
أَنْ يا عبدُ أن استمع ما يُوْحَى إليك عن جهة عرش ربّك العليِّ العظيم، بأنّه لا إله إلّا هو قد خلق الخلق لعرفان نفسه الرحمن الرحيم، وأرسل إلى كلّ مدينة رسولا من عنده ليبشّرهم برضوان الله ويقرّبهم إلى مقعد الأمن مقرّ قدس رفيع
ومن الناس من اهتدى بهدى الله وفاز بلقآئه وشرب من أيادي التسليم سلسبيل الحيوان وكان من الموقنين، ومنهم من قام على الإعراض وكفر بآيات الله المقتدر العزيز العليم
وقضت القرون وانتهت الأيام إلى سيّد الأيام يوم الذي فيه أشرقت شمس البيان عن أفق الرحمن وطلع جمال السبحان باسم عليّ عظيم، إذًا قام الكلّ على الإعراض ومنهم من قال إنّ هذا إلّا رجل افترى على الله العزيز القديم، ومنهم من قال به جِنَّة كما تكلّم بذلك أحد من العلمآء في محضري وكنّا من الشاهدين، ومنهم من قال ما نطق على الفطرة بل سرق كلمات الله وركّبها بكلمات نفسه وبما خرج من أفواههم قد بكت عيون العظمة وهم كانوا على مقاعدهم لَمن الفرحين
وقال يا قوم تالله قد جئتكم بأمر الله ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين، ويا قوم لا تنظروا إلى ما عندكم فانظروا بما نزل من عند الله وإنّه خيرٌ لكم عن كلّ شيءٍ إن أنتم من العارفين، ويا قوم فَأَرْجِعُوا البصرَ إلى ما عندكم من حجّة الله وبرهانه وما نزّل يومئذ ليظهر لكم الحقّ بآيات واضح مبين، ويا قوم لا تتّبعوا خطوات الشيطان أَنِ اتّبعوا مِلَّة الرحمن وكونوا من المؤمنين، هل بعد ظهور الله ينفع أحدًا شيءٌ لا فَوَنَفْسِي المقتدر العليم الحكيم، كلّما زاد في النُّصح زادوا في البغضآء إلى أن قتلوه بالظّلم أَلَا لَعْنَةُ اللهِ على الظالمينَ
وآمن به قليل من الناس وقليل من عبادنا الشاكرين، ووصّى هؤلآء في كلّ الألواح بل في كلّ سطر جميل، بأن لا يعتكفوا حين الظهور بشيء عمّا خلق بين السموات والأرضين، وقال يا قوم إنّي قد أظهرت نفسي لنفسه وما نَزَّلَتُ البيان إلّا لإثبات أمره اتّقوا الله ولا تتعرّضوا به كما اعترضوا عَلَيَّ ملأ الفرقان وإذا سمعتم ذكره فاسمعوا إليه وخذوا ما عنده لأنّ دونه لن يغنيكم لو تتمسّكوا بحجج الأوّلين والآخرين
فلمّا قضت أَشْهُرٌ معلوماتٌ وسنينٌ معدوداتٌ قد شُقَّت سمآء القضآء وأتى جمال عليّ بالحقّ على غمام الأسمآء بقميص أُخرى إذًا قاموا على النفاق بهذا النور المشرق عن شطر الآفاق ونقضوا الميثاق وكفروا به وحاربوا بنفسه وجادلوا بآياته وكذّبوا ببرهانه وكانوا من المشركين، إلى أن قاموا على قتله كذلك كان شأن هؤلآء الغافلين
فلمّا شهدوا أنفسهم عجزآء عن ذلك قاموا على المكر ويأتون في كلّ حين بمكر جديد، ليضيع به أمر الله قل فويلٌ لكم تالله بذلك يضيع أنفسكم وإنّ ربّكم الرحمن لغنيّ عن العالمين، ولن يزيده شيءٌ ولن ينقصه أمرٌ إِنْ آمنتم فلأنفسكم وَإِنْ كفرتم يرجع إليكم وكان ذيله مقدّسا عن دنس المشركين
أن يا عبدُ المؤمنُ بالله تالله لو أريدُ أن أذكر لك ما ورد عَلَيَّ لن تحمله النفوس ولا العقول وكان الله على ذلك شهيد، وإنّك أنت فاحفظ نفسك ولا تعقّب هؤلآء وكن في أمر ربّك لمن المتفكّرين، أن اعرف ربّك بنفسه لا بدونه لأنّ دونه لن يكفيك بشيءٍ ويشهد بذلك كلّ الأشياء إن أنت من السامعين
أن اخرج عن خلف الحجاب بإذن ربّك العزيز الوهّاب ثمّ خذ كأس البقآء باسم ربّك العليّ الأعلى بين الأرض والسمآء ثمّ اشرب منها ولا تكن من الصابرين، تالله حين الذي يصل الكأس إلى شفتاك ليقولنّ أهل ملأ الأعلى بِأَنْ هنيئًا لك يا أيّها العبد الموقن بالله وأهل مدآئن البقآءبِأَنْ مريئًا لك يا أيّها الشارب من كأس حبّه وينادي لسان الكبريآء بِأَنْ بُشرى لك يا أيّها العبد بما فزتَ بما لا فاز به إلّا الذينهم انقطعوا عن كلّ من في السموات والأرض وكانوا من المنقطعين.