بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ابدع ما في السموات والارض بامره ثم الذين امنوا بالله واياته فاولئك هم الى الله يحشرون اما بعد قد اطلعت بما سئلت من معنى حديث الرضا عليه السلام حيث قال عز ذكره ما من فعل يفعله العبد من خير او شر الا لله وفيه قضاء فاعلم ان الله سبحانه ما خلق شيئا وقع عليه اسم شيء الا بما قبل ذات ذلك الشيء ولا يمكن ان يقدر ان يقبل شيء في السموات والارضين وجود الا بجهات سبعة التي هي المشية والارادة والقدر والقضاء والاذن والاجل والكتاب كما صرح بذلك الحديث المروي عن شموس العظمة والجلال حيث قال عز ذكر لا يكون شيء في الارض ولا في السماء الا بسبعة بمشية وارادة وقدر وقضاء واذن واجل وكتاب فمن زعم بنقص واحدة منها فقد كفر وان الدليل بان الشيء لا يمكن ان يقبل الوجود الا بجهات سبعة فهو الذي انا ذا اشير اليه بدليل الحكمة لان الشيء اذا ذكر فله رتبة وجود وانه لا يمكن ان يوجد الا برتبة ماهيته التي هي يكون علة قبول الوجود واذا ثبت حكم الاثنينية يثبت حكم الربط في مقام التثليث يجب في الحكمة حكم الاربعة في حين نزول الامر في عالم الغيب الى الشهادة ولذا فرض في مقام ذكر الحقيقة علية السبعة في كل مراتب الوجود وليس فرق في الحكم بين الوجودات والماهيات كما ذهب الحكماء بان الوجود خير محض من الله وليس فيه اختيار من العباد وليس للماهية وجود الا باعتبار الذهنية وشئونات الوهمية وان ذلك لهو الشرف في مذهب اهل العصمة صلوات الله عليهم وان الحق في الحقيقة هو ان الوجود في كل المراتب خلق في قبول الاختيار مثل الماهيات وان الله لم يجبر شيئا حين الخلق الا باختياره لان سؤال الست بربكم لا يقع الا على المختار وان اليه الاشارة قول المليك الجبار وما من شيء الا يسبح بحمده ومن قال دون ذلك فعليه حق كلمة العذاب ولقد ابسطت ذكر هذه المسئلة في مقامات كثيرة ومن اراد ان يطلع بحقيقة الجواب فليلاحظ ما فصلت في الرسالة الهائية وان المراد بقوله عز ذكره بقضاء فهو رتبة رابع الفعل الذي لم يجر البداء بعده ولذا اختص روحي ومن في ملكوت الامر والخلق فداه برتبة القضاء لان في مراتب الفعل اذا لم يصل الحكم برتبة القضاء فيجري الله فيه احكام البداء واذا اتصل الحكم بمقام القضاء فيمضي الله سبحانه وليس له بداء الا في مقام امكان الشيء فانه بداء لا يتخلف عن شيء ويساوق وجود كل شيء في كل شان واليه الاشارة قوله عز ذكر قل فمن يملك من الله شيئا ان اراد ان يهلك المسيح ابن مريم وامه ومن في الارض جميعا ولله ملك السموات والارض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير فاذا عرفت حكم القضاء في الرتبة الرابع لتوقن بان لا يوجد خير ولا شر في الامكان الا بقضاء الله وقدره والمراتب الخمسة وكل ذلك ما كان الا باختيار العبد وان الاختيار هو مساوق لوجود الشيء وان ظهورات الفعل هي وجودات الاشياء التي توجد بالله سبحانه فاذا عرفت ما عرفت فاشهد سر القدر في حكم مقدر والا فاسلم تسلم وسبحان الله رب العرش عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين