
نبّئ عبادي بالّذي جائهم بالحقّ باسم عَلِيٍّ وأشرق عن أفق القدس بأنوار عزّ محبوب، وجرت عن يمينه أنهار الرّوح في بدائع علم مكتوم
قال يا قوم قد ارتفعت غمام الحكمة وجاء اللّه بأمره وهذا ما وعدتم به في كلّ الألواح اتّقوا اللّه ثمّ إِلَيَّ فأسرعون، ويا قوم أنا ابن نبيّكم قد جئتكم بآيات الّتي تتحيّر عنها العارفون، وهذه من حجّة اللّه وبرهانه لا تدحضوها بظنونكم ثمّ في أنفسكم فأنصفون، وهذه من شريعة اللّه قد شرع لكم بالحقّ إن أنتم توقنون
ويا قوم فواللّه ما أريد إلّا اصلاح أديانكم في كلّ ما أنتم اليوم فيه مختلفون، ويا قوم هذه من نسمات الرّوح يهب عليكم ويقلّبكم من الموت الفانية إلى الحيوٰة الباقية إن أنتم إليها تتوجّهون، ويا قوم قد اثمرّت شجرة العلم في هذه السّدرة الأزليّة وفصّلت نقطة الأوّليّة وتمّت كلمة اللّه المهيمن القيّوم، ويا قوم قد كُشف الجمال ورُفعت الحجبات وغنّت الورقاء واستنار جوديُّ القدس واستضاء كلّ من في السّموات والأرض إن أنتم بعين الرّوح تشهدون
قالوا ما نراك على حقّ وما وجدنا في أيّامك ما وُعدنا به في كتب آبائنا وما نتّبعك ولو تأتينا بكلّ آية قال يا أيّها الملأ اتّقون
فانظروا إلى ما جعله اللّه حجّةً باقيةً وبرهانًا ثابتةً لمن في السّموات والأرض إن أنتم تعرفون، ويا قوم كلّ ما أنتم تنتظروه وسمعتم من آبائكم وعلمائكم يثبت بالآيات وهذه من آيات القدس الّتي ملأت كلّ من في السّموات والأرض كما أنتم تشهدون
إن لن توقنوا بالآيات فبأيّ شيء أنتم اليوم في دينكم تطمئنّون ولدونكم تستدلّون، سيفنى الدّنيا وما فيها وعليها وأنتم في محضر القدس بين يدي اللّه تحضرون، ويا قوم لا يمنعكم زخارف القول عمّا سمعتم من علمائكم ولا تشتبهوا الأمر على أنفسكم واستنصحوا بنصحي ثمّ بنصح اللّه لا تكفرون
كلّما زاد الذّكر في ذكر اللّه ما زادوا إلّا طغيانا إلّا أن أفتوا عليه العلماء كلّهم إلّا الّذينهم اطّلعوا بسنن اللّه العزيز المحبوب، وبلغ الأمر إلى أن اجتمعوا على قتله حتّى علّقوه في الهواء وضربوا عليه أفواجُ الكفر رصاصَ قهر مبغوض، وشبّكوا جسد الّذي يخدمه روح القدس وزاروا ترب قدميه أهل ملأ الأعلى وسكّان الفردوس بنعاله يتبرّكون، وبذلك بكت عيون الغيب في سُرَادِق البقاء وتزلزلت أركان العرش واهتزّت جواهر الوجود وتمّت سقاية الشّجرة في نفسه من هذا الدّم المنير المسفوك
فسوف يُظهر اللّه سرّ هذه الشّجرة ويرفعها بالحقّ ويغنّ بأنّه لا إله إلّا هو وكلٌّ عبادي خلقناهم لأمري وكلٌّ بأمري عاملون
وهذا ما كتبنا لنفسنا الحقّ بأن نرفع الّذين استُضعفوا في الأرض ونضع الّذينهم يستكبرون، وما أرسلنا من رسولٍ ولا من نبيٍّ ولا من وَلِيٍّ إلّا وقد اعترضوا عليهم هؤلاء الفسقة كما تشهدون اليوم هؤلاء الفجرة كانوا أن يعترضون
وما أعرض النّاس في عهد إلّا بعد الّذي أعرضوا علمائهم واستكبروا على اللّه وكانوا بآيات اللّه يحجدون، فكلّما أعرضوا أعرض الّذينهم اتّبعوهم في هواهم وما آمنوا منهم أحد إلّا الّذين أوتوا بصائر القدس وامتحن اللّه قلوبهم للإيمان وسقاهم من كئُوس قدس مختوم، ختامها من مسك الرّوح وهم عن خمر الإيقان من هذا الكأس مسكَرون، أُولئك هم الّذين يصلّون عليهم ملائكة الفردوس في جنّة البقاء وهم في كلّ آنٍ بفرح اللّه يستفرحون
وما بعثنا من نبيٍّ إلّا وقد كفّروه العلماء وفرحوا بما عندهم من العلم كما كانوا اليوم بعلومهم كانوا أن يفرحون، قل يا معشر العلماء أَتَدَعُونَ بَعْلاً في أنفسكم وتَذَرُونَ الّذي خلقكم وعلّمكم ما لا تعلمون
وأنتم يا ملأ الأرض تفكّروا في أمر هؤلاء الفسقاء وبما اكتسبوا من قبل وبكلّ ما كانوا اليوم كانوا أن يكتسبون وبه يشتغلون، قل إن لم يكن هذا الّذي جائكم بآيات بيّنات على حقّ من اللّه كما أنتم اليوم في مقاعدكم تقولون، فبأيّ بيّنة تستدلّون بالحقّ للّذي أرسلناه باسم محمّد من قبل إذًا يا ملأ البغضاء في أنفسكم فأنصفون