يا من امتحن عبدالبهاء، هل يليق لمثلك أن يمتحن عبدًا خاضعًا خاشعًا للّه، لا واللّه، ولمركز الميثاق أن يمتحن أهل الآفاق وليس لهم أن يجعلوا عقولهم موازين الحقّ ويزنوا بها أنوار الإشراق
أَمَا سمعت [بأنّ عليّا - عليه السلام - كان واقفًا على شفا جرف هار مرتفع، فخاطبه رجل من أهل الأوهام وقال: يا أبا الحسن، هل تؤمن بصون اللّه وعونه وحفظه وكلائته؟ فقال: نعم، هذا حقّ بمثل ما أنتم تنطقون، فقال الغافل عن ذكر اللّه: يا عليّ، إذًا فارم بنفسك من الموقع الرفيع إلى أسفل الحضيض حتّى أومن أنّك مطمئنّ النّفس بحفظ اللّه وحراسته، فقال عليّ - عليه السلام في الجواب: ليس لي أن امتحن اللّه بل للّه أن يمتحنني، وهذا ذنبٌ لا يغفر منّي]
إذًا فانتبه يا أيّها الخائض في غمار الامتحان من قوله - عليه السلام - وأنت تمتحن غيرك من لا تحيط به عِلمًا ثمّ اعلم بأنّ التّثليث عين التّربيع والتّربيع عين التّثليث وهذا يعرفه من يعلم لحن القول ويطّلع بالأسرار المرموزة في سطور الكائنات والرّسائل المنزلة من القلم الأعلى وتنكشف عن قريب لك ما سألت عنه إنكشافًا كسطوع الشّمس في كبد السّماء وتنقلب الأمور وتقول سبحان مضحك النّفوس من بعد مبكاها ومحيي العظم الرّميم بعد بليها سبحان ميسّر المعسور والشّارح للصدور عند تغرغر النّفوس وحشرجة النّفوس سبحان من أضاء الظّلام الدّيجور بالنّور السّاطع من أفق رحمة الرّبّ الغيور سبحان من رفع الوضيع ووضع الرّفيع وأطمس النّجوم وجعلها رجومًا لأهل الفجور والبهاء عليك
إذًا فافهم هذه الإشارات المصرّحة للعبارات واطمئنّ بذكر ربّك في كلّ الأحوال ولا تمتحن أحدًا من بعد هذا فإنّ الامتحان سنن الرّحمن فليس للإنسان إلّا الاذعان بما نزل في القرآن: ﴿وَلِنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجَوْعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاثِ﴾ والبهاء عليك. (ع ع)