در جواب اسدالله قزوینی - ۱

حضرت باب
النسخة العربية الأصلية

في جواب عريضة الآقا أسدالله القزويني – من آثار حضرة الباب – كتاب ظهور الحق جلد ۳ الصفحة ۱۳

﴿ بسم الله الرّحمٰن الرّحيم ﴾

ألحمد لله الّذي ابتدع الإبداع لا من إبداع قبله واخترع الاختراع لا من اختراع بعده ثمّ جعل القدر بينهما برزخًا لهندسته فسبحانه وتعالى قد علا علوّ ظهور سلطان حضرته عن وصف الجوهريّات وتقدّس قدس مظهر قمص طلعة سلطان قيّوميّته عن نعت الممكنات بحقيقتها فمن قال إنّه معروف بطلعة هويّته فقد اتّخذ في نفسه شبهًا لسلطان أحديّته ومن قال إنّه يدلّ بذاته على ذاته فقد ادّعى حقّ الامتناع في ذاته إذ إنّه كما هو عليه في كينونته [الأزليّة] وإنّيّته الأبديّة مقطّعة العرفان عن حدّ نفسانيّته ومفرّقة حكم البيان بذاتيّته إذ إنّها هي كافوريّة قديمة الّتي هي بإنّيّتها مسدّدة الظّهورات عن حدّ المثال وإنّها هي ذات بحت ساذجيّة الّتي هي بكينونيّتها مقطّعة التّجلّيات عن مقام الجلال فسبحانه وتعالى لا يعلم كيف هو في أزل الآزال وإنّه لهو القويّ العزيز

وها أنا ذا في ليلة النّصف من شهر جيم الأوّلى في سنة ١٢٦٣ على الأرض ثمّ الجبال في الحبس أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له كما قد شهد ذاته بذاته بأنّه لا إله إلّا هو العزيز الحكيم وأشهد لمحمّد - صلّى الله عليه وآله وأوصيائه - صلوات الله عليهم بما هو عليه من العزّة والوحدة والجلال والعظمة حيث لا يحيط بعلم ذلك أحد من الخلق إنّه لا إله إلّا هو العزيز المتعال وأشهد لنفسي بأنّني أنا عبدٌ آمنتُ باللهِ وآياتهِ وصبرتُ في سبيل الله بالورود على تلك الأرض بعد قدرتي لتغربل النّفوس من النّاس وتمحّص الكلّ بأمر الله عن ذكره إنّه هو العزيز الحكيم

وبعد قد قرئتُ كتابكَ واطّلعتُ بما أردتَ في خطابكَ فاعلم أنّ العلم الخالص هو الّذي لا يتعلّق بشيء إلّا بمعرفة الله عزّ ذكره وهو فطرة الله الّتي خلقها الله في العبد ليثبت بها عبوديّته لله ربّه حيث أشار عليّ (ع) في أحرف العبد: "بأنّ العين علمه بالله والباء بونه عن الخلق والدّال دنوه بالخالق بلا كيفٍ ولا إشارةٍ"

وإنّ الّذي كتبتَ من الشّكوك الواردة عليك وعلى إخوانك فهو من بُعْدِ مقامك على بساط قرب طلعة مولاك وسيّدهم فاستعذ بالله واعتصم بحبله وتوكّل عليه واعلم بأنّ حدّ اليقين أن لا تخاف مع الله شيئًا ولا ترى في جنب عظمة الله أمرًا وإنّ دون هذه الرّتبة فليست منّا ولا ينسب إلينا بل بدئت من طمطام ظلمات النّفوس ورجعت إليها إذا لم تحزن بها

وإنّ الّذي كتبتَ مهاجرتك في سبيل الله فلا يخفى على الله شيء في السّمٰوات ولا في الأرض وإنّ عليك المنّة من عنده لما هداك إلى صراطه وإنّه هو يجزي الكلّ بأحسن ممّا يريدون ويعملون ولا تخف في دين الله من عملك فإنّ الله قادر على كلّ شيء ومحيط بكلّ شيء وهو على كلّ شيء شهيد

وإنّ ما كتبتَ بأنّ باب الإمام - عليه السّلام - لا بدّ أن يكون مرآتًا له فهو حقّ لا ريب فيه فكما أنّ الإمام - عليه السّلام - هو مرآت الله جلّ جلاله لا يحكي فيه إلّا طلعته وما جعل الله فرقًا بينه وبينهم إلّا العبوديّة حيث أشار الحجّة - عليه السّلام - في دعائه في شهر رجب المرجّب: "وبمقاماتك الّتي ... الخ" ولكن لا تغفل من حكم العبوديّة فإنّ الإمام - عليه السّلام - مع علوّه على كلّ شيء وغنائه عن كلّ شيء يعجز لمثل قاتله ويطلب منه الماء وإنّ ذلك من تقدير العزيز العليم وإنّ كلّ ما رأيتَ في ذالك المقام من صفات الضّدّيّة يرجع إلى ذلك الحكم وليس لأحد يقول لِمَ وَبِمَ ولا يضرّ لمن عرف الله وأوليائه عدم إظهار علمه بما شاء النّاس لأنّ الله لو أعطى الكلّ بما يهوى إليه نفسه فلم يبق أحد من الكفّار ولا يعجزه ذلك ولكن يظهر حكمه ويتبيّن حجّته ولو كان بآية واحدة الّتي يعجز النّاس عن الإتيان بمثلها ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾

وإنّ ما كتبتَ أنّ السّيّد - رحمه الله عليه - ما ادّعى حكم الّذي أنا ادّعيت ولذا لم يظهر منه خوارق العادات فقد اشتبه الأمر عليك وسمعت قوله في كثير من الأوقات: "وَإِيَّاكَ وَاسْم العَامِرِيَّةِ إِنَّنِي أَخَافُ عَلَيْهَا مِنْ فَمِ المُتَكَلِّمِ" أَمَا سمعت قوله في حقّ من يجيء بعده بتلك الأشعار في كثير من الأوقات: "يَا صَغِيْرَ السِّنِّ يَا رَطْبَ البَدَنِ يَا قَرِيْبَ العَهْدِ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ" وإنّ عدم خوارق العادات من عبده هو من أجل حكم الإمام - عليه السّلام - لما لا يعلم النّاس سرّه وإنّني أنا لو شاء الله ليظهر من عندي فضلاً من عنده كما كتبتُ في كتابين بخطّي إلى إثنين من العلماء حكم فوت المعتمد قبل أجله بسبعة وثمانين يومًا فأيّ أمر يعدل ذلك دَقِّ بصرك وَصَفِّ نضرك واستغفر الله ربّك لتكوننّ من المؤمنين

وإنّ ما كتبتَ من حكم قول الله عزّ وجلّ: "أطعني أجعلك مثلي" لعمري أنا ما أطعت الله بذلك المقام لعجزي وضعفي لا شكّ أنّ الله ربّي لا يخلف الميعاد

وإنّ ما أشرتَ من صنايع مير الدّاماد وشيخ البهائي - رحمة الله عليهما ويغفر الله عنهما - الله يعلم بهما إنّني أنا ما ادّعيت شيئًا من تلك الصّنايع ولا أستطيع بهما إلّا إذا شاء الله وأكرمني وإنّ الرّياضة وقلّة الأكل ليس بدليل في حقّي لأنّني أنا ما أتعب نفسي ولا أقلّل في الأكل لضعف جسمي بل إنّ الحجّة هي عدم الحجّة ممّا يتصوّرون لي فافهم إن كنت ذا فهم واسلم أمر الله لتكوننّ من الفائزين

وإنّ ما وصفتَ من صفات حامل ذلك المقام الله أعلم حيث يجعل حكمه وأمّا العلم هو علمي بالله وأوليائه ولا أعلم دون ذلك وأمّا العمل فما أجد أحدًا أقلّ عملاً منّي ولكن ما يخطر في سرّي أفضل من عمل المجتهدين وأمّا خوارق العادات فلا أملك لنفسي شيئًا وليس أعظم آية لي من كلامي لأنّ نور صبح الأزل أشرق على علانيتي بمثل سريرتي ولا أقول لك أصغر من ذلك وأستغفر الله عن التّحديد بالكبير وإليه أنيب

وإنّ ما كتبتَ من مباحثة السّيّد - رحمة الله عليه - في البغداد مع علماء السُّنَّة وقبول الحقّ عنه فلا أعلم به ولا يقبل أحد منهم دينه إلّا الزامهم أنصف في دين الله اليوم كلّ المخالفين ليكونون أشدّ إلزامًا بالأمر من عجزهم عن الإتيان من الآثار أو في زمان الشّيخ أو السّيّد - رحمة الله عليهما - ولا شكّ في ذلك عند أولي الألباب

وإنّ ما كتبتَ من أثر نفس الكامل من العرفاء وثبوت ذلك في حقّ حامل ذلك الأمر وعجزك من جواب نفسك من هذا اتّق الله ولا تتّبع هواك فإنّ الله عزّ وجلّ يقول مخاطبًا لحبيبه: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ فأيّ نفس تكون أقوى من نفس محمّد - صلّى الله عليه وآله - فكيف لا يبدّل نفوس ذي قرابته عن الكفر بالإيمان وكذلك الحكم من الذّرّة إلى الذّرّة بل إنّ الله جعل أمره واضحًا ثابتًا بحيث يدركه كلّ النّفوس ثمّ قال عزّ ذكره: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ ثمّ قوله: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ ثمّ قوله: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ مع أنّه لا شكّ بأنّ محمّد - صلّى الله عليه وآله - لو شاء بهداية الكلّ بمشيّته الحتميّة فإنّ الله هدى النّاس جميعًا ولكن تنبّأ الكلّ هداية الكلّ بما قبل وشاء حكم ربّه فمن أدرك السّعادة دخل في الّدين ومن اتّبع هواه فقد علم بحكم الله ثمّ بعد ذلك ليكوننّ من المشركين

قل أخاف وأرجو عفوه وعقابه واعلم حقًّا إنّه حكم عدل فإن يَكُ عفو فهو تفضّل وإن يَكُ تعذيب فإنّي له أهل "أَلَا أَيُّهَا المَوْتُ الَّذِي لَيْسَ تَارِكِي *أَرِحْنِي فَقَدْ أَفْنِيْتَ كُلَّ خَلِيْلِ *** أَرَاكَ مُصِرًّا بِالَّذِينَ أُحِبَّهُمْ * كَأَنَّكَ تَنْحُو نَحْوَهُم بِدَلِيْلِ"

فكلّما ألقيت لك جواب موجز لسؤالاتك وأمّا الجواب المفصّل يظهر لك بالتّفكّر في الكلمات الموجزة وإنّني أنا أجبتك حينئذٍ في الجبل الّذي أكون فيه مجبورًا بعد قدرتِي على غير ذلك فأحمد الله الّذي فرغني لعبادته ومناجاته والثّناء عليه وعلى محمّد وأوليائه وإليه أشكو بثّي وحزني وعليه أتّكل في وحدتي وغربتي كفى بالله وكيلا وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً

المصادر
المحتوى
المرفقات
bab-pub01-02-ar-notes
OV