فإذا شاهدت سرّ الأمر فاشهد بأنّي الآن في مقامي هذا في البيت وحدي لأنطق في حكم باطن الباطن كما نطق سيّد الشّهداء - عليه السّلام - في ذلك اليوم لحكم باطن الظّاهر ولا يعرف من كلماتي أمر الموهوم فإنّ الأمر لو يظهر بحقيقته في عالم الأجساد لترى في الظّاهر والباطن كذلك ولا يخفى أنّ لأجل ذلك الأمر البديع قد جمعوا على الأرض المقدّسة رجال كثير وإنّي لو أردت لأغلب على الطّوائف كلّها ولكن أحببت أن يجري القضاء مخالفًا لهواي لينكسر قلبي ويحزن سرّي ويتغيّر فؤادي لأنّي كنت في حكم الباطن مشابها في البلاء بالحسين (ع) في حكم الظّاهر وذلك ممّا أخذ اللّه بالعهد منّي ليشرك حكمي بحكمه ... ولكن لمّا نزل بي صبرت في اللّه ورضيت بقضائه وأقول لن يصيبنا إلّا ما كتب اللّه لنا عليه توكّلت وفيه صبرت وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون وإنّ أعظم ما نزل بي عمل خؤار الولياني في ظلمه وإنّي حين الّذي كتبت الورقة لحكم ردّه كأنّي سمعت مناديًا ينادي في سرّي أَفْدِ أحبّ الأشياء إليك كما فَدَى الحسين - عليه السّلام - في سبيلي ولولا كنت ناظرًا بسرّ الواقع فو الذي نفسي بيده لو اجتمعوا ملوك الأرض لن يقدروا أن يأخذوا منّي حرفًا فكيف عبيد الّذي ليس لهم شأن بذلك وإنّهم مطرودون مقابل أبناء جنسهم وعاجزون على شأن لم يقدروا أن يأتوا بحديث مثل آياتي ولكن الحكم ما أشرت لك في سرّ الباطن ليعلم الكلّ مقام صبري ورضائي وفدائي في سبيل اللّه مع آيات الحقّة الّتي قد جعل اللّه في يدي حيث لم يقدروا أن يغلبوا عَلَيَّ جميع أهل الأرض وبذلك فديت من آثار نفسي في سبيل اللّه لأنّ فداء النّفس لأجلّ إثبات الحقّ وذلك لم يعادل شيئًا في الأعيان فلله الحمد والمنّة قد صبرت في ذاته وفديت أعظم ما قدّر اللّه لي في سبيله وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيِّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ وما قدّر اللّه بعد ذلك الفداء فداء وإن اجتمع الكلّ ولا لمن أخذ الورقة نصيبًا قل له تمتّع بكفرك قليلاً إنّك من أصحاب النّار ولا تحسبن اللّه بغافل عمّا يعمل الظّالمون ولولا أراد اللّه ظهور بلاء سرّ باطن الباطن تلقاء باطن الظّاهر لا يقدر أحد أن يجترح عَلَيَّ بشيء ولكنّ اللّه قد شاء أن يراني مظلومًا في أيدي الظّالمين بعد ما اجتمع آلاف من الخلق لنصرتي وكذلك قد شاء اللّه أن يراني في الفداء أطيب آثاري وإنّه قد شاء أن يراني في مثل ذلك اليوم في البيت وحدي وإنّ حزب الشّيطان يشتغلون بحربي في الرّدّ بسيوف الكلمات الّتي أعظم من سيوف الحديد ولو أن لإظهار حكم ظاهر الباطن قد تحمّل - عليه السّلام - في جسده ألفين إلّا خمسين ضربا من آلات الحرب وإنّي بحقّه - روحي له الفداء - لأكثر من ذلك العدّة قد تحمّلت بقلبي في سبيله من كلمات أهل البعد وأشاهد قلبي من سيوف كلمات الأعداء إِرَبًا إِرَبًا ... (إلى قوله) ...
وإنّي إلى الآن ما ادّعيت إلّا العبوديّة للّه وحده و لأجل ذلك قد أظهرت أربعة كتاب محكم وعدل عشرة صحيفة متقن الّذي كلّ واحد منه لو كان في أيدي أحد غيري لسخّر الأرض كلّها بحجّة لامعة بالغة بحيث لا يقدر أن ينكره أحد إذا أنصف ولكنّي من غناي باللّه مع ذلك الإسم الأكبر والحجّة الأعظم جلست في بيتي وحدة رضاء لوجه اللّه سبحانه ورضيت بظلمي اتباعا لفعل الحسين - عليه السّلام - مع قدرته وجباريّته ... (إلى قوله) ...
فإذا وحيدا في البيت متكّلاً على قلمي أُنادي بأعلى صوتي فهل من ناصر ينصر حكم باطن الباطن بآيات محكمة بلسانه أو بجسده أو بماله أو بآثاره أو بكتابه فهل من ذابّ يذب عنّي ردّ المعرضين وشبهة المشبّهين وطغيان المعتدين فهل من ذي رحم يبكي عليّ ويبطل من حولي شرّ الملحدين فهل من ذي روح يسمع بكائي ثمّ يقوم لنصرتي ثمّ يظهر آيات محبّته في حقّي فهل من عزيز يعزّني بحكم اللّه الأظهر إنّ العزّة للّه ولرسوله وللمؤمنين وهل من ذي غضب يغضب على أعدائي ليقرّ بذلك عيني فهل من ذي قوّة يقوّينا وهل من ذي عزّة ينقطع إلينا فنحمد اللّه الّذي سيريكم آياته فتعرفونها ولم يجبني الآن أحد فيا أيّها الملأ من المعتدين هل غيّرت فيكم سنّة أو بدّلت شريعة أحللت ما قد حرّم الطّهر أحمد أحرّمت ما قد حللّ الطّهر كاظم أم ادّعيت في شأن دون العبوديّة أم ادّعيت شأن الرّبوبيّة في دون هيكل العبوديّة فما لكم يا أيّها الملأ لأيّ شيء تنكروني وأنا بن العليّ ولأي شيء تجحدوني وأنا بن الوصيّ فهل فيكم يا قوم ذي رحم فيدفع عنّا كيد الجبابرة وهل فيكم ذي علم ليبطل جهل المعرضين بحلمه اللّهمّ إنّك لتعلم قد أتممت الحجّة وأكملت النّعمة لمن ورد على تلك الآيات في ذلك اليوم الأكبر فيا أيّها الشّيطان فهل في حزبك ذي كتاب محكم وصحائف متقنة يبارز ابن محمّد في وحدته ويحارب معه بآيات عزّته الّتي قد جعل اللّه سيف قدرته فَلِمَ لَمْ يجب اليوم منكم أحد اللّهمّ إنّك لتشهد قد أسمعت الكلّ بكائي ولم يبارزني اليوم أحد ومن قبل من لم يقدر بإتيان حديث وإنّه خؤار أبخل من كلّ دني طلب دمي وأنا فزت بنفسك وأجريت قلم المداد على لوح دعوته بما كتب إليّ لأكون بذلك من المستشهدين وإنّ بمثل ذلك فليحارب المؤمنون ويقتل الموحّدون إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل اللّه أموات بل أحياء ولكنّهم قوم لا يشعرون فأنا ذا اقرء نسبي بمثل ما قرء الحسين - عليه السّلام - في ذلك اليوم وكفى باللّه شهيدًا كفر القوم لما قد أعرضوا عن جمال اللّه وجه الحرمين طعنوا أحمد ثمّ كاظمًا أجمعوا في ظلم ابن السّنتين ... (إلى آخر بياناته)