الصفحة الرئيسية - المقدمة

السيد كاظم الرشتي
النسخة العربية الأصلية

كتابات المدرسة الشيخية الكشفية

نورين نيّرين أحمد وكاظم

"فالمراد بالشيخي والكشفي أصحاب الشيخ الأعظم والعماد الأقوم والنور الأتم والجامع الأعم عز الإسلام والمسلمين ركن المؤمنين الممتحنين آية الله في العالمين المبطل لمخترعات الصوفيين والمزيف لأغاليط أوهام الحكماء الأولين المبين للطريقة الحقة التي أتى بها سيد المرسلين وخاتم النبيين - صلواة الله عليه وآله الطاهرين - والشارح لبعض مقامات الأئمة الطاهرين مظهر الشريعة وشارح الطريقة بسر الحقيقة شيخنا وسنادنا وعمادنا الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي - أعلى الله مقامه ورفع في الدارين أعلامه - والمنسوبون إلى هذا الجناب قطب الأقطاب ومرجع أولي الأفئدة وأولي الألباب هم المسمّون بالكشفية لأن الله سبحانه قد كشف غطاء الجهل وعدم البصيرة في الدين عن بصائرهم وأبصارهم وانجلت ظلمة الريب والشك عن ضمائرهم وأسرارهم وهم الذين كشفت عن أبصارهم الغشاوة وعن قلوبهم الزيغ والغباوة وهم الذين كشفت عن قلوبهم ظلمة الشكوك والشبهات وظهر النور الحق فيها بالدلائل الواضحات والبراهين اللائحات وهم الذين ليست قلوبهم في اكنة وقد كشف الله سبحانه عن بصيرتهم في الدين كل فتنة وهم الذين أنار الله قلوبهم بنور الهداية وهم الذين فتح الله مسامعهم وأبصار قلوبهم وسرائرهم بالمعرفة والتوحيد والتجريد ومعرفة النبي - صلّى الله عليه - والأئمة - عليهم السلام - الذين هم أركان التوحيد وهم الذين قد كشف الله عن أعين قلوبهم الغين وأزال عنها الرين والمين فعرفوا الأشياء كما هي وما لم يعرفوها سلموا علمها إلى العالم بها واعترفوا بالعجز والقصور كما هو شأن أهل الامكان والأكوان والأعيان."، دليل المتحيرين، السيد كاظم الرشتي


"ان الكشف على قسمين: قسم يكشف الناظر به عن حقيقة ما يتدبر فيه وينظر وليس له لحاظ غير ذلك، فاذا انقطع عما سوى تدبر الآية ظهر له بعض ما فيها من الآيات والعنوانات لان كل شيء خلقه الله في تقدير الله جعله دليلا ومدلولا عليه وشاهدا ومشهودا وكتابا ومكتوبا وبيانا ومبينا وتابعا ومتبوعا وعارضا ومعروضا وعلة ومعلولا وامثال هذه، فاذا نظر في الآية متدبرا لها غير ملتفت إلى ما يفهم قبل ولا إلى قواعد عنده ولا إلى ما انست به نفسه من المسائل فانه ينفتح له بنسبة إقباله وإخلاصه في إقباله، وما حصل له من الآيات والدلالات فلا شك في صحته وقطعيته، وذلك العلم لدني قال سبحانه: “وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين” وقال تعالى في الحديث القدسي: "من اخلص لله العبودية اربعين صباحا تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه" وهذا هو الذي يصح فيه قوله تعالى: “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين” وقسم يكشف الناظر به عن حقيقة خصوص مقصوده فان انقطع في النظر في الآفاق وفي الأنفس تحصيلا لتصحيح معاندته ومكابرته للحق أو للغير حصل له شبه قوية وعبارات متينة وتدقيقات خفية تؤيد باطله، لا يكاد يتخلص منها ويردها ويعرف وجه بطلانها الا صاحب الكشف الأول، والافاق والانفس وان كانتا لم يخلقا باطلا ولا عبثا الا انه سبحانه لما اجرى حكمته على الاختبار والامتحان ليميز الخبيث من الطيب فقال تعالى: “ان الساعة آتية أكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى” ولان الخبيث يشابه الطيب قال تعالى: “مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة” وقال تعالى: “ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة” فشبّه كلا منهما بالشجرة، وكذا في آية: “فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل” وذلك لما بين الضدين من كمال المعاكسة حتى انه يعرف الشيء بضده وكل ذلك لفائدة التمييز والاختبار، ولذا قال: “لو خلص الحق لم يخف على ذي حجى ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فهنالك هلك من هلك ونجا من سبقت له من الله الحسنى” فيعرف المعاند من المشابهات شبها يؤيد باطله، ومثل هذا في عدم الإصابة من انقطع في النظر في الافاق وفي الانفس لتحصيل ما يؤيد ما انست به نفسه من الاعتقادات أو المسائل فانه يحصل له منهما ما يؤيد ما في نفسه، ومثل هذا أيضا من كان عنده قواعد وضوابط لما يعلم ويعتقد فينظر في الافاق وفي الانفس ليحصل له ما يقوي ما عنده من العلوم فاذا ظهر له شيء منهما عرضه على قواعده فان وافق قبله وان خالف تأوله أو طرحه ولعل الخطأ في قواعده، فالكاشف على نحو واحد من هذه الثلاثة لا يكاد يصيب الحق الا نادرا بخلاف الأول فانه لا يكاد يخطئ الحق، مع ان كل واحد من الأربعة يدعي الصواب وهي دعوى باطلة إلا أن يشهد الله سبحانه بصحتها وذلك بما انزل في محكم كتابه وأوحى إلى نبيه ﷺ وألهم أولياءه أهل البيت، فاذا اختلفت الأربعة فعليهم الترافع إلى محكم الكتاب والسنة فمن شهدا له بالصدق فهو الصادق ومن لم يشهدا له فأولئك هم الكاذبون."، شرح العرشية، الشيخ احمد الاحسائي


"ثم انى اجمل القول في ما هو معتقدي عن هذه المسائل المأخوذة من شيخي واستادي وادين الله بهذا الاعتقاد واشهد بالله انه اعتقاد مولينا وشيخنا ان افتريته فعليّ اجرامي وانا بريء مما تجرمون

فاقول ان الذي يجب اعتقاده على المسلمين في معرفة اصول الدين هو ان الله سبحانه هو الواحد المتوحد الفرد المتفرد بقيوميته وايجاده وخلقه ليس له شريك ولا وزير ولا هو سبحانه باحد يستشير ولا يعينه احد ولا يوازره عدد فهو المستقل المتفرد بالخالقية والفاعلية والرازقية خلق السموات بلا عمد وسطح الارضين على وجه ماء جمد وتدل على ذلك ضرورة اهل الاسلام والآيات المحكمة كقوله تعالى الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون وقوله تعالى اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السموات وامثالها من الآيات الكثيرة والاخبار المتواترة المستفيضة عن البيان

فمن اعتقد بخلاف ذلك فهو خارج عن دين الاسلام ومكذب بما جاء به سيد المرسلين صلى الله عليه وآله ومن قال ان عليّا (ع) او احد الائمة (ع) خالقوا السموات والارضين فلا حظ له في الاسلام ولا هو في عداد المسلمين ومن قال انهم (ع) خالقون باذن الله وامره كالشريك المتصرف في الملك باذن الشريك الآخر او كالوكيل الفاعل باذن الموكل وامره او كالعبد الفاعل باذن المولى والسيد فمن قال بهذه المقالة ودان بهذا الاعتقاد فهو كافر باليقين وخارج عن ذمة مذهب المسلمين واني ابرء الى الله تعالى منه وممن يقول بقوله فلا اشك في كفرهم فانهم ملعونون على لسان داود وعيسى بن مريم وهو قول الصادق (ع) من قال نحن خالقون بامر الله فقد كفر

لان الاذن والامر على الاول ينافي توحيد الله ويثبت الشريك له تعالى وعلى الثاني والثالث يستلزم اعتزال الحق عن الخلق ويستلزم التعطيل وضرورة الدين قضت على فساد كل ذلك على اليقين والادلة القطعية من العقلية والنقلية دالة على بطلانه وكفر القائل به وانه شر اليهود والنصارى لان الغلاة صغروا عظمة الله

وكل من يدعي ان لاحد استقلالا وتذوتا بدون الله سبحانه فهو كافر ايضا فمن جعلهم عليهم السلام العلة الفاعلية بالمعاني التي ذكرت لك كما هي الظاهرة المعروفة بين الخلق فاني ابرء الى الله تعالى منه وادين بكفره

واما اطلاق هذه العبارات وارادة انحاء التجوزات ووضع الاصطلاحات وقصد معنى صحيح يطابق ظاهر الشرع الانور المعروف بين هذه الفرقة الناجية كما قال عز وجل واذ تخلق من الطين الآية وقال عز وجل تبارك الله احسن الخالقين وقد قال تعالى وتخلقون افكا وكذلك ما في الروايات كما تلونا عليك سابقا فقد وقع فلا بد ان تحمل امثال هذه الاطلاقات على المعنى الصحيح الذي يطابق ظاهر الشرع لان صدور هذه العبارات من الشارع قطعي كما سمعت من القرآن وعدم ارادته ما هو المعروف المتبادر من المعاني التي ذكرت قطعي ايضا فوجب الحمل على التجوز وانحاء الوجوه والاعتبارات

وكذلك يجب على المسلمين اعتقاد ان الله سبحانه عالم بذاته والعلم عين ذاته وانه تعالى يعلم الاشياء كليها وجزئيها وعلويها وسفليها وجميع ذرات الكاينات بكمال التفصيل قبل وجودها وبعد وجودها ومع وجودها بلا تغير ومن انكر ذلك فهو كافر ونبرء الى الله تعالى منه برائة الله ورسوله والائمة الطاهرين

وكذلك يجب عليهم الاعتقاد بان رسول الله صلى الله عليه وآله عرج بجسمه بل بجسده بل بكثافة بشريته المؤلفة من العناصر الاربعة ومعه صلى الله عليه وآله ثيابه وصعد بما ذكرنا السموات حتى وصل الى العرش وبلغ الى مقام قاب قوسين او ادنى ومن لم يعتقد ذلك نبرء الى الله تعالى منه

وكذلك يجب عليهم الاعتقاد بان الخلق بعد الموت في الحشر يعادون بابدانهم واجسادهم الدنياوية العنصرية بحيث لو وزنتها في الدنيا والآخرة لم يتفاوت قدر حبة خردل ونبرء الى الله تعالى ممن قال بغير هذا او اعتقد بغير هذا فكل من انكر المعاد الجسماني فهو كافر ملعون لعن الله قائله وعذبه بانواع العذاب

ثم اني اعتقد واجزم واقول بلسان حالي ومقالي وجناني واركاني وسري وعلانيتي ان ظاهر ما عليه الفرقة المحقة هو الحق الذي لا شك فيه ولا ريب يعتريه وكل مذهب او اعتقاد او قول او فعل يخالف ما عليه الفرقة المحقة فذلك باطل عاطل فاسد كاسد ابرء الى الله والى رسوله والى الائمة الطاهرين سلام الله عليهم من ذلك القول

وجميع كلماتنا واقوالنا في جميع مصنفاتنا ومباحثاتنا واجوبتنا للمسائل لا يخرج مما عليه الفرقة المحقة فاذا وجدتم كلاما متشابها او ما في ظاهره المنافاة فردوه الى المحكمات وادرؤا الحدود بالشبهات ولا تقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا ولا تكونوا كما قال عز وجل بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والسلام على من اتبع الهدى وخشى عواقب الردى

واعلم اني قد اعذرت وانذرت وبينت وفصلت واوضحت ولم اترك لذي مقال مقالا ولا لذي حجة خصاما وجدالا وبينت ان مولينا واستادنا ما خالف المعروف بين الفرقة المحقة فضلا عن المعروف بين المسلمين قدر شعرة وذرة فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر والمرجع الى الله والملتقى عند الحساب والحكم لله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم."، كشف الحق في مسائل المعراج، السيد كاظم الرشتي

المصادر
المحتوى