الواح الخطة الالهية، المجموعة الثانية (اللّوح الثّاني) - إلى أحبّاء الله و إماء الرّحمن في ست عشرة ولاية جنوبيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة

حضرة عبد البهاء
مترجم

الواح الخطة الالهية، المجموعة الثانية (اللوح الثاني) – من آثار حضرة عبدالبهاء

وقد صدر في صباح يوم السّبت الثّالث من شباط سنة ۱۹۱۷ في غرفة إسماعيل آقا في البيت المبارك بحيفا بالعنوان التّالي:

إلى أحبّاء الله وإماء الرّحمن في ست عشرة ولاية جنوبيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة: ديلاوير، ماريلاند، فرجينيا، فرجينيا الغربية، كارولاينا الشّماليّة، كارولاينا الجنوبيّة، جورجيا، فلوريدا، ألاباما، مسيسيبي، تينيسي، كنتاكي، لويزيانا، أركانسو، أوكلاهوما، تكساس عليهم وعليهنّ التّحيّة والثّناء.

﴿ هو الله ﴾

أيّتها النّفوس المباركة المحترمة:

إن فلاسفة القرون الوسطى وعلماء القرون الوسطى وفلاسفة القرون الحديثة قد أجمعوا على أنّ أحسن أقطار الدّنيا هي أقطار المنطقة المعتدلة، لأنّ العقول والأفكار فيها تبلغ منتهى الكمال والاستعداد والقابليّة الحضاريّة في منتهى القوّة، فإذا دقّقتم النّظر في التّاريخ اتّضح لكم أنّ مشاهير الرّجال أكثرهم برزوا من المنطقة المعتدلة، وأنّ الأقلّ من القليل منهم من المنطقة المتجمّدة أو المنطقة الحارّة.

والآن هذه الولايات الست عشرة من الولايات المتّحدة هي في منتهى الاعتدال وتتجلّى فيها كمالات عالم الطّبيعة بمنتهى الرّوعة، لأنّ اعتدال المناخ ولطافة المناظر وجمال الإقليم له تأثير عظيم على عالم العقول والأفكار كما دلّت التجارب، حتّى أنّ المظاهر المقدّسة الإلهيّة كانت أمزجتهم في منتهى الاعتدال وصحّتهم وسلامتهم في غاية الكمال وكانت بنيتهم في منتهى القوّة وقواهم في منتهى الكمال وحواسّهم الظّاهريّة والباطنيّة كانت شديدة بصورة خارقة.

إنّ هذه الولايات الستّ عشرة بالنّسبة إلى الولايات المجاورة هي في غاية الاعتدال، فلا بدّ أن يكون للتّعاليم الإلهيّة فيها تجلّ خاصّ، ولا بدّ أن تؤثّر فيها نفثات روح القدس تأثيرًا عظيمًا، وتسطع فيها شمس الحقيقة في أشدّ حرارتها ويموج بحر محبّة الله موجًا عظيمًا وتهبّ نسائم حديقة الحقائق والمعاني هبوبًا سريعًا، وتنتشر منها نفحات القدس انتشارًا عاجلاً، الحمد لله أن الفيوضات الإلهيّة لا نهاية لها، ونغمة التّعاليم الرّبّانيّة في أشدّ التّأثير، والنّيّر الأعظم في أشدّ إشراق وجنود الملكوت الأعلى في أسرع هجوم، والألسن أحدّ من السّيف، والقلوب أشدّ سطوعًا من النّور الكهربائيّ، وهمّة الأحبّاء فاقت همم السّلف والخلف، والنّفوس في منتهى الانجذاب ونار محبّة الله في منتهى الاشتعال، فلا بدّ من أن نغتنم فرصة هذا الزّمان اغتنامًا كثيرًا، ويجب عدم التّهاون لحظة واحدة، يجب الانقطاع عن كلّ راحة ونعمة واستقرار وتضحية الرّوح والمال جميعها في سبيل مالك الوجود، حتّى يشتدّ نفوذ القوى الملكوتيّة وتنير الأشعّة السّاطعة في هذا الدّور الجديد عوالم العقول والأفكار، لقد انتشرت النّفحات الإلهيّة في أمريكا منذ نحو ثلاث وعشرين سنة، ولكن لم تحصل حركة واشتعال كما ينبغي ويليق، وأملي الآن أن يقوم أحبّاء الله بقوّة سماويّة ونفحات رحمانيّة وانجذابات وجدانيّة وفيوضات سبحانيّة وجنود سماويّة مشتعلين بنار محبّة الله، فيعمّ الخير الوفير في زمن يسير، وتسطع شمس الحقيقة سطوعًا به تتلاشى وتنمحي ظلمات عالم الطّبيعة، وتعلو من كل زاوية نغمة بديعة وتصدح طيور السّحر بأنغام يتحرّك العالم الإنساني ويطرب بها، فتدبّ الحركة في الأجسام المتجمّدة، وتطير النّفوس الّتي هي كالصّخور الصّمّاء من أثر حرارة محبّة الله، كانت أرمينيا قبل ألفيّ سنة ظلمات فوق ظلمات ثمّ أسرعت نفس مباركة واحدة من تلامذة المسيح إلى تلك الجهات، وبالنّتيجة أصبح ذلك القطر مشرقًا منيرًا، ومن هذا يتّضح ما تصنع قوّة الملكوت، إذن فاطمئنّوا بالتّوفيقات الرّحمانيّة والتّأييدات الصّمدانيّة، وتقدّسوا وتنزّهوا عن هذا العالم وما فيه ولتكن نواياكم خالصة، واقطعوا كلّ علائقكم بهذا العالم، وكونوا كجوهر الرّوح خفيفين لطيفين، وقوموا بعزم راسخ وقلب طاهر وروح مستبشرة ولسان ناطق على ترويج التّعاليم الإلهيّة، حتى تنصب خيمة وحدة العالم الإنساني في قطب أمريكا، وتقتدي جميع الشّعوب بالسّياسة الإلهيّة، ومن المعلوم أنّ السّياسة الإلهيّة عدل ورأفة نحو الجميع، لأنّ جميع ملل العالم أغنام الله والله هو الرّاعي الرّؤوف، وقد خلق الله جميع هذه الأغنام وحفظها ورزقها وربّاها، فأيّة رأفة أعظم من رأفته؟ علينا أن نشكره ألف شكر في كلّ آن، لأننا ارتحنا ولله الحمد من التّعصّبات الجاهليّة، وأصبحنا رؤوفين بجميع أغنام الله وصار منتهى آمالنا خدمة الجميع والقيام على تربيتهم قيام الأب الحنون وعليكم وعليهنّ التّحيّة والثّناء.

ليَتلُ كل إنسان يسافر إلى مدن وقرى هذه الولايات لنشر التّعاليم الإلهيّة فيها هذه المناجاة في كلّ صباح:

﴿ هو الله ﴾

إلهي إلهي تراني مَعَ ذُلّي وعدم استعدادي واقتداري مُهتَمًّا بعظائم الأمور، قاصدًا لاعلاءِ كلمتِكَ بين الْجُمهورِ، ناديًا لنشر تعاليمِكَ بين العموم، وإنّي لا أَتَوَفَّقُ بهذا الّا أَنْ يُؤَيِّدَني نفثاتُ روحِ القُدس، وينصُرَني جُنودُ ملكوتِكَ الأعلی وتُحيطَ بي توفيقاتُكَ الّتي تَجْعَلُ الذُّبابَ عقابًا والقطرةَ بحورًا وأنهارًا والذّرّاتِ شُموسًا وانوارًا، رَبِّ أَيِّدني بقوّتِكَ القاهرةِ وقُدرتِكَ النّافذةِ حتّی ينطقَ لساني بمَحامِدكَ ونُعوتِكَ بينَ خلقِكَ ويطفحَ جناني برحيقِ مَحبّتِكَ ومعرفتِكَ، إنّك أنت المقتدرُ علی ما تشاءُ وإنّك علی كلِّ شيءٍ قديرٌ . ع ع

المصادر
المحتوى
OV