النوراء و هذه الحظیرة المقدسة البیضاء و هذا کله صریح الآیة من غیر تفسیر و تأویل و إشارة لا ینکره إلا کل معاند جحود جهول و لا یتوقف فی الإذعان به إلا کل من أنکر صحف الله و زبره و نعوذ بالله من کل لجوج و عنود و إذا عاند معاند و قال تلک الأوصاف و النعوت و المحامد التی شاعت و ذاعت فی صحائف الملکوت إنما حازها هذا الإقلیم الکریم و القطر العظیم حیث کان منشأ الأنبیاء و موطن الأصفیاء و ملجأ الأتقیاء و ملاذ الأولیاء فی زمن الأولین فالجواب القاطع و البرهان الساطع أن الله شرف و بارک و قدس هذه البقعة النوراء بتجلیاته و ظهور آیاته و نشر رایاته و بعث رسله و إنزال کتبه و ما نبی و لا رسول إلا و هو بعث منها أو هاجر إلیها أو تشرف بطوافها أو کان معراجه فیها فالخلیل أوی إلی کهف الرب الجلیل فیها و موسی بن عمران سمع نداء الرب المنان من الشجرة المبارکة المرتفعة فی طور سیناء فیها و إلی الآن لم یلتفتوا الناس ما معنی هذه الواقعة العظیمة المذکورة فی کل الصحف و الزبر و ما هذه الشجرة المبارکة زیتونة لا شرقیة و لا غربیة یکاد زیتها یضیء و لو لم تمسسه نار نور علی نور فالشجرة هذه الحقیقة الظاهرة الباهرة الیوم الناطق من فی نارها بورک من فی النار فموسی بن عمران کان یسمع هذا النداء منها و ذلک الاستماع و الإصغاء مستمر إلی الآن لأن حدود الزمان لیس لها حکم فی عالم الرحمن و مقامات الألوهیة و الربوبیة مقدسة عن الوقت و الأوان جمیع الأزمنة فیها زمن و احد و الأوقات و قت و احد و فیها یتعانق الماضی و الحال و الاستقبال لأنه عالم أبد سرمد دهر لیس له أول و لا آخر
فلنرجع إلی بیان ما کنا فیه و نقول و إن المسیح نادی ربه لبیک اللهم لبیک فی جبالها و سهولها و انتشرت روائح قدسه فیها و الحبیب أسری به إلیها و تشرف بلقاء ربه و رأی آیاته العظمی فی مشارقها و مغاربها بوفوده علیها و قس علی ذلک سائر الأنبیاء و المرسلین إلی أن ظهر هذا الأمر المبین الکریم و النبأ العظیم و السر القدیم و دار فی الأقطار الشاسعة و الأقالیم الواسعة إلی أن تلألأ هذا الإشراق فی هذه الآفاق و استقر العرش الأعظم فی هذا القطر المکرم فلو کان شرفها و عزها و سموها و تقدیسها و تنزیهها لبعث الأنبیاء فیها و هجرتهم إلیها و وفودهم علیها لما خوطب موسی بن عمران: فاخلع نعلیک إنک بالواد المقدس طوی لو کانت البقعة المبارکة شرفها بقدومه لما أمر بخلع نعله بخضوع و خشوع الذی من لوازم آداب الوفود علی ملک کریم و سلطان عظیم و قال: بورک من فی النار و بهذه کفایة لمن ألقی السمع و هو شهید و إلا و لو یأتیهم بکل آیة لن یوٴمنوا بها و ما تغنی الآیات و النذر صدق الله العلی العظیم
و فی کتاب محی الدین إن هذه الأرض المقدسة أرض میعاد أی تقوم فیها القیامة الکبری و هی البقعة البیضاء و إن الملحمة الکبری بمرج عکا و تصبح أرضها کل شبر منها بدینار و فی جفر ابن مجله إن مرج عکا مأدبة الله و إذا أردنا بیان الأحادیث و الأخبار و الروایات الواردة فی مناقب هذه الأرض المقدسة لیطول بنا الکلام و نقع فی الملام فاختصرنا بما هو صریح القرآن و أشرنا مجملا بما هو فی الصحف الأولی و السلام علی من اتبع الهدی و لنعد إلی معنی البسملة و نقول فی بیان الرحمن و الرحیم اعلم أن الرحمة عبارة عن الفیض الإلهی الشامل لجمیع الموجودات و سعت رحمته کل شیء و أنها مصدر لجمیع الممکنات من جمیع الشئون و الأطوار و الظواهر و الأسرار و الحقیقة و الوجود و الآثار و التعینات و القابلیات و التشخصات من الغیب و الشهادة فی عالم الأنوار و أنها تنقسم قسمین بالرحمة الذاتیة الإلهیة و هی عبارة عن إفاضة الوجود بالفیض الأقدس الأعلی فی جمیع المراتب و المقامات التی لا نهایة لها للحقائق و الأعیان الثابتة فی حضرة العلم الذاتی الأعلی و بالرحمة الصفاتیة الفائضة من الحضرة الرحمانیة بالفیض المقدس الأول بحسب الاستعداد و القابلیات المستفیضة من التجلیات الظاهرة الباهرة فی أعیان الموجودات کل و احدة منهما تنحل إلی رحمة عامة التی تساوت فیها الحقائق الموجودة من حیث الوجود العلمی و العینی و رحمة خاصة ظهر برهانها و انکشفت أسرارها و اشتهرت آیاتها و خفقت رایاتها و تلألأت أنوارها و تموجت بحارها و طلعت شموسها و اکفهرت نجومها و رق نسیمها و فاح شمیمها و أضاء أفق مبینها فی الحقائق النورانیة التی استضائت و استفاضت و استنارت من الأشعة الساطعة من شمس الحقیقة فی جمیع الشئون و الأطوار و الأحوال و الآثار و بمثل هذا فانظر فی عالم التشریع و الظهور و الإشراق تری أن الفیض الأقدس الخاص الذی به وجود الهیاکل القدسیة و الکینونات المنزهة اللطیفة الروحانیة هو إفاضة الهدایة الکبری و إیقاد نار المحبة الإلهیة الموقدة فی القلوب الصافیة المشتعلة من النفس الرحمانی و المدد السبحانی و الفیض الإلهی و الجود الصمدانی و تجد أن الفیض المقدس الربانی هو إفاضة الکمالات و الفیض الوجدانی و الصفات و الملکات و العطاء الروحانی و الخصائل و الفضائل التی بها حیاة العالم و نورانیة سائر الأمم فهاتان الرحمتان الذاتیتان أی الخاصة و العامة الصادرتان من الفیض الأقدس الإلهی الذاتی مذکورتان فی البسملة التی فاتحة الایجاد و إفاضة الوجود للموجودات المجردة و المادیة و أما الرحمتان الصفاتیتان الخاصة و العامة الصادرتان من الفیض المقدس الصفاتی فهما مذکورتان فی الفاتحة التی هی بیان المحامد و النعوت الإلهیة و بهذه کفایة لمن أراد أن یطلع بأسرار البسملة و إلا لیس لمعانیها بدایة و نهایة و الروح و البهاء علی أهل الهدایة و السلام
(عبدالبهاء عباس)