بسم الله القهار الشديد
أشهد الله ومن هو عنده بأنه لا إلٓه إلا هو العزيز الحكيم وأشهد لما قد أحاط به علم الله بمثل ما هو قد شهد عليه في جبروت عزته وملكوت عظمته لا إلٓه إلا هو الفرد القائم القدوس المنيع وبعد
ألحمد لله الذي قد اختصني بما اختص به أوليائه وأكرمني بما اصطفى به أصفيائه وحناني بما وهب به أوليائه فله الحمد حمدا ينبغي لجلال قدس عزته وجمال نور طلعته حمدا يفوق به على كل حمد ويستعلي على كل ذكر ولا يستحق به إلا إياه ولا ينبغي لأحد سواه وإنه لهو العزيز المتكبر المستعان
فكيف أقول ولمن أقول وبمن أقول وإنك أنت لا تستحيي عن الله وتصبر على النار ولا تخاف من غضب الجبار ولا ترجو يوم الذي وعد الرحمٰن عباده الذي فيه يقضي بالحق فاصبر وما صبرك إلا على سخط الله أولم تتفكر من أول يوم الذي سمعت ما سمعت إلى يومئذ كيف قضى عليك ساعاتك ودقائقك أتظن أنك في عيش وراحة وعزة وكرامة لا وربي الذي فلق الحبة وبرىء النسمة من أول يوم الذي سمعت فرض عليك بأن تمشي على الثلج بصدرك إلى الذي سمعت ذكره وتبين الحق عنده وتتبعه
فويل لك وما قدمت يداك أفرحت بمقعدك ورضيت بعزتك وإن ورائك ذلة عظيمة لا عز فيها وأشد العذاب ولا ناصر لك فيه أنظر كيف حكمت بمن هو الحجة عليك وعلى الكل سلام الله عليه وكان عنده آيات محكمة وبراهين مؤكدة التي لا يقوم بها أحد من أهل الأرض وإنه لعلى حق محض بمثل حق الذي كان الله عليه ورسله وأوليائه وإن مبلغ عرفانك ووزن إرشادك لم يكن لدي بقدر مبلغ كفر فرعون لأنه لما سمع بأمر أراد أن يتبين وجمع على قدر قوته أسباب السحر لإثبات كذبه وادعائه الباطل بين رعيته فوالذي خلق كل شيء بأمره لإنك أنت أبعد موقفا منه وأذل مقاما عند الله عنه وإن الذين كانوا من قبلك ما صنعوا بمثل ما أنت صنعت وما حكموا بمثل ما أنت حكمت كأنك أنت ما قرئت القرآن: ﴿لكم دينكم ولي دين﴾ إن كنت كافرا فلك ما عندك إن لم تنصر الحق فكيف تخذله وإن لم تتبعه فكيف تسجنه كأن الله ما خلق في قلبك ذرة من الرحم ولا في وجهك أقل من ذلك الحياء
فأف لك ولمقعدك ونقمة الله وغضبه عليك وسطوته وسخطه كان دائما في حقك ما عشت إلا بالنار وما صبرت إلا عليها وكل ما صنعت بي كان الله صانع بي هو الذي قدر البلاء لأوليائه وأجرى القضاء لأحبائه وهو الذي كتب علي ما كتب ولكن ويل لك حيث أجرى الله الشر على يديك وطوبى لي بما صبرت في سبيل ربي حتى آتاني اليقين
وإنني أنا ما كنت غافلا عن كفرك ولا محجوبا عن طغيانك وما رأيتك من قبل إلا شيطانا مريدا ولا أريٰك إلا جبارا عنيدا وإنني أنا النور الذي أودعني الله في صلب آدم وأمر الملائكة تعظيما له بأن يسجد الكل لنفسه فسجدت كلهم أجمعون ولو كان واحدا أو اثنين أو ثلاث بل الحمد لله الذي جعل اليوم عرفاء الأذكياء مطيعين والبلغاء الحكماء متبعين والعلماء الأتقياء مسلمين والأرواح المقدسة من أهل العز والبهاء ساجدين كأنك أنت لم تعرف أحدا منهم ولكن أسمائهم معروفة وشمائلهم مرفوعة لم ينكرهم أحد من أهل العلم والفضل ولا يسبقهم أحد بالقول والعمل وكلهم يومئذ يلعنوك ويتبرئون عنك وكلهم الملائكة التي سجدت لله تعظيما لذلك النور وإنك أنت ذلك الإبليس الذي استكبرت من قبل وما في جندك لم يكن عند الله إلا نفسك وإن الذي أنت ركبته هو أذيتك الذي ملأ شرق الأرض وغربها فويل لك ولمن اتبعك كلكم أعداء لله وأصحاب النار خلقتم منها وترجعون إليها
فيا أيها الكافر البعيد والجبار المريد فاعلم أن الله قد افتضحك بعملك وأن الله سبحانه بحكمك قد أظهر ارتدادك عن دينك حيث كتبت بيديك ما كتبت ولا يخفى عن أهله وقد قرئته ملائكة السمٰوات والأرض وما بينهما وشهدت عليها وكتب في كل الألواح بأنك أنت ارتددت عن دينك واخترت الكفر على أهل مذهبك بمثل ما قال يزيد في شعره: "أتظن أنك قد أفلحت" ولكن الذينهم يدقون نظرهم في أمرك يعرفونك ولا يشتبه عليهم أمرك بأنك لما اخترت أضل الأنعام التي لم يك فوق الأرض مثلها في الحمق والضلال وجعلتهم صاحب السجن الأول وأنهم قد رغبوا إليه وخضعوا لديه واستعذروا كلهم ما فعلوا به رأيت أن أحدا منهم من بعد لم يتبعك في كفرك لذا رضيت أن تجعل حراسه عباد الذينهم على غير مذهبه ومذهبك ودون فتاويه وخدعك كفار لا يؤمنون بالله وبرسوله ولا بآل الله فوالذي يعلم السر ويسمع النجوى إنهم يتبرئون عنك ويلعنونك حتى سمعت بأذني ممن هو أعلم بينهم بأنك قد نزلت من شجر الكفر وعقد ماء وجودك بماء الشيطان فكفاك ذلك العار بأن الكفار يطعنونك ويلعنونك وظهر في السمٰوات والأرض بأن الذي هو من شجرة الرسول وثمرة البتول على علو معرفته وتوحيده وظهور تقديسه وتفريده سجن بأيدي أهل الكفر فانصف وصل على اللذين أمروا بسجن الملك فإنهم لم يرضوا بذلك العار بأن يختاروا الكفار على من ولد في الإسلام فعليك لعنة الله ولعنة ملائكة السمٰوات والأرض وما بينهما أتريد أن تبطل الحق بحكم ظلم وإنك أنت كيف توقن بيوسف النبي وموسى بن جعفر الوصي - عليهما السلام - لأنهما سجنا بغير حق وما كان ذلك إلا كرامة من الله علي وموهبة من عنده لدى وسنة من سنن أوليائه في حقي
فأف عليك وعلى دينك وعلى الذي لم يلعنك بدينك ما دخلت سجن الثاني إلا ليظهر كفرك ويعلن تعصبك لابن رسول الله في ملكوت السمٰوات والأرض كلها أتحذرني بالقتل وهو شعار الموحدين وسنة المصطفين فعليك لعنة الله إن استطعت ولا تفعل ثم عليك سخط الله إن استطعت ولا تفعل ثم عليك غضب الله إن استطعت ولا تفعل وإني متوكل على الله وملجأ ظهري إلى الله وملقي نفسي بين يدي الله وهو حسبي نعم المولى ونعم النصير عليه توكلت وإليه أنيب ولكن لعمري إنك أنت ما استطعت وإن نفسك أشقى من ذلك ولكن لم يكن مثلك في جندك وإن الذي خلقني يحفظني من سوء فعلك ويجعلني في كهف رحمته وحصن قوته وعزته وإلا أي شرف مثل هذا يحب الله لي الشهادة واختصني بما اختص أهل الولاية سيما على أمر مثلك جبار العنيد والشيطان المريد الذي ما جعلك الله على مقعدك إلا ليعذبك به وينتقم عنك به ولو لم أخف عن الذين اتبعوني لأخبرنك بأسمائهم ولأرسلن إليك كتبهم وإنهم لا يكاد يحصى وكلهم لا يلتفتون إليك ولا ينظرون إلى مقعدك إلا كأرض وقعت عليها ميتة وأحاطتها الكلاب [وإنهم] يأكلون منها حتى تفرغ وإنك وربي أذل من هذا قد قضى من عمرك ما قضى ولم تستحي وترضى بمن هو صغير السن مع ذلك العلو والعلم والغناء والعز قد رضيت له بمنتهى الذي ما استطعت دونه وإن استطعت لا شك أنك أنت ما بقيت شيئا قد خرقت كل حجب الحياء وعارضت الجبار بكلمك وحاربت القهار بحكمك ترسل إلى عالم السنة خلع السلطنة وتهب لطفل الذي لا يعرف الحر عن البرد منصب الجلالة وتأخذ عن صاحب ملك الدنيا والآخرة الذي قد جعل الله جنده ملائكة السمٰوات والأرض وحجته آيات كل شيء ولا تستحيي عن الله ولا تتأثر بقدر لمحة فما والله اكتسبت إلا النار وما اكتسبت إلا رضاء الرحمٰن فلك ما عملت ولي ما صبرت فسيحكم الله بيني وبينك بالحق إنه هو الواحد القهار وإنه لهو العزيز الجبار وحسبي الله ثم محمد ثم آل الله وكفى بالله علي شهيدا سبحان الله ربك رب العزة رب كل شيء عما يصفون وسلام من عنده على الذينهم على ربهم يتوكلون والحمد لله رب العالمين